الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السلمية (3)

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 3 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد أنعشت المظاهرات السلمية ـ التي خرجت في أكثر من 120نقطة ، وفق تعبير الإعلام ، مؤخراً، مع بداية دخول الأزمة السورية عامها السادس ـ نفوس التواقين للحراك السلمي المدني ، بمن فيهم من هلل سابقا لدخول الكتائب المسلحة الإسلامية السلفية هذه البلدة أو تلك ، إشارة غير مباشرة منهم إلى صفاء السريرة ، وأن العنف لم يكن هو المبتغى دائماً، وإنما الانفعال والغضب وعدم القدرة على القراءة بموضوعية كان الدافع لتلك المواقف .
غير أن الانتعاش بالمظاهرات السلمية الأخيرة ، وإن كان مطلباً في خطوات المعارضة السلمية ، إلا أنها تُقدِّ م ضمن الظروف الراهنة تعبيراً عن " حلاوة الروح "كما يقال أو الموت وقوفاً ، لأنها تشير إلى التوق للحرية ، ولكنها غير ممهدة للتطوير وخلق بديل عن الحرب القذرة التي تجري الآن.
إنّ استخدام السلاح في الساحة السورية من قبل جميع القادرين عليه ، داخليا وإقليميا ودولياً ، يتناقض تماما مع وجود حراك سلمي، أو نجاعته ، لأن جميع الأطراف المتصارعة ستضعفه لتنافره مع أجنداتها ، وهذا ما حصل في بعض نقاط التظاهر، خاصة حين يحمل شعارات لا تعكس جوهر الخطاب السياسي للمتنفذين في هذا الموقع أو ذاك ! يضاف إلى ذلك أن تمزّق الجغرافية السورية بين القوى المتناحرة ، من جهة ، وبينها وبين النظام ، من جهة أخرى ، يفرض على أرض الواقع تمزقاً في التوجهات بناء على صورة القبضة الأمنية في هذا الحي أو هذه البلدة أو تلك ؛ حيث تتقزم طلبات الحراك السلمي ليكون الهدف منه الاحتجاج على مطلب جزئي خدمي ، وإذا كانت تلك المطالب تختلف الحاجة إليها بشكل نسبي بين منطقة وأخرى، فإن الحراك سيخضع لتلك النسبية . والأمر ذاته يُقرأ بين مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام ! وبالتالي نحن أمام حراك يعكس الصورة التناحرية في الواقع ، وإلا هل يمكن القول : إن المتطلعين إلى الدولة المدنية التعددية قد عادوا إلى الداخل؟ أو أن من بقي في الداخل أصبح يمتلك القدرة على التعبير دون رقابة ممن فرض قيوداً على اللباس والسلوك الخاص ! ؟ وإذا كان شعارهم الذي تجاوز المطالب الخدمية، كشعار إسقاط النظام، قد ظهر في مناطق سيطرة الكتائب المسلحة، فهذا يعني أنها ليست مظاهرة وإنما مسيرة والشعب السوري خير من خبر ذلك تاريخياً . كما أن توسيع دائرة الصراع، في اللحظات الأولى في2011؛ إلى أطراف إقليمية ودولية، أخرج المطالبة المحقة للشعب السوري، في دولة مدنية تعددية ، من دائرة الصراع وأجندات الأطراف المتصارعة على الساحة السورية ؛ فأمريكا وروسيا والسعودية وإيران، لا تقاتل دفاعا عن حق الشعب السوري في الدولة المدنية ، ولا تدافع عن النظام أيضا وشرعيته الدولية . هي تدافع عن أجنداتها؛ ولذلك كان كل ذلك الدمار والتهجير والقتل ... وفي إطار ذلك عمل كل من النظام والمعارضة المسلحة على استغلال تلك الأطراف الدولية لكسب الدعم لمصالحه غير الوطنية ؛ النظام من أجل بقائه والمعارضة المسلحة من أجل خطابها الإقصائي السلفي .
في ظل ذلك التناحر لم تعد في يد المعارضة السلمية في الوقت الراهن القدرة على امتلاك أوراق مدنية لعرضها على الشارع السوري أو الأطراف المتصارعة ؛ أولاً، لأنها مشتتة وغير متبلورة في ظل تلك الظروف، ولم تأخذ الفرصة لتكتلها كقوة فاعلة على الأرض. وثانياً، لأن الفاعلين على الأرض لا يدافعون عن حقوقها، وإن تحدث الجميع بمطالبها .
وكانعكاس لذلك لم يأخذ الحراك الدولي بشأن الأزمة السورية المطالب المدنية للمعارضة السلمية بأهمية ما ، ففي جميع الندوات والمؤتمرات كانت الأطراف الإقليمية والدولية تتحاور فيما بينها بعيدا عن المعارضة السورية أو النظام في سورية . ،وكانت الأجندات تتقارب وتتباعد ، والمواطن السوري بدا في حالة انفصال عن الوقع ، وكأنه يسمع عن شأن لا علاقة له به إلا بدفع فاتورة الدم . وإذا تم الاتفاق بين الأطراف المتصارعة الخارجية والداخلية في المستقبل على الأزمة السورية فلن يكون للحل بُعدا وطنياً سورياً إلا بنسبة هامشية تكون تحصيل حاصل ، بمعنى أنها لم تكن هدفا أو جوهراً سعى إليه الموقعون والمنفذون !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم


.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال




.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي