الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن الأفكار ..ثلاث مشاهد منصبة في دمشق

متعب أنزو

2005 / 11 / 19
الادب والفن


فصيح كيسو , يصطاد في ذائقة مستعارة.
يدخلنا فصيح كيسو في عالم الصور المحاصرة بالمحرمات، ولا يدّعي اقتحام الفضاءات المحرمة أو المعاني المضروبة بالقمع. وقد تكون إقامته الطويلة في ملبورن ومن ثم في نيويورك ثم مجيئه لدمشق وراء ذلك، من دون أن يسقط من ذاكرته صورة المورث الهاجسي والغنائي , الذي تدخل عرضا في افتعالاته الفنية , في ثلاث مشاهد منصبة استضافتها دمشق مؤخرا " غاليري اتاسي , المركز الثقافي الفرنسي و غاليري مصطفى علي "
يفعل فصيح ذلك ويفتعله تحت مسمى افتراضي هو اختراق الحدود الموروثة للفنون , والتي لا تزال "سيدة الساحة الفنية" في المدينة وبين معظم مثقفيها. غير انه يحافظ في الوقت عينه على علاقات انسيابية تربط نتاجه بالرسم والتصوير والنحت والصورة الفوتوغرافية والسينوغرافيا، إنما من دون مزاولة واضحة لأي من هذه الفنون في ذاتها. فبدت تلك التدخلات وكأنها عناصر زائدة لناحية توظيفها التشكيلي والجمالي.
يقترح كيسو الاستعراضي بامتياز" والمدعوم فرانكفونيا " توزيع عروضه الدمشقية في جناحين.
الجناح الأول: عمل تجهيزي واحد واثنان تركيبيان" الثقافي الفرنسي و غاليري اتاسي " ففيما يتوسل فن التركيب بناء عمارته من مواد ململمة من شتات الأشكال والأغراض وبقاياها، وعلى نحو يجعله صالحا في فضاء حر ومكان طليق، يقوم فن التجهيز على تفاعل عضوي اعتبره البعض" ممن تذوقوا كيمياء التجديد لدى كيسو " إلزاميا، بين طبيعة الفضاء المكاني الذي سيبنى فيه التجهيز وطبيعة المعنى الذي يرغب الفنان في إيصاله الى الناس .وفي هذا التوجه يمتلك التجهيز فضاءه بخطفه الى تحقيق نوع من الصدمة للمتلقي , وحدوث ذلك , إنما بقدم عرجاء ومزاولات بصرية إنشائية تركزت على تيمة الرقص الشرقي وهوس ارتدادي بحمالات الصدر التي نشر منها الفنان عشرات النماذج , وزاد في ذلك بان صرف جهدا مضاعفا في خمس شاشات للفيديو , وضعت المشاهد في مناخ باهت ومكرر ورتيب لسلوكيات الجسد , حيث تسول " فصيح " الصورة الفوتوغرافية لالتقاط مجموعة عريضة من البورتريهات لراقصات شرقيات في ملبورن، قبل العمل على تغطية السطح الفوتوغرافي لتركيبه بـ"الشراشيب" المتدلية من فوق الى تحت والمزينة بالخرز الملون والزخارف البدوية، مستعارةً من الطرق التي يجمّل بها البدو الخيول الأصيلة.ولتأتي في النهاية الفصاحة اللغوية لكيسو بتبرير كل ذلك بدعوى فن الأفكار, أو مسميات الحداثة .
لعبة بشيفرات مستوردة فضل الفنان " المتعدد المواهب " تمريرها اعتباطا وبتواطؤ مؤسساتي واضح , وبتسويق مفرغ يقود إلى أن الفكرة هي الأصل، لا تنفيذها. فبينها، كإنتاج ذهني خام، والعمل الفني كتجسيد مادي لها، تبقى الفكرة هي الركيزة والمرجع. بل لولاها لما كان العمل الفني الذي يكتسب بعض لمعانه وحيازته لبعض المتابعين بدعوى المغايرة وحسب .ولا اكتفى في كل ما يحققه من تجهيز وتركيب وصور فوتوغرافية وأشرطة فيديو... الخ، من متابعة الحوار مع فكرته المركزية، أي الجسد بين العري والحجب، نراه عند التنفيذ على الأرض يُدخل الى شكل عرضها في الحيز البصري الخطأ ، مما عزل الكثيرين حتى عن فكرة المتابعة.
في الجناح الثاني " غاليري مصطفى علي " وزّع كيسو الأعمال التي انتقاها للمكان بحسب تجانس فضاءاتها في المكان المتخيل،وضمن إيحاءات حسية وإيروتيكية مستهدفة , عرضا أراده للتعريف بتجربتيه في ملبورن ونيويورك وفيما يفترضه المكان من إعادة أخراج عملي للعناصر المكونة للمشاهد التجهيزية التي كونت العرض.
إما اختيار "غاليري مصطفى على " فجاء لماله من أهلية معمارية تخدم، بفاعلية، المحتوى الروائي إذا جاز القول لمعرض يحمل في مكوناته بعضا من الهواجس الوجودية الكبرى التي يترافق وإياها الفنان منذ طفولته في قرية "سيكر"في محافظة الحسكه،" حسب تعبير فصيح كيسو "
المعنى ذاته الذي يترجم صلات ارتدادية بالجسد و بالعنصر التقليدي في مخيلة الإنسان العربي، في مواجهة "العري" الذي يحتل منذ الزمن الإغريقي القديم واجهة المخيلة الغربية. كما أن كيسو في عمله يهدف الى تسويق العري عربيا من خلال إمراره خلسة في ظل إبراز الحضور البصري للنسيج الارابيسكي في جزء علني من إنتاجه. بينما حفل الجزء السفلي من مشهد التنصيب في المعرض ، بنماذج أكثر تمثيلا للأنواع والتقنيات التي تصنع "الفنون الجديدة,أيضا حسب تعبير كيسو" من دون أن تختصرها جميعها. ستة أفلام فيديو قصيرة تصادر غرف هذا الجزء من المكان المصمم أصلا لشكل من أشكال الحضور السري , وهنا يكمن الدافع الى اختياره لبث متواصل لأشرطة فيديو, مدار اهتمامها الجسد . وإنما من زاوية تسجيل بالكاميرا للوظائف اليومية الصغيرة والأخرى الملتصقة بالملذات المتمحورة حول هواجس ايروتيكية . مع تغليف هذه الأشرطة بالأجواء المؤاتية لمروريات كهذه ، تموضعا وإيحاء، بدءا من إنزال الأشرطة التي تعالج العري بالمعنى العام، أي من زاوية التمثيليين الأنثوي والذكوري "شريطان ٌ من ست دقائق يبثان في آن واحد على مجموعة طبول كبيرة وصغيرة" وصولا الى أشرطة أكثرأهتماما بالثرثرة والتمادي في تصوير الوجه الفضائحي للمنظر.ومن ثم في نهاية المطاف فشل في تفادى السقوط في المحظور البصري لصالح إبراز الطابع الإنساني الخام لإنسان يعيش شيء من الإيحاء الوجودي "على افتراض حسن النوايا الفنية طبعا"مع التغاضي عن مجانية مفزعة في تنفيذ مشهد الجراحة الذي تكلفه فصيح في المواجهة البصرية الدرامية مع الجمهور, دون إغفال حساسية التقزز التي شكا منها الكثيرين , مع تسجيل بعض حالات الإغماء .
فصيح كيسو , تمنى تكرار تجربة العرض في سورية , مع إحساسه بالتفرد والمغايرة , وإن كان هذا الإحساس ملوث بحداثة لم تحن بعد في دمشق ولا في ذائقة النخب المتابعة فيها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي