الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما عدنا نشبه البشر !

عاطف الدرابسة

2016 / 3 / 9
الادب والفن


قلتُ لها :

يدايَ ترتعشان ، وثمّةَ بقايا من دمعِ الشّمسِ في عيني ؛ فلا أجرؤ أن أرفعَهُما في وجهِ طفلٍ مُصابٍ بذُلِّ الرّصيف ، ولا أجرؤ أن أنظرَ إلى وجهِ امرأةٍ يرتسمُ على شفتيها ألفُ سؤال ، ورائحةُ شبقِ الحربِ تتسرّبُ من جسدها كما يتسرّبُ الغاز من أسطوانةٍ مثقوبة .

لم نعُد يا حبيبةُ نُشبهُ البشر ، صرنا سطوراً على ورق الصُّحف ، وصوراً على صفحاتِ شاشاتِ التلفاز .

نجلسُ بينَ يدي الليل كغريبينِ يرفضهُما المكان ، وينظرُ إليهما ضوءُ الشّمعِ باحتقار كأنّهُ يقول : أنتم لا تستحقّونَ أن تعيشوا في النور ؛ لأنّكم أبناءُ الظّلام .

يا حبيبةُ :
ها نحنُ نقعُ فريسةً بينَ فكّي الموجِ ولا شيءَ يحمينا ، فقد سقطتْ صورةُ " العذراء " عن جدارِ ذاكرتنا ، وغابت سورةُ " الفلق " من صدورنا .

يا حبيبةُ :
أرْخَينا أعنّةَ غرائزنا للفتنةِ ، فانطفأَ النّورُ في عقولنا ، وأشعلتْ حرائقُ الخيانةِ المكان .

ما زلتُ أسألُ :
من الذي أطلقَ الرصاصةَ الأولى على شمسِ الشّرق ؟ ومن الذي اغتصبَ أولَ عذراء في دمشقَ وبغدادَ وصنعاء ؟ ومن الذي ضاجعَ عرائسَ المدن ليُعلنَ ولادةَ الغُروب ؟ ومن الذي سرقَ الحُلمَ من عيونِ الحمام ؟ ومن الذي سرقَ الماءَ من عيونِ الينابيع ؟ ومن الذي سرقَ الهواءَ من رئاتِ الأطفالِ ،ومن الذي سرقّ من أغصانِ الشّجرِ صوتَ البلابل ؟ ومن الذي باعَ الوطن بكأسِ خمرٍ من دموعِ السنابلِ ؟

يا حبيبةُ :
لم يعد لنا إلّا هذا العراء ، أحتاجُ إلى صوتك ؛ فبي شوقٌ إلى البُكاااااااااء ..

د.عاطف الدرابسة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول