الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السرقة، العفو، الفقراء!

ضياء رحيم محسن

2016 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الملاحظ أنه منذ بداية الأزمة المالية في العراق، يحاول بعض السياسيون إيجاد الشخص، الذي يمكن إلقاء اللوم عليه فيما جرى في العراق، من تخبط أمني وتدهور الوضع الإقتصادي، بالإضافة الى ضياع مئات المليارات من الدولارات عن بيع النفط العراقي، بدون أن تجد السبيل المناسب لصرفها في مشاريع تنموية، كان بالإمكان أن تجنب العراق ما يعيشه هذه الأيام.
لا أحد ينكر أن الحكومة السابقة جاءت عن طريق تنازلات قدمها رئيس الحكومة لشركاءه، للبقاء على رأس السلطة التنفيذية، لكنه مع هذا لم يستطع تقديم ما يشفع له، أزاء الأموال التي هُدرت خلال فترتي حكمه، الأمر الذي يعطي دلالة واضحة بأنه أول المستهدفين في تقديمه للمحاكمة، بسبب إهماله في وظيفته العامة.
نسمع أحاديث متناقضة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، حول الوضع الإقتصادي والأمني في البلد، لكن هل هذا الكلام يمكن أن يقدم شيئا للمواطن؛ الذي يعيش أزمة جراء تخفيض راتبه، بالإضافة الى إثقال كاهله بإستقطاعات ما كان لها أن تكون لو أن هناك مخططين إقتصاديين في وزارة التخطيط والمالية، يرسمون السياسة المالية للبلد، وبدلا عن ذلك نرى أن وزارة التخطيط منشغلة بإقامة دورات لمنتسبيها خارج العراق، ولا يعلم أحد كم تكلف هذه الدورات للشخص الواحد، وماذا أضافت لهذا الموظف أو ذاك من خبرة في مجال عمله.
إمكانات هائلة يمتلكها العراق في جميع مجالات الإقتصاد، الى هذه الساعة لم تستطع الحكومة تطويعها، من أجل النهوض بالواقع الإقتصادي للبلد، وبدلا عن ذلك نجد الميزة الوحيدة في كل ما يمر بنا، هو تزايد أعداد اللصوص والسُراق، الذين ينهبون المال العام بدون وازع من ضمير، والسلطة القضائية تتفرج لا تستطيع أن تقدم للمحكمة إلا صغار هؤلاء اللصوص، في وقت أن أصحاب الكروش من الأحزاب المتنفذة وبعض الكتل السياسية، لا تستطيع هذه السلطة أن تقترب منهم، لأسباب مبهمة ولا تستقيم مع واقع الحال الذي نعيشه اليوم.
في قبال كل هذا نجد كلام كثير عن قانون العفو العام، الذي يقبع في أروقة مجلس النواب، والذي طال الجدل فيه، كونه يشمل فئات كثيرة؛ من بينهم مزوري الوثائق الدراسية، وكذلك من ثبت أنهم سرقوا المال العام بالمليارات، وكانت نتيجة هذه السرقات، أما تعطل المشاريع التي سرقوا أموالها، أو أن تنفيذ هذه المشاريع لم يكن بالدقة المطلوبة، الأمر الذي عرض حياة المواطن وإقتصاد البلد للتخريب، من هنا نرى ضرورة تضمين قرار العفو العام (لو تم إقراره) بضرورة إستعادة هذه الأموال من هؤلاء، على أن لا يتم الإفراج عنهم إلا بعد تسليمهم هذه الأموال، بالإضافة الى عزلهم من الوظيفة، لأنهم غير أمناء على المال العام، بالإضافة الى عدم تكليفهم بمهام في المستقبل.
هناك أموال سُرقت وتم تهريبها الى خارج العراق، من قبل مسؤولين حكوميين سابقين وحاليين، وهي موجودة في بنوك أجنبية، بالإضافة الى أن هؤلاء المسؤولين اشتروا فلل وعمارات وأنشأوا معامل في دول الجوار، تقوم برفد السوق العراقي ببضاعتهم، هنا نلاحظ غياب الجهد الحكومي في إستعادة هذه الأموال بحجج واهية، وبالإمكان إستعادة تلك الأموال لو تم تكليف شركات قانونية أجنبية، الأمر الذي يمكن أن يجنب الإقتصاد العراقي، الوقوع في أزمة.
إن سرقة المال العام جريمة يعاقب عليها القانون، أما جريمة نهب خزينة الدولة، والتصرف بها من قبل حفنة من المسؤولين، هو جريمة ضد الإنسانية، لتعريضه حياة أبناء البلد لأخطار غير متوقعة، ناهيك عن تعرضهم لظروف إقتصادية وإجتماعية قاسية، قد لا يستطيع أحدهم السيطرة فيها على تصرفاته؛ بما يؤدي به الى فعل ما لا يحمد عقباه، وفي هذا يقول الباري عز وجل ما معناه أن حياة البشر لا تستقيم إلا بالعدل، وبإعطاء الحقوق لأصحابها.
إن المبدأ القائل (العفو عند المقدرة) و(عفا ال.. عما سلف) ليست واردة مع هؤلاء اللصوص والمخربين، الذين عاثوا فسادا في الحرث والنسل، ويجب أن نستمع لأصوات الأرامل والفقراء الذين يعيشون في العشوائيات، في بلد يطفو على بحر من النفط، والثروات التي لا تعد ولا تحصى، لكن بسبب جهل من تسلط على رقاب الناس ضاع كل شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا