الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاضل الغزي : يفاوض الضمير الانساني في الحب ، رواية (غواية العزلة) أنموذجا

وجدان عبدالعزيز

2016 / 3 / 6
الادب والفن


عالم السرد عالم ينطوي على الكثير من الاسرار الكامنة بين فضاءاته المفتوحة على عوالم الحياة بكل تناقضاتها المختلفة ، ولا سيما عالم الرواية التي هي فن يتولى سرد الاحداث بضمها الكثير من الشخصيات المختلفة في انفعالاتها وصفاتها واحوالها النفسية ، وتنطوي الرواية على جماليات بارزة في الفن الادبي النثري ، كون النثر يمتلك الحرية المرنة المنفلتة من عالم الشعر المحكوم بالتكثيف اللغوي والمعتمد على بلاغة الكلمة اكثر من بلاغة الجملة ، ولا تخلو الرواية من صعوبات وتعقيدات ، لكن لها تأثير كبير في المجتمع ، حيث تتحدث عن المواقف وتجارب البشرية في زمان ومكان معينين. وتعطينا عبرة ونصيحة أو قصة ودرس نستفيد منه في المواضيع العاطفية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والنفسية...وهي جنس أدبي خيالي حديث. يعتمد السرد والنثر. وتجتمع فيه مجموعة عناصر متداخلة؛ أهمها الراوي والأحداث والشخصيات والزمان والمكان. وتتميز عن الملحمة القديمة باعتمادها النثر وتصويرها للإنسان والمجتمع الواقعي واستبعادها للخوارق والغيبيات. وتتميز عن السيرة (الذاتية) بطابعها الخيالي، وعن القصة القصيرة بطولها، وعن المسرحية باعتمادها السرد وليس التقديم المباشر. واستنادا إلى جورج لوكاتش، تعد شكلا من أشكال الثقافة الحديثة. ارتبط تطورها بظهور المجتمعات البرجوازية في الغرب. فالرواية جاءت لتصور الأزمة الروحية – على حد وصف لوكاتش لها- للإنسان الحديث الذي يعيش موزعا بين واقع حقيقي مليء بالمتناقضات وواقع افتراضي مثالي يحلم به.وتطور هذا الجنس في الغرب في القرن التاسع عشر ، ثم انتقل الى العالم العربي بعد الاتصال بالغرب وظهور الطباعة والترجمة .. وشهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر أولى محاولات التأليف الروائي في اللغة العربية. منها محاولة سليم البستاني، في كتابه “الهيام في جنان الشام” سنة 1862، ومحاولة علي مبارك (علم الدين)، وروايات جورجي زيدان التاريخية. ومن أبرز تلك المحاولات (حديث عيسى بن هشام) التي نشرها محمد المويلحي مسلسلة في مجلة مصباح الشرق بين سنة 1900 وسنة 1902. ولأنه كان محافظا- فقد أراد أن يستخدم القالب الروائي لتصوير التناقضات التي كان المجتمع المصري الحديث يعاني منها آنذاك، لكن مع اعتماد لغة نثرية تذكرنا بأسلوب المقامات العربية. واليوم هناك إجماع في الأوساط النقدية أن رواية (زينب) التي نشرها محمد حسين هيكل سنة 1912 هي أول رواية عربية ناضجة. ولاشك ان الرواية العراقية اخذت في تصاعد تطورها كمثيلاتها في الدول العربية ، بتلك العوالم التي تأخذ فضاءاتها من الواقع في خضمه المتلاطم ، غير انها تحاول بناء فضاء اخر ، لاستعياب رؤى كاتبها ، وهنا تعكس من جانب اخر قدرة الكاتب على بلورة وجهة نظره في معالجة الفكرة بمساحة كتابية ، قد تميل نحو التكثيف ومحاولة اجلاء الفكرة واضاءة جوانبها اي ما تحمله من شعرية ، كما جاء بناء رواية (غواية العزلة) للكاتب فاضل الغزي الصادرة حديثا من دار تموز 2015م ، حيث تأسست الفكرة وانطلقت من مدينة (ام الودع) ، بفضاء واقعي احاطه فضاء متخيل ، اي ان هناك مدينة لامرئية افترضها الكاتب وانطلق في محاكاة اجواء عاشها واجواء يحاول ان يعيشها ، حتى (بدا العالم بعينيه مسطحا وتافها ، وهو يغادر المكان الذي لايعرف من دعاه اليه اول مرة ؟ او لماذا تركه بهذه السهولة من دون ان يعرف لماذا يتركه هكذا ، من دون معرفة اسراره المعتمة .. المفاجآت تكمن فيما نجهل دائما) الروايةص8 ، هذا المجهول الذي حمل الكثير من الاسئلة احاله الى باحث عن سبب معقلن في تفسير تلك الاسرار والمجاهيل التي تختفي وراء تلك الاسئلة .. وبقيت محاولات الكاتب الغزي مستمرة في كسر رتابة الاحداث المؤلمة في ايجاد معادلات موضوعية لاضاءة ما هو معتم .. والظاهر رواية (غواية العزلة) اخذت منحى الاسئلة المتوالدة من رحم غرابة الاحداث مثل سؤال من أين أنا ؟ وهل هو يعيش دوامة التذكر والنسيان؟ ، فمدينة الكاتب الحقيقية المحترقة دوما ، فرضت عليه ايجاد مدينة اخرى متخيلة ، يفاوض من خلالها الضمير الانساني في الحب ، (هذه المدينة لاتحب احدا لكنها لاتسيء لاحد ، من الجميل ان تجد مدينة بوادعة وشغف ام الودع وانسانها الكائن الذي لو امضيت معه نصف عمرك لما عرفت له غورا او وقفت معه على قرار ، صادقا كان ام كاذبا ، جادا ام هازلا . انسان ام الودع ملون بالوان قزحية ، متشظيا على وجه الارض . لم تعد ام الودع مدينة غزل واريحية ، فقد غابت عيون الفاتنات وراء غيوم الفراق والانتظار امام الشرفات العانسة . ولم يتبق لها سوى محض ذكريات عالقة باهداب ماطرة بدمع الرجاء ، وايماءات منكسرة بليل الالم . خواطر وحسرات تمر من هنا ، لكنها سرعان ما تتوارى وراء من تواروا فجأة وبلا قبلة للوداع ، حتى تلاشت ملامحهم من طيف الذاكرة العنيدة)الرواية ص13ـ14 ، اذن العلة في متناقضات الاشياء الحادثة في المدينة ، جعلت من انسانها الذي يعيش في اكنافها يعاني من حالات ازدواج هي التي خلقت محنة الكاتب في معالجته للامر ، فهو لم يقف على (قرار صادقا كان ام كاذبا ، جادا ام هازلا) ، فانسان المدينة ملون بالوان قزحية ، وحتى جمال الفاتنات اختفى وتحول الى حسرات تلتصق من خلال الانتظار بتلك الشرفات العانسة ، فـ(لم يُرتّق الزمن يوما حطام القلوب التي مزقتها الوحشة ، او يرأب كسرها المهيض)الرواية ص15 ، ناهيك عن تحولات زينب البصاص واختلافها مع عليه الخبازة ، (ماتعرفه زينب البصاص عن علية الخبازة يشكل لها ارقا مستديما وزينب البصاص بالنسبة لعلية الخبازة تشكل كابوسا مرعبا ، وهذا ما جعلها تشن حملة تشويه ضد زينب البصاص)الرواية ص31 ، وحملت الرواية الكثير من الاحداث والمعالجات على قصرها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان