الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الشباب وإشكالية الهجرة

مصطفى المغراوي

2016 / 3 / 10
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


من اخطر المشاكل التي تواجهها الحكومات، والمنظمات الدولية والمهتمون بالسياسة والاقتصاد ، مشكلة الهجرة لما تسببه من حوادث عويصة ذات انعكاسات سلبية على العالم كله وخاصة على الدول النامية، بل امتدت خطورة الوضع لتشمل أيضا الدول المتقدمة ، الأمر الذي يستوجب تجنيد كل الطاقات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة، مسؤولة من قريب أو بعيد عن كارثية هذا الوضع، وذلك للتوصل إلى حلول لا نقول نهائية، لعلها تخفف ليس فقط من وطأة الضغط الذي يعيشه المهاجرون أنفسهم ، وإنما حتى عن المناطق المستقبلة لأفواج المهاجرين القادمين زُرافات ووحدانا، بشكل يجعل قدرتها على الاستيعاب تضعف أمام التدفقات القوية المتزايدة يوما تلو يوم .
ان معالجة مشكلة الهجرة على أساس إداري لن يؤدي إلى نتائج ايجابية، باعتبار أن المعالجة الوحيدة الممكنة، ينبغي أن تكون بالضرورة معالجة ذات طابع اقتصادي، بحيث يجب أن تقوم الدول على وضع مخطط للهجرة، من خلال ربطها بالجانب التنموي، الذي يخضع بدوره إلى التغيرات التي تعرفها كل مرحلة من مراحل الخطة الاقتصادية والاجتماعية، وفي هذه الحال لن تكون الصدفة هي التي تتحكم في الهجرة القائمة على اختيارات فردية أو جماعية، بل على العكس تماما، نجدها خاضعة لتخطيط مسبق ، يأخذ بعين الاعتبار الأسباب والدوافع وطرق المعالجة، بشكل يخدم التطور الاقتصادي والاجتماعي.
ونحن ننظر في هذه القضية، لا يمكن المرور دون أن نعرج على الدور الذي تلعبه الأزمات المستعصية التي يعاني منها الشباب، والتي تكاد تكون لها أبعاد مأساوية في بعض الأحيان، تزيد من تعميق مشكل الهجرة، من خلال طرح جملة من الأسئلة التي تشير إلى أسباب هذه الأزمة ونتائجها السلبية التي تعصف بمستقبلهم .
من اللازم إن نعترف بأن شبابنا تهيمن عليه صفة الحيرة والشك، وربما كان الضلال أيضا، فهو يعاني من أزمة نفسية وعقلية في الآن نفسه ، يجعلها بشكل تلقائي تنعكس على نظرته للحياة، وعلى تصرفاته ومواقفه واختياراته، دون أن يجد آذانا صاغية تتأمل شكواه وأسباب معاناته، بل نعارضه ونعمل على إدانته، والحكم عليه بأحكام ذات رؤية أحادية، ومقابل ذلك نجني التحدي والرفض، رفض يزداد معه عدم الاهتمام بآراء الآباء وتوجيهات المربين، فتتمخض عن ذلك عدة إشكالات عقائدية واجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية ..
لقد برر الشباب أزمته واقتنع بها، بل تعايش معها واصحب يعتبرها جزءا من واقعه وقدره الذي لابد أن يمشيه. ففي ظل الصمت المطبق، لم يعد مطمئنا إلى أي جدال أو مناقشة، متأثرا بمجموعة من المذاهب التي تسحق الفرد في الجماعة، منغمسا في أوحال المادية، ثائرا متمردا، رافضا للقيم ، ناقما على الوضع الاجتماعي، حائرا بين مادية هذا القرن المتنكرة للقيم الروحية ، والمتسمة بالتقدم الآلي وحده ، في غياب مطلق ليقظة الضمير، مترنحا بين أساليب السياسة الباحثة عن الأنصار والانتصار، مستأنسا بحضور أصوات المدافع المذوية في كل مكان.
فالكل مسؤول عن الحالة التي أوصلت الشباب إلى هذا الحد من اليأس وانعدام الأمل في أوطانهم، بسبب فقدانهم للطمأنينة والاستقرار الذي يشجع على الإبداع والابتكار . ومن هنا كان ضروريا إن يُؤخذ الأمر كل مأخذ جدي، فالمربون يجب أن يخططوا لتربية شمولية واعية ، والماديون يجب أن يتوقفوا عن النهم والطلب والاستزادة، والمسؤولون يجب يتنبهوا لعواقب هذا التجاهل المقصود ، لكي لا نتسبب في مأساة جيل كامل، جيل فقد التوازن والاعتدال بين الأنا الداخلي والغيري، كما فقد العدل الاقتصادي، إضافة إلى ضبابية الواقع المتأزم، المليء بالتناقضات والشعارات الجوفاء، الفاقد لأدنى مقومات العيش الكريم، مما أدى الى انهيار كل أصول وثوابت الاستقرار العقلي والنفسي والاجتماعي والإنساني.
لقد أصبح شبح الهجرة يهدد كل الأصقاع ، فرغم كل الجهود المبذولة لازالت سبل إيقاف هذا النزيف متعثرة، بل تحتاج إلى مزيد من البحث والتفكير، من اجل خلق توازن في توزيع الطاقة البشرية، واستغلالها الاستغلال الناجع ، بالعمل على تحفيزها لخدمة أوطانها لتحقيق التنمية، تنمية تنطلق بأيدي الشباب وتعود عليهم نفعا، يضمن لهم أسباب الرقي الاقتصادي والاجتماعي، فالشباب قاطرة النماء والبناء، والسفينة التي ستقود العالم حتما إلى بر الأمان والرخاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح