الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السلمية(1)

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 3 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المعارضة السلمية هي صورة من صور الصراع على السلطة لفائدة الأغلبية المعترضة على السلطة الحاكمة . ولكن هذه العبارة " المعارضة السلمية " لم تكن مصطلحا منتشراً في زمن الانقلابات العسكرية ، لأن القوة العسكرية كانت السبيل الوحيد للتربع على العرش .. وحين هبّت رياح العولمة على العالم الثالث دخل المصطلح ومعه المفهوم بوصفه جزءا من إجراءات تداول السلطة والمناخ الديمقراطي ... والأخير يعني التساوي في امتلاك الوطن معنويا وماديا بين جميع مكوناته، أفراداً وجماعات ..
ولكننا في العالم الثالث ، كما في حالتنا في تلقي العالم المتقدم ، نأخذ المفاهيم دون اعتبار للظرف الموضوعي لتطبيقها، فأخذنا مفهوم " المعارضة السلمية " مبتورا من سياقه الاجتماعي التاريخي . وعليه يمكن أن نطرح السؤال الآتي :هل يمكن أن تكون المعارضة السلمية إجراء صحيّاً وفاعلاً في زمن الانقلابات العسكرية ؟! وهل هي إجراء ناجح لتداول السلطة في ظل دكتاتورية احتكارية ، خاصة إذا كانت تلك الدكتاتورية قادرة على إنشاء تحالفات داخلية وخارجية تمنع فتح حصونها مهما كانت القوة المهاجمة، وسُبل خطواتها . ؟!
هذه الأسئلة لا تهيئ لرفض مفهوم " المعارضة السلمية " وإمكانية تطبيقه كإجراء في العالم الثالث ، وإنما تهيئ لقراءة ملابساته، التي هيمنت على الأزمة السورية، في ظلّ قمع النظام للمظاهرات السلمية، في بداية الحراك الاجتماعي الثوري، وردود الفعل العنيفة المؤيدة لتسليح الحراك، أو انتقاله إلى صراع مسلح .. بغض النظر عن خطاب الإسلام السياسي لتلك الكتائب وتأييده أو رفضه ..؟!
بداية تجب الإشارة إلى أن الأنظمة العربية الدكتاتورية هي التي روّجت لمفهوم " المعارضة السلمية " في مجتمعاتها ليس بدافع احترامها لحق شعوبها في تداول السلطة ، وإن كان هذا هو خطابها المعلن ، وإنما إدراكا منها أن المفهوم هو وسيلة جديدة لثباتها في السلطة ، فإن كان الطريق هو صناديق الاقتراع فهي مولاه ومنظمه وراسم خطواته ومعلن نتائجه ! والمعترض بعد الإعلان يشرب من البحر..ستكال له كل التهم . وإن كان طريقه، هو الحراك في الشارع ، كالإضراب والاعتصام ،فهناك طرق شتى لتخريبه وتخوينه ، ولا يشكل تهديدا لوجودها ، وإذا أخلّ بالمصالح العامة أو الخاصة، فستكون النتيجة تشويهه للمعارضة السلمية نفسها ...
وبالتالي، فالصراع ، من حيث خطواته الأولى ، ومن حيث ثقة السلطات الدكتاتورية بنفسها ودرجة احتقارها لشعوبها، يحوّل الترويج للمعارضة السلمية من قبل السلطة الحاكمة إلى حق يراد به باطل ! .. لأن احترام مفهوم " المعارضة السلمية " يقتضي ظروفا موضوية تتوازن فيها القوى المتصارعة أو المتنافسة على السلطة، من حيث القدرات الإعلامية والمالية ودرجة الوعي الاجتماعي السياسي ، بالإضافة إلى تجريد الجميع من القوة العسكرية وصورها العنيفة ..! وهذا غير وارد في ظل الحكومات الديكتاتورية العربية .
في الربيع العربي ، وبغض النظر عن البديل الذي تم إنتاجه ، إن كان يمثل نقلة نوعية في مفهوم الثورة أم لا ...يمكن القول : إن المعارضة السلمية في تونس ومصر واليمن ، قد حققت نتائج هامة ، بمعنى أنها دفعت بن علي إلى الهرب ، ودفعت حسني مبارك إلى التنازل وأجبرت علي صالح على الرضوخ قبل أن تتحول إلى صراع مسلح .. ولكلّ موقعٍ من تلك المواقع خصوصيته ، ولكن المشترك فيها أن المعارضة السلمية لم تلجأ إلى السلاح، والسلطة أيضا لم تمعن في استخدامه لأسباب مختلفة . .
في الحالة السورية اختلف الأمر كثيراً..! ... فطبيعة النظام الأمني ، وتشابكات الدولة الأمنية ، وهيمنة الحزب الواحد منذ عقود خلق حصناً منيعاً حول السلطة، عماده علاقة الخوف المتبادلة بين السلطة والشعب ... السلطة حذرة بشكل دائم ، ولذلك فإن أعين حراسها الأمنيين لا تنام . ، وأي حراك مهما كان بسيطا يؤدي إلى انفجار دموي قائم على التخوين والاحتقار ، والرفض بعنف .. والشعب انقاد للخوف حتى بدت العلاقة مع السلطة فاقدة للثقة والأمن والأمان ، ومليئة بالاتهامات بدءا من الفساد إلى التخوين في الخفاء .
ولذلك كان الانفجار دمويا من الطرفين ؛ السلطة والمعارضة المسلحة، بعد فشل الحراك الثوري السلمي، وهو في بداية خطواته . ولكن هل كان بالإمكان غير ذلك ؟ وهل كانت النتائج ستكون أرحم مما حصل ؟ ...
باختصار، نعم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي


.. United Nations - To Your Left: Palestine | كمين الأمم المتحد




.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي