الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية الغائبة بين الذريعة والضرورة .. سوريا للجميع

بدر الدين شنن

2005 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن علّقت الحريات العامة في سوريا بإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية صباح انقلاب 8 آذار 1963 ،، ووضع الشعب السوري خلف قضبان السجن الكبير ، كانت الذريعة الحرص على حماية " الثورة " من أعدائها " الرجعيين " ، وكانت المفارقة الكبيرة بين العنوان والخطاب .. بين الوسيلة والغاية .. كانت الكذبة .. الخديعة .. التي ضلل بها حزب البعث نفسه قبل أن يمارس التضليل بها على الشعب ، بوضعه الحرية في تناقض مع الركن الثاني من " ثالوث الثورة " ، وفي حالة انتفاء ضرورتها في حياة الشعب الذي زعم أنه قام بالثورة من أجله ، ما أفضى إلى الوقوع في الانفصام السياسي بين الادعاء بخدمة الشعب وبين الخوف من الشعب . ومع تفاقم المخاطر الإسرائيلية والدولية على سوريا في أواسط الستينات ، تجددت الذريعة لتعليق الحرية لمواجهة الإمبريالية والصهيونية والرجعية ، ما أدى إلى الإمعان في الانفصام السياسي ، وإلى تجاهل ا ستحقاقات تلك المرحلة ، التي كانت تتطلب بالدرجة الأولى إطلاق الحرية للشعب ، لتنظيم نفسه وتوحيد صفوفه ، ليدافع عن وطنه وعن مصيره . فكانت هزيمة حزيران المريرة المذلة ، التي ما زلنا نكابد من آثارها المدمرة حتى الآن ، والتي خلقت المناخ لمزيد من الانفصام والإنقسامات التي هيأت الشروط للإنحدار نحو الأسوأ

ومع إنقلاب " الحركة التصحيحية " 1970 الذي قاده وزير الدفاع آنذاك .. الرئيس الراحل حافظ الأسد .. على قيادته ورفاقه في الحزب والسلطة ، للقفز فوق مسؤوليته في الهزيمة ولملاقاة القرار الدولي رقم 242 المتعلق بالأراضي العربية المحتلة وتسوية الصراع العربي الإسرائيلي ، ، تم د سترة الاستبداد ، وتنصيب حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع . واعتبرت مساحة السياسة " الد ستورية " المقيدة بحالة الطوارئ والأحكام العرفية ، التي منحتها " الحركة التصحيحية " هي التعبير الأمثل للحرية، أي ا ستمرار بقاء الحرية في زنزانة الذريعة حتى ا شعار آخر ، وتجاهل الضرورة للحرية كحق إنساني قبل كل شئ

ومن المضحك المبكي أن هذه الذريعة صارت أماً تفقس ذرائع لاحصر لها ، حيث لم تعد تقتصر على الشؤون السياسية والأمنية ومن ثم الاقتصادية ، بل توسعت لتشمل حتى الشؤون الاجتماعية والثقافية والعائلية ، وباتت توظف حتى في مد بسطة لبيع المعلبات على الرصيف وفي فتح صالون حلاقة للسادة أو للسيدات . وثالثة الأثافي ما كرره الرئيس بشار الأسد في خطابه " التاريخي " الأخير الذي ربط تباطؤ الاصلاح وإصدار قانون للأحزاب ينظم ويشرعن الحياة الحزبية والسياسية بذريعة الظروف الخطيرة التي تمر بها البلاد ، نتيجة وقوع جزء مهم من رموز النظام تحت ضوء الشبهة في قضية اغتيال رفيق الحريري ، وتوظيف أميركا وفرنسا وبريطانيا ومجلس الأمن لهذه القضية للنيل من سيادة سوريا ولتحقيق مخططاتهم الشرق أوسطية ، من خلال التحقيق الخبيث الذي يقوده القاضي ميليس ، الذي يتجه بنتائجه المتوقعة لتسويغ الحصار الدولي لسوريا وتعريضها لمخاطر حرب مدمرة

وقد ا ستخدم الرئيس هذه الذريعة دون أي اعتبار لتجربة الشعب السوري المديدة طوال أكثر من أربعين عاماً مع الذرائع السابقة ، التي لم تحقق الغايات " التحريرية " المبررة لاستخدامها ، وإنما ا ستخدمت لتأجيل وانتهاك حقوقه المشروعة ، ولتغطية ا ستغلال أهل النظام للدولة والمجتمع ، ولتغطية القمع والتمييز السياسي ونهب المال العام . وهذا ما يفرض السؤال الغائب أو المغيب لدى ربط الرئيس عدم الاستجابة لاستحقاقات الداخل بذريعة مخاطر الخارج ، وهو ، كيف يمكن أن تخوض البلاد معركة وطنية مصيرية بنفس الآليات والرموز السلطوية التي أوصلتنا إلى هذا المستوى من الهشاشة والعجز والفساد ، حتى تحول الوطن أرضاً وشعباً ودولة إلى موضوع سهل تتداول القوى الدولية خرائط تمزيقه وا ستلابه ؟

لقد آن الأوان للتخلي عن ا ستخدام الذرائع المضللة باسم الغايات النبيلة والإعتذار للشعب عما ألحق به من أذى بسببها
لقد آن الأوان لوقفة صدق مع الذات ومع الوطن ، لإعادة .. توحيد الحرية مع الوطنية .. وتوحيد الوطنية مع الديمقراطية .. وتوحيد الديمقراطية مع العدالة
إن المخاطر المحيقة بالوطن ليست بنت اليوم ولن تكون الأخيرة خاصة في زمن الاستقطاب الأمريكي للعالم ، فعندما احتلت فرنسا سوريا عام 1920 ، لم هناك ميليس يتخابث أو يحرض على الاحتلال . وعندما جرى العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكياً عام 1967 ، لم هناك حريري مغدوراً به يستخدم قميصه لتحفيز العدوان ، والمخططات الأمريكية الصهيونية للهيمنة على سوريا ، لاستخدامها وا سطة ربط في خريطة الشرق الأوسط الكبير لاتعدم الذرائع للضغط على سوريا أو للهجوم عليها، المهم أن تسقط كل الذرائع ، التي تحول دون تحقيق الوحدة الوطنية وإطلاق الديمقراطية ومعافاة المجتمع سياسياً واقتصادياً وحضارياً ، وعندها لن تستطيع سوريا أن ترد المخاطر عنها فحسب بل وأن تصبح مصدر عون لأشقائها في الجوار العربي .. شرقاً وغرباً وجنوباً

لم تعد تجدي سياسة الذرائع والصفقات والمناورات لاستدامة النظام وللتقية
لم يعد يجدي الرهان على عامل الزمن لكسب الوقت أملاً بتغيير موازين القوى
لم يعد كافياً القول أن سوريا تتسع للجميع ، بل ينبغي القول أن سوريا للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض