الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان زياد جسام ، والرومانسية الخجولة

عالية خليل ابراهيم

2016 / 3 / 10
الادب والفن


الفن التشكيلي عالم ينطوي على الكثير من التأويلات التي تسيل لها لعابات الذائقة المتلقية ولاسيما تلك الذائقة التي تبحث عن الجماليات الكامنة بين الفراغات والكتل والالوان ، فالفن التشكيلي ، هو كل شيء يؤخذ من الواقع ويصاغ بطريقة جديدة ، اي انه يشكل تشكيلا بطريقة مبتكرة مع اضافات الفنان التشكيلي بالرؤية الخاصة والنهج والمعالجة.. وامامي لوحات للفنان زياد جسام ، اعتمد فيها تعبيرات ايحائية عن عاطفة الحب بنقائها الاجتماعي الخجول .. وقد احسه يسجل انطباعات مرئية ، غير انه يمزجها بتلك التجارب العاطفية والقيم الروحية .. لذا اجد في لوحاته حركة غير مرئية تجسم حالات الحب والجمال بالوان ممزوجة منها الحارة والباردة في تداخل هاديء في تعبيرات حذرة من قبل الفنان جسام نفسه ، فالتعبير عنده قائم على الشكل واللون والتركيب والبناء، الذي منح الفعل الفني وانشائيته بعدا ميتافيزيقيا يحرر الإنسان من واقعه و يكشف بذلك الفروق السيكولوجية والاستعارية ويبني إيقاعات التعامل مع الحياة، بواقعيتها ورمزيتها المتراوحة بين الغموض والتعقيد من جهة ، والبساطة والتفاؤل من جهة أخرى. فالتعبير استعاريا عن وجود الإنسان وتحولات أشياءه تمثل دوما أشياء تعكس الحالة الاجتماعية والنفسية ، واعتقد ان الفنان زياد جسام يعاني الكبت الاجتماعي ويحاول اسطرة رؤاه الفنية بتحريك الكتل وخاصة كتله البشرية باتجاهات لاتخلو من الغموض ، يقول فرويد: (ينسحب الفنان كالعصابي، من واقع لا يرضى الا دنيا الخيال هذه ، ولكنه خلاف العصابي يعرف كيف يقفل منه راجعا ليجد مقاما راسخا في الواقع)، ويتجلى الهمس الوجودي القائم بين إمكانيات التأويل لعناصر الموضوع، كالأستعارة والفنان الذي يجعلها جزءا من وسائله الإبداعية، ليعبر من خلالها عن الإمكانات اللا محدودة في العمل الفني المفتوح. من هنا نريد أن نثبت العلاقة الجدلية بين المعنى التشكيلي للوحة، والمعنى المجازي الرمزي المبني على الدلالات المعمقة المتداخلة بمفردات اللوحة التشكيلية، ولاسيما الخطاب الفني المقرون باستعارة المفردات التي تربط المعنى الصريح بالمعنى الضمني. ولكي نعطي للمسائل المعقدة فرصا للحلول، لابد لنا من الاهتمام والأخذ بنظر الاعتبار بالمكانة الإدراكية للعناصر المكونة للرمز والإيحاء التي تولدها الاستعارة المنطقية ، ولأن هناك تمييز بين اللغة الإدراكية واللغة الانفعالية في اللوحة الفنية، تنشأ لغة جديدة في كل مجالات الفنون ،لا الفن التشكيلي فحسب ، وهي لغة الاستعارة التي تكون نسيجا من نداءات تبدو هادئة في ظاهرها، ومتفاعلة ومنفعلة في باطنها. تلك هي من المسائل التي يمكن للاستعارة أن تؤدي فيها وظيفتها في الفن، فترتبط بدلالات الموضوع ورهاناته الجمالية، المبنية على الأسس الثلاثة التي تجعل من المتلقي يختار جزءا من العمل الفني، ويضعه أمام اختبار الجزء الآخر ويكشف عنه الغموض، هو ليس فك الشفرة ولا معرفة الطلاسم، ولكن عامل التأويل مطلوب في كل نتاج فني وتداخل المعاني وتفاعلها أمر معقد يستند الى عملية التركيز على آليات وسبل التحليل وفق الصورة التي تصغرها الاستعارة بكل جزء من أجزائها ومن ثم يمكن تدقيق رؤية العمل ونتاجه بصورته الكاملة والتامة. وفي لوحته التي تضم لقاء رومانسي ، عتم عليها بكتل لونية صاحبت الكتل البشرية واخفت ملامح الصورة واعطتها روحية الرمزية ، برغم انها توحي بلقاء في فضاء مفتوح تحت زرقة السماء ، الا انه عتم عليها واخفى الملامح تماما ، وهذا تعبير عن الحصارات الاجتماعية التي يعاني منها الفنان جسام زياد ، وقد يصل به الحال محاولة الخلط بين الرمزية والسريالية كما في لوحة اخرى .. وكان تعامله مع اللون بحساسية خاصة ، فـ(اللون علميا غير موجود خارج الجهاز العصبي للانسان ، وبما انه شيء مدرك فهذا ادعى بان يكون متربعا على عرش عناصر التصميم الاساسية ، فهو عبارة عن عملية وجدانية تحدث للمتلقي ، ولاسيما للمصمم الذي يستخدمه كركيزة اساسية في انشاء عمله الفني على وجه امثل مستخدما التداعيات التي تحملها الدرجات اللونية المختلفة في طياتها .. وتلك التداعيات ما هي الا مجموعة من الرموز التي يستدعيها العقل حين يمر بتجربة الاحساس باللون)"كتاب : جماليات التكوين في فن التصويرص90)، وهكذا يتعامل الفنان جسام زياد للتعبير عن رؤية جمالية ، ظل يشتغل عليها طوال هذه الفترة .. (وعجيب ذلك الانسان ، انه مخلوق لاتقف رغباته عند حد وهو لاينفك يسعى الى التسامي ويهفو الى الافضل والاحسن .. فهو لايقنع بادراك الاشياء ومعرفة الموجودات والاحداث المحيطة به ، بل يستشعر في الادراك ذاته لذة ويتذوق المعرفة خالصة عن كل ما يتعلق بها من اهداف عملية ، وهو لايكتفي بتذوق احساساته وانطباعاته عن الاشياء ، بل يضفي عليها من خياله ما يكسبها كمالا وجمالا تستجيب له نفسه بالرضا والسرور، وعندما تمتلأ نفسه بشعور البهجة يصف كل ما يرضى احساسه وخياله بالجمال)،"كتاب فلسفة الجمال ص26








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة