الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في يومها الأسود

فوزي بن يونس بن حديد

2016 / 3 / 10
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي


مفاهيم الحداثة الجديدة هي التي صدمت المرأة في مشاعرها وتركتها تلهث وراء العولمة باعتبارها الملاذ الأخير مما تعانيه من أمراض نفسية واضطرابات عقلية وتشوّهات فكرية، جاءت الدعوات لتخليص المرأة من العادات والتقاليد التي كانت تكبّلها من الرأس إلى أخمص القدمين في بعض الأمور وتحافظ على أصالتها في أمور أخرى، أمّا أن تترنح اليوم بين العولمة والحداثة فيعني ذلك أنها تخوض حربا شعواء من أجل كرامتها ووجودها لا حريّتها وتكاملها، فالمرأة امرأة وإن فعلت ما فعلت، فهي أنثى بين رجال، والفطرة أقوى من التعامل، والشهوة أسرع من أيّ تحضّر وتقدّم.
لم تخرج المرأة يوما وهي في أتمّ تقدّمها من قمقم الاغتصاب والتحرش والاعتداء بالضرب والإهانة حتى في عصر التكتّلات والتحضرات كما يدعي أصحاب التحرّر الفكري والحداثيون، بل زادت معاناتها وتعمّقت خسارتها، ولم تعد لها مكانة في المجتمع بل صارت وسيلة للاشتهاء في أي مكان تقيم فيه، سواء في العمل أو الجامعات أو حتى في الطريق وفي الأسواق، فليست هي تلك الدعوات التي تحرّر المرأة من مشاكلها لأنها دعوات جوفاء لا تستند إلى قيم ومبادئ، بل تجعل المرأة في باحة من التعرّي المستمر والاشتهاء المتواصل، فعندما تلبس المرأة وتتزيّن خارج بيتها وأمام أعين زوجها فهي تقدّم طعنة كبيرة في صدره وهي بذلك تخونه مع غيره لأنه تبرز مفاتنها مجانا لمن أراد أن يستمتع، وعيون الرجال تترصّدها في كل زاوية من الزوايا التي تختبئ فيها.
فرغم الدعوات النّكرة التي يتشدّق بها الحداثيون بزعم تحرير المرأة من فكرها وعادات بلدها، هاهي المرأة اليوم تعيش أسوأ أحوالها، ترى مواجعها بين أعينها وهي لا تستسلم للقدر الذي يحتم عليها الاستسلام، ترى حتفها أمامها ورغم ذلك تعاند فطرتها، حالات من التشوّه التي تصيبها سواء على المستوى الجسدي أو الفكري ورغم ذلك ما زالت تدعو إلى تحريرها، ستبقى في دعواها أو دعوتها مستمرّة ولن يتحقق لها شيء من ذلك مهما بدت مندفعة وحالمة بواقع يؤلّه أنوثتها، ويحترم جسدها.
لن تجد الأمان إلا في رحاب الإسلام، لكن عليها أن تفهم أولا ما يريده الإسلام منها، وما يجب على الرجل أن يفعله تجاهها، وما ينبغي أن تحصل عليه في حياتها، أو بمعنى آخر أن تفهم حقوقها وواجباتها تجاه نفسها وأسرتها ومجتمعها، فالإسلام يمنح المرأة الأمن النفسي والطمأنينة والسكينة التي تنشدها وتريدها في حياتها، فإما أن تعيش في رحاب الإسلام أو أن تغرّد خارجه، تختار بين الأمرين، واختيارها هو الذي سينقذها أو يجعلها عبْدةً في أيدي الآخرين، إذا أرادت نيل حريتها فلا ترتمي في أحضان الرجال، لأن الرجل لا يمنحها الحرية بقدر ما يمنح لنفسه الاستمتاع بجسدها، عليها أن تبحث بنفسها عن نفسها، وترى الطريق الذي يوصلها إلى بر الأمان، عليها أن تضع الخطوط التي تسير عليها، والخطط التي ترمي لتحقيقها، فالرجل وإن كان يوما يدعي أنه يساند المرأة من أجل تحررها هو نفسه من يسعى إلى الانفراد والاستمتاع بجمالها، وهذا ظاهر وجلّي في عصرنا لا يحتاج إلى برهان.
على المرأة أن تخاطب عقلها لا قلبها، حتى تعيش في أمن وأمان، فهي اليوم أنّى وجدتَها تعيش في خوف ورعب من مفاجآت الزمن، فلم يعد الرجل يستحي لأنه انفلت من العادات والتقاليد والمبادئ والقيم، وسمح لفرجه أن يعبث بخُلقه، يبحث عن طريدة هنا وهناك ليشبع رغبته بنهم شديد ولا يفكّر إلا في ذلك الأمر، ولم تعد تهمّه المرأة ككيان أو إنسان فهي في نظره متعة واستمتاع، نحن نعيش في عالم عمّته الفوضى وانقلبت فيه القيم، لم يعد الرجل يفهم المرأة ويحترمها، هو يدّعي أنه معها يساند ويدافع عنها ولكنه في حقيقته ذئب شرس ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على فريسته، وهو ما يفسّر حالات الاغتصاب في عالمنا العربي وحتى العالم الغربي.
لم تعد المرأة في أي مكان بأمان، هو يستمتع بها ثم يرميها، صديقة كانت أو زوجة ليبحث عن أخرى لأن القانون لا يردعه ولأن الشريعة لا تُطبّق، فمثل هؤلاء لا يردعهم إلا قانون السماء الذي وضع حدا لهذه المأساة التي نعيشها وتتفاقم يوما بعد يوم، مأساة تتضرر منها المرأة سواء في البيت أو خارجه، مادامت المرأة لم تتمسك بما تملي عليها أنوثتها، ومادام الرجل لا يهدأ عن الفعل المحرم، ومادام القانون البشري لا يردع الفاعل والمعتدي ولا يعاقب من يفعل ذلك بدعوى أنهما راضيان، فإن الحياة تسير بعكس ما يشتهون لأنها مناقضة لإرادة الله الخالق العظيم، ومناقضة للفطرة البشرية والدعوة السرية نحو تحقيق الإنسانية على أرض امتلأت فسادا على نحو غير مسبوق، بل صار الجنس عنوانا لكل علاقة بين اثنين.
لم تشعر المرأة وهي في أبهى زينة بالحرية بل تتنفس المعاناة كل يوم، وهي تخرج من بيتها لتعود إليه مكفهرّة لا ترى إلا سوادا، ولا تشعر أنها تعيش في جو من الألفة والمحبة، شكوك وعدم اكتراث وأعصاب متوتّرة ولهاثٌ وراء الموضة وجريٌ وراء المال وبحثٌ عن السعادة في أي مكان، ذلك هو الظلام الدامس الذي تعيشه المرأة اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أب في غزة يحمل جثمان طفله الذي قتله القصف: منصور قوم جبتلك ش


.. غارتان على ضاحية بيروت بعد -تحذير إسرائيلي بالإخلاء-




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية ثالثة تستهدف حارة حريك في الضا


.. منشور على إكس يجبر رحلة أقلعت من دلهي إلى شيكاغو على الهبوط




.. كوريا الشمالية: انضمام 1.4 مليون شاب إلى الجيش هذا الأسبوع