الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقية في عيدها ...

سلمان محمد شناوة

2016 / 3 / 9
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي


المرأة العراقية في عيد المرأة
قال لي صديق بعد 2003 إن المرأة العراقية يجب إن نصنع لها تمثلا في مدخل كل مدينة أو قرية عراقية , وحين تساءلت عن السبب , قال " لقد تحملت إثقالا لا يتحملها إنسان عادي , فمنذ الخرب العراقية الإيرانية ولغاية اليوم كانت هي الحاضر حين يغيب الرجل في الحرب الملعونة , وفي الحصار العقيم , كانت هي عماد البيت , ربت الأبناء وقومت ميزانية البيت بحيث جعلته كافيا لا تحتاج إلى احد , تحملت سنين الحصار حين غاب الرجل في الخارج من اجل اقل القليل حتى تستمر الحياة , تخلت عن مباهج الحياة , نسيت نفسها من اجل بيتها وأبناءها , حفظت زوجها في غيابا ته المتكررة في نفسها وبيته وماله , والحقيقة أنها تحملت إثقالا تنوء بحملها الجبار , وصمدت وانحنت كثيرا حتى اثر ذلك على شكلها وصورتها وجمالها وأنوثتها .

قلت له كل ذلك قبل 2003 , ولكن ماذا بعد 2003 , ماذا تصنع للمرأة العراقية ؟!!!

سكت قليلا وقال " إني اتامل العراقية طويلا , واشهد أنها أسطورة من الوفاء والتحمل والألم والوجع والأحزان , ومهما وصفت العراقية لا أعطيها حقها أبدا " ..

قلت له " أتعلم يا صديقي إننا كعراقيين لم نصنع للعراقية تمثلا في 2003 , ولن نصنع للعراقية تمثالا في 2016 , لان هذا الأمر , لا يخطر على بال المرأة وتطالب به ولا يخطر على بال الرجل فيقوم بصنعه , هذا الأمر ربما يخطر على بال مجموعة من الناشطات في المجتمع وتطالب به كأنه حق لا تستطيع المرأة الحياة بدونه , أو يطالب به بعض السياسيون الأغبياء المنافقون , في مؤتمر يكثر فيه التقاط الصور , لنشرها في وسائل الأعلام والتقرب من الناشطات الجميلات ويتم تبادل الأرقام ليكون بعد ذلك نظرة وإعجاب وغرام ) وقصص خلف الكواليس ... وكل ذلك دفاعا عن المرأة , والمحصلة لن يتم صنع هذا التمثال , لان السياسيون المنافقون لحد البله والناشطات الجميلات لحد القبح أحيانا ينسون ما حدث بعد دقائق من مؤتمرات المرأة .
اعتقد إن هناك مستويات للمأساة والمرأة والرجل في العراق ...

ولكن ماذا يفيد تمثال أصم جامد غبي , لكن السؤال هو كيف تجعل وضع المرأة أفضل وأحسن !!!

ربما نجد إن هناك الكثير من الصور والأوضاع المتناقضة , بحيث يبقى السؤال كيف نفهم تناقضات الشعب العراقي , في العراق نجد التطرف في كل شي , فنجد التطرف في الدين , فهناك السنة في تطرف غير معقول والشيعة كذلك , نجد إن التطرف في المال , فنجد الغني جدا , ونجد الفقير جدا , نجد التطرف في السياسة , نجد التطرف في الحب والعشق , وأحيانا نجد التطرف في الموت القتل ..

أتدري يا صديق , حين يتم الإعلان عن وصول شهيد , وتدخل إلى بيت هذا الشهيد , تجد إن الرجل والمرأة يشتركان في مصيبة واحدة , مصيبة وقعت على الرجل والمرأة , ربما تجد الرجل متماسك وبركان من غضب يصرخ .. لماذا ؟ وانهار من دموع تنهمر وهو يقاوم خوفا إن تهتز صورته كرجل , لا زال فكره رجولي وان الرجل " عيب عليه البكاء " , ولكن حين تدخل الغرفة تجدها وقد تحولت إلى حالة هستيريا من الغضب والبكاء والصراخ والدموع , تنفجر وينفجر معها كم الأوجاع والإحزان في لحظة واحد , كل الكبت والذي مر عبر السنوات و تنهار فجأة وتصبح صورة لا يمكن وصفها ...
هذه حالة فريدة أجدها في المجتمع يتساوى به الرجل والمرأة في الألم والحزن والأوجاع ..

أتدري يا صديق حين تقول مؤسسة دولية إن العراق لديه مليون ونصف أرملة , وان 51 % من النازحين هم نساء ماذا يعني هذا , أتدري يا صديقي في كل يوم حين يمر ولا تمر مصيبة في العراق , نبتسم أحيانا إن هذا اليوم مر بخير , ولكن كم يوم مر بنا , ونحن نقول الحمد لله مر هذا اليوم بخير !!!

نحن نعترف إننا في مجتمع رجولي , ونشاهد المرأة في المجتمع البدوي والمجتمع الريفي , حيث يجلس الرجل في المجلس والديوان , وتقوم المرأة بمعظم الأعمال , ليست ألبيتيه بل حتى في الحقل , ونجد إن 75 % بالإعمال تقوم بها المرأة , ونقول إن هذا المجتمع كلف المرأة أكثر من طاقتها , ونحن نقول ذلك نجدها هي تبتسم ولا تشتكي , لأنها أمنت هذا قدرها , ولا يمكن الخروج من هذا القدر , وإذا صرخت أو اشتكت لمن تشتكي , وإذا خرجت كيف تخرج ولمن تخرج ... انه قدر أشبه بالموت , ولكنه قدر ولا بد إن تقنع به أو تموت .
في الستينات والسبعينات , كانت هناك قوانين حسنت من وضع المرأة , ونحن نقول إن نسبة كبيرة أصبحن معلمات ومدرسات وطبيبات ومهندسات وإداريات , في مؤسسات مالية وإدارية في البلد , وهذا تطلب وضع أفضل من المرأة البدوية والريفية , وأصبح لها قدر متساوي مع الرجل في اتخاذ القرار , والحركة والدخول في وضع اجتماعي أفضل , مع ذلك إننا نجد لا زالت داخل البيت دائما لها المركز الثاني تساعد وتقوم وتتدخل في الوقت المناسب حتى يتم إصلاح خطا , أحدثه الرجل , ربما لأنه رجل وكلمته يجب إن تكون الأولى , أو ربما لأنه اقل دراية وخبرة منها , وأحيانا لا يتوفر له الحكمة والتي تتوفر للمرات لأنها تتأمل وتصمت قبل إن تتكلم وتنفذ .
نحن نحتاج للقوانين , لوضع حدا لمأساة المرأة , لان مليون ونصف مليون أرملة , هذا وضع يحتاج إلى قوانين لمساعدة المرأة للوقوف وان تمدها الدولة بالمال لسد حاجتها بحيث لا تمد يدها أو تصبح مضطرة لمد يدها , وهذا الوضع تسبب به كل الحروب المجنونة في هذا الوطن , وكان هذا الموت وهذه الحرب لا فكاك منه , هذا قدر العراق وقدر الرجل والمرأة على حد سواء ..

اجل هناك ازدواجية في تعامل الرجل مع المرأة , يقول لي صديقي , إن جاءه في احد الأيام رجل يريد إن يقوم بتحويل بعض النقود لزوجته في لبنان , فسأله كم تريد إن تحول لها , قال 2000 , سألته , أتذكر في أيام الحصار حين كنا خارج العراق وبقيت النساء هنا للمحافظة على البيوت كنا نحول لهن 100 دولار أو على الأكثر 200 دولار , وألان تحول لزوجتك الأجنبية أكثر من 10 إضعاف هذا المبلغ , كانت نساءنا تتحمل أكثر من طاقتها , واليوم نرد الجميل بصورة غبية , نعتقد إننا حين يصبح وضعنا المادي أفضل يحق لنا بسهولة إن نتخذ زوجة ثانية وننفق عليهن بكل سهولة , ما كنت تعجز عنه حين كنت معوزا ... أنها سخرية القدر .

يقول المثل الشعبي " إن الرجل حين تصير عنده فلوس , إما يتزوج أو يشتري بندقية , يقتل به شخصا أخر " , مثل غبي مثل الحالة الاجتماعية التي تمثله , الرجل المغرور والمدفوع بعادات اجتماعية أكثر غباء , تقدس الرجولة وتقدس الموت وتهين المرأة سواء الزوجة الأولى المغلوب على أمرها أو الزوجة الثانية المغلوبة على أمرها أيضا ...

يسارع الرجال في عيد المرأة إلى إرسال التهاني إلى الصديقات , والتي يتشارك معهن على الفيس بوك وغيرها من حالات التواصل الاجتماعي , ولكنه اذا التفت للوراء قليلا , لا يقوم بتهنئة زوجته أو ابنته أو أخته بهذا العيد , دائما السؤال لماذا ؟
تقول إحدى الأخوات لقد قمت سؤال أكثر من امرأة سواء كانت زوجة أو أخت أو ابنه , ما هي نوع الهدية أو التهنئة والتي قدموها لك بهذا العيد , كان الجواب الأعم لا شئ ... أيضا نفس السؤال , لماذا ؟
هل لا زلنا نؤمن إن المرأة هي جزء من أملاكنا , بحيث نتصرف فيها كيف نشاء , لذلك ليست هناك فكرة لدى الرجل إن يوجه بعض التهنئة لزوجته أو أخته , ولكن لو كانت صاحبته أو زميله يعطيها كل الاهتمام ويكون لها النصيب الأكبر من الحب والتعاطف !! ... أم إن الصديقة تبقى دائما ... مشروع زوجة مستقبلية ؟!!

هناك مثال يقول وهو حقيقة في رأي " إن الحق لا يعطي بل ينتزع انتزاعا " .. وعيد المرأة يبقى بلا قيمة حتى تنتزع المرأة كل حقوقها , وإلا ماذا يعني هذا النفاق , وتوجيه التهنئة للمرأة في عيدها , انه أشبه بالمسخ برأيي , هناك مصائب حلت على النساء تجعل لياليهن نهار , وهناك أوجاع وإحزان على النساء تكسر الظهر , وتجعلها غير قادة على الحياة , وتصبح أشبه بخيال يسير دون وعي , هناك أوضاع تجعل الحياة لا معني لها , وكل تصرف أو تفكير هو محسوب عليها أحيانا بالورقة القلم ..
إنا احترم المرأة الغربية لأنها انتزعت حقوقها انتزاعا , وأجبرت الدولة والمجتمع الغربي , إن يصبح حقيقة واقعا , ناضلت من اجل حق التصويت في يوم لا يحق للمرأة بالتصويت , ناضلت من اجل الحق في 8 ساعات عمل , ناضلت في حقوق متساوية مع الرجل في المساواة بالأجر والحق المساواة بقدر العمل , ناضلت إن يكون لها يوما يحتفل فيه وأقرته الأمم المتحدة وأصبح حقيقية واقعة ...

لكن ماذا قدمت المرأة العراقية , للمرأة العراقية ...

من برأيكم من النساء في المشهد السياسي أو الاجتماعي تصلح إن تكون رائدة في المجال النسوي ..
من النساء في البرلمان أتوقف قليلا عند السيدة فيان دخيل , فهذه المرأة كان صوتها قويا لصالح قومها ونساء قومها , في حركة دائمة لشرح قضيتها وقضية قومها في كل المحافل الدولية والمحلية , وكان تحرك لعمل شيئا ما ...
ولكن ماذا عن غيرها .. كل نساء البرلمان والناشطات لا تساوي عندي عباءة امرأة فقيرة , تبيع في سوق شعبي , تريد إن تستر نفسها وتعلم أبنائها ... لان زوجها قتل في صباح ذات يوم ذاهب للعمل , ولم يترك لهم شيئا يسندهم في وقت الأزمة .. وكل تاريخ العراق أزمة , وكل علاقات العراق أزمة ...
عيد المرأة يصبح بلا قيمة لأنه في اليوم الثاني ننساه مثل كل الأشياء التي ننساها , لان هذا الوطن أصعب من إن نعيشه , وان هذا الوطن لا يعترف بكل هذا الترف وهذه الكماليات , صعبة هي الحياة , حين نصحو صباحا , ثم نمضي في مسيرة مقلقة متعبة مهلكة ... حتى نضمن حياة وكرامة هذا اليوم , الحياة في العراق تستهلكنا لغاية الموت أحيانا , لا تعطينا وقت للتفكير والأحلام الجميلة .

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أميركا تحذر إسرائيل من استهداف إيران بهذه الطريقة.. ماذا يجر


.. حزب الله يعلن أن مقاوميه استهدفوا قوة إسرائيلية لدى محاولتها




.. مشاهد لاعتراض صواريخ أطلقت من قطاع غزة في سماء سديروت


.. رقعة| بعد عام من الحرب.. الغزو البري للاحتلال يغير ملامح غزة




.. أكسيوس: الولايات المتحدة كانت في حالة من الظلام بشأن خطط إسر