الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا لن تكون إلا موحّدة

ثامر الجهماني

2016 / 3 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


سوريا لن تكون إلا موحّدة :

تختلط قراءة الواقع (سياسياً ) ، بالأحلام والأماني . كلما طفت على سطح الايام الوقائع العظيمة ، ومفاصل تاريخية ستترك أثرها لأجيال عديدة قادمة .
كثرت في الأونة الأخيرة تناول مستقبل سوريا ووحدة ترابها وكيانها ووجودها ..وراحت بعض الأوساط تكثر من التحليل وتناول شكل الدولة القادمة ( أو الدول ) ، ودارت الآراء ما بين متشائم جداً يتوقع قيام أربعة كيانات جديدة . بناءً على تسريبات استخباراتية لما سمّيَّ " بخطة التقسيم " . أما القسم الأخر توقع انسلاخ كيانات ذات مكون قومي ( كردستان سوريا ) ، أو اثني طائفي ( دولة العلويين ) ، عن الدولة السورية بحدودها المعروفة الحالية .
حتى نصل إلى الاصوات الأكثر تفائلاً أن الشكل القادم للدولة كنفدرالي أو فيدرالي ..أو ذو طبيعة لا مركزية في اصدار القرارات ..أو بأحسن الأحوال سلطة الحكم الذاتي للاقاليم .
بداية لابد من التأكيد على أن الثورة ضرورة تارخية تحدث عندما تحصل تراكمات كمية هائلة تتطلب تغيير نوعي ، لأن الإجراءات العادية تصبح غير ذات جدوى فيحصل إنفجار الثورة التي تسعى لاحداث ذلك التغيير ، والتغيير هنا قد يكون سلبي نتيجة تداخلات غير مرغوبة أو متوقعة تحرف مساراتها ..وبغالب الاحيان يكون التغيير ايجابي حتى لو طال أمد سيرورة التغيير .
هنا يطفوا على السطح في واجهة التفكير سؤال لابد من الاجابة عليه ، وترتبط به أسئلة أخرى رديفة وجوداً وعدماً .
هل سوريا بطريقها إلى التقسيم أم لا ؟
من له مصلحة في التقسيم ؟
هل الكيانات التي ستولد لها فرصة للبقاء ؟
هل الموقف الدولي مهيأ لهكذا تطور ؟
هل دول الجوار توافق على التقسيم ؟
أين دور الشعب السوري من مسألة التقسيم ؟
هل بقاء سوريا موحدة يتعارض مع الحقوق القومية لبعض المكونات ؟
إن الاجابة على هذه الأسئلة تضع النقاط على الحروف . وينجلي معها هاجس التقسيم ومثالبه ومفارقاته .
أعتقد والله أعلم أن قراءة الموقف الدولي ، وموقف دول الجوار . يتصدّر قائمة الاجابة على التساؤلات السابقة حتى تنكشف لنا وللقارئ سيرورة الدولة واستشراف مستقبلها .
لم يكن الشعب السوري بكامل مكوناته القومية والاثنية ، من الشعوب التي تؤيد الانقسامات ذات البنى الدينية أو القومية . بل أكاد أجزم أنه من أكثر الشعوب التي تؤيد الوحدة . بل ينزع للايمان بها وتنفيذها دون الاخلال بالحقوق القومية لمكوناته ، مع تقديس فكرة الهوية والانتماء .
لكن انكشاف القيم الوطنية وهشاشتها لدى فئات كبيرة لا يستهان بها ، سطّح فكرة الوطنية كفرة مجردة مع تنامي فكرة الانتماء للدين كحامل سياسي يتجاوز الانتماء الوطني القطري ، بل يتعداه لهدم الفكرة الوطنية باعتبارها فكرة تعادي الدين وتقوقعه وتحصره ضمن حيّز جغرافي يقيد طوحاته ...هذا من جهة . ومن جهة أخرى بروز أصوات ذات نبرة قومية ( الكرد مثال واقعي ) ، تعتمد على حق وجودها كباقي القوميات ضمن وطن قومي يحتويها ، متذرعة بالمظلومية التاريخية لمنعها من ابسط حقوقها ...التراث ، اللغة ، العادات وغيرها من أهم مبررات نزوعها للانفصال .
إن الموقف الدولي من وجود كيانات متعددة بدلاً من كيان واحد متماسك ، قد يكون موقف غير واضح يرتبط ارتباطاً وثيقاً برغبات دول الطوق للدولة السورية ( جغرافياً ) ، وابرزها الموقف التركي ، دول الخليج ، الاردن ، لبنان ، الكيان الصهيوني ( اسرائل ) ، العراق . ومن خلفها تماماً روسيا ، الولايات المتحدة ، فرنسا .
أعتقد أن الموقف الدولي ودول الطوق بالمجمل لايميل بالمطلق لوجود كيانات أو دول بديلة عن الكيان الحالي للاسباب التالية :
الموقف التركي :
لايخفى على أحد العداء التركي الممتد عثمانياً لوجود دولة كردية بالقرب من حدودها الجنوبية ، بالقرب ومحاذاة (كيان الحكم الذاتي ) كردستان العراق ..وحربها التاريخية مع حزب العمال الكردستاني ( حزب أوجلان ) .
ولا يخفى على أحد البعد الديموغرافي لكردستان العراق وسوريا يصل الى قرابة 20 مليون كردي تركي يتوضعون في الخاصرة الجنوبية التركية ، تربطهم بأشقائهم في ايران روابط الدم واللغة والحلم بوجود وطن بديل ...كل ذلك يجعل المخاوف التركية تحارب فكرة التقسيم التي سيتمخض عتها بلا شك مولود مرعب . يقض مضاجعها ...دون أن ننسى أن تركيا العلمانية العثمانية ذات البعد الديني تحمل بين يديها أوراق مهمة لمحاربة هذه الفكرة ومنعها حتى لو إضطرت لخوض حرب لمنعها . ولا نسسى أخيراً أن لديها أوراق مهمة تفاوض عليها وترشي بها مراكز القرار الدولي ليميل ويصب في كفّتها .
الموقف ( الإسرائيلي ) :
لن نراوغ أو نبالغ حين نقول أن موقف الكيان الصهيوني من الاهمية بمكان لاينبغي لنا اهماله أو التقليل منه اقليمياً ودولياً .
كلنا يعلم أن دولة العدو لاترغب ولا يرضيها وجود بؤر توتر ، تشكل مراكز قلق سياسي وعسكري بالقرب من حدودها المزعومة .
إن وجود نظام بشار الاسد كان ولا يزال أفضل كلب حراسة ( وليس ذيل الكلب حسب الوصف الروسي ) ، لحدودها منذ ابرام اتفاقية وقف اطلاق النار 1974 وحتى تاريخه . فهي ان فقدت حليفها وكلبها الوفي فهي تسعى لوجود بديل ضعيف عسكريا ( وهذا مضمون كون اي بديل يحتاج الى عقود لترميم البلاد واعادة اعمارها ) ، أما وجود كيانات صغيرة وان كانت ضعيفة قد تفتح احتمالات تبنيها لفكر معادي لوجود الكيان يشكل قلق أكبر بكثير من وجود دولة جارة في شمالها لكنها متهالكة وضعيفة يسهل السيطرة عليها أو تحجيمها على الاقل .
الموقف اللبناني :
لايملك من أمره شيء لكن الخوف المطروح في هذا الصدد هو بنية هذا الكيان الطائفية ، والتي قد تتحرك طائفيته وطوائفه للتفكير بالحلم القديم فيما لو جارتها الأم تشرذمت وتقسمت طائفياً وقوميا ً الى كيانات ستبحث عن حلفاء شبيهة لها في المنطقة .
ولا ننسى الخوف الفرنسي والسعودي المتناغم على لبنان والخوف على نفوذهما .
الموقف العراقي :
لايخرج الموقف العراقي عن الموقف الايراني الداعم للنظام السوري .
الموقف الاردني :
غير واضح بالمطلق لانه مكبل بالاتفاقيات المحلية ( وادي عربة ) ، والتحالفات الدولية ..لكن الشيء الغير خفي بالسياسة الاردنية هي المخاوف من التيارات الجهادية بالقرب من حدودها ..مع رغبتها ببقاء المكون العشائري القريب من تركيبة النظام الاردني .
الموقف الخليجي :
يتمحور الموقف الخليجي بالمجمل حول نقطتين :
الأولى : التنافس مع ايران ( سني /شيعي ) ، وما يجر خلفه من تبعات .
الثانية : البحث عن الولاءات في المنطقة لتسيّد الموقف العربي ولعب دور محوري في ظل غياب الموقف المصري ، والعراقي والسوري .
لكل ما تقدم أعتقد أن سوريا لن تكون إلا موحّدة ....
هذا رأي مبني على تحليل قرائتي البسيطة ...قد تخطئ وقد تصيب ونتمنى ابداء الرأي .
10/3/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش


.. كلمة عضو مجلس الأمة سعود العصفور في الحلقة النقاشية -إلغاء ا




.. كلمة عضو مجلس الأمة أسامة الزيد في الحلقة النقاشية -إلغاء ال