الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجات ونهب الجنوب - الإطار التاريخى لنشأة الجات

علاء كمال

2003 / 1 / 26
الادارة و الاقتصاد



كتاب من تأليف علاء كمال

 

قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها، دعت الولايات المتحدة الأمريكية حلفاءها، لاجتماع عقد فى مدينة بريتون وودز فى عام 1944. وذلك للتفكير فى كيفية إعادة بناء ما دمرته الحرب، بل البحث عن كيفية الحيلولة دون نشوب الحرب من جديد. وللاتفاق على الأسس التى سيدار على أساسها الإقتصاد العالمى فى عهد السلام، وللتداول حول الأطر المالية والنقدية والتجارية الملائمة، بعد أن دمرت الحرب العلاقات الاقتصادية الدولية.

وقد حضر هذا المؤتمر ممثلو 44 دولة، ضمت كبرى الدول الرأسمالية الصناعية، وبعض الدول النامية (مصر والهند وغيرهما) بالإضافة إلى الاتحاد السوفيتى السابق.

وقد سيطرت توازنات القوى التى نجمت عن الحرب العالمية الثانية على سير أعمال المؤتمر. فدول القارة الأوربية وإن كانت قد خرجت من الحرب منتصرة على النازية، إلا أنها كانت منهارة من الناحية الاقتصادية بسبب الدمار والخراب الذى سببته العمليات الحربية، حيث دمرت طاقاتها الصناعية والزراعية والخدمية، وسادها الخراب والبطالة بسبب هبوط مستويات الإنتاج والدخول والموارد المتاحة.

أما الولايات المتحدة فكانت صورتها على عكس صورة الدول الأوروبية فقد خرجت من الحرب وهى فى قمة إزدهارها الاقتصادى، حيث كانت الحرب فى الحقيقة عامل انتعاش قوى لاقتصادها.

حيث ظلت طاقاتها الإنتاجية تعمل ليلا ونهارا لكى تفى بحاجات الدول الحليفة، من المواد الخام والمواد الغذائية والمعدات والذخائر الحربية.

ولهذا كله فقد شهد الاقتصاد الأمريكى طفرة عالية خلال فترة الحرب، وقفزت معدلات نمو الانتاج الزراعى والصناعى والقوى المحركة، كما هبط معدل البطالة إلى أدنى حد منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبذلك خرجت الولايات المتحدة من الحرب وهى أكبر دولة دائنة فى العالم بعد أن تجمع لديها ما يقرب من ثلثى ذهب العالم.

وفى ضوء هذا الوضع الذى آلت إليه القوى والأطراف العالمية كان من الطبيعى أن تتولى الولايات المتحدة صياغة وهندسة معالم "بريتون وودز". وكان أهم ما يحركها فى رسم هذه المعالم هو حرصها على أن تساعد الترتيبات الجديدة فى الحفاظ على قوة الدفع الكبيرة التى كان عليها الاقتصاد الأمريكى أثناء سنوات الحرب، وأدركت أن هذا لن يتم إلا من خلال علاقات اقتصادية دولية حرة تتسم بدرجة عالية من استقرار أسعار الصرف، ومن خلال حركات واسعة للاستثمارات الأمريكية الخارجية، وفى ظل تجارة عالمية خالية من القيود ويتزايد فيها حجم الصادرات الأمريكية.

وفى ضوء هذا الموقف الأمريكى، كان طبيعيا أن ينتصر المشروع الأمريكى الذى قدمه "هوايت" على المشروع البريطانى الذى صاغه "لورد كينز" بشآن نظام النقد الدولى، رغم أن كلا منهما سعى لمعالجة الاضطراب فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى.

أما الدول النامية التى حضرت المؤتمر فقد كانت حتى ذلك الوقت مستعمرات أو شبه مستعمرات، وبالتالى لم تكن فى الوضع الذى يسمح لها بفرض تصوراتها ومطالبها فى النظام الجديد، أما عن الاتحاد السوفيتى فقد حضر مداولات المؤتمر للنهاية، لكنه رفض التوقيع على الميثاق ولم ينضم لعضوية صندوق النقد الدولى، بسبب الهيمنة الواضحة للاقتصاد الامريكى على النظام المقترح.

وقد تمخض مؤتمر "بريتون وودز" عن ميلاد عدد من المؤسسات منها :

1- صندوق النقد الدولى

الذى أرسى دعائم نظام النقد الدولى لعالم مابعد الحرب، وهو النظام الذى استهدف استقرار أسعار الصرف وقابلية العملات للتحويل، وعدم فرض القيود على المعاملات الخارجية. وقد اتفق أن يقوم الصندوق بالرقابة على عمل نظام الصرف الدولى وإمداد الدول الاعضاء بالسيولة التى تحتاج اليها عند حدوث عجز مؤقت فى موازين مدفوعاتها، وأعتمد نظام الإدارة وسياسة الاقراض بالصندوق على أساس قاعدة التصويت المرجح بحجم حصة الدولة العضو فى رأس مال الصندوق، وقد استحوذت الدول الصناعية السبع الكبرى على الشطر الاعظم من رأسمال الصندوق وبالتالى على القوة التصويتية الأساسية داخله، ومن ثم فقد هيمنت على إدارة الصندوق وتحديد سياساته. وعموما كان أساس نظام الصرف الدولى الذى أرساه صندوق النقد الدولى - خلال الفترة من 1945 إلى 1971 - هو اتخاذ الدولار الامريكى كعملة دولية وذلك بسبب قابلية تحويله إلى ذهب على أساس سعر صرف ثابت (35 دولارا للأوقية).

2- ميلاد البنك الدولى للإنشاء والتعمير

الذى مارس أعماله فى 25 يونيو 1946، وضم نفس الدول الأعضاء بصندوق النقد الدولى. وكان الهدف من انشائه هو المساعدة فى عمليات البناء وإعادة التعمير لما دمرته الحرب والمعاونة فى تنمية البلاد النامية ومساعدتها لاستخدام مواردها بشكل كفء وتشجيع حركة الاستثمارات الدولية الخاصة.

وفى عام 1956 ظهرت مؤسسة التمويل الدولية (التابعة للبنك) للمشاركة فى تمويل مشروعات القطاع الخاص، ثم ظهرت هيئة التنمية الدولية التابعة للبنك لاعطاء القروض الميسرة لتصل إلى مدة 50 سنة وبفترة سماح معقولة وأسعار فائدة مخفضة، وفى هذه الفترة أيضا استمرت سيطرتة على الدول الصناعية السبع الكبرى على سياسات البنك. (3)

الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة (الجات)

وإلى جانب المؤسستين السابقتين تبرز مؤسسة اخرى - أطلق عليها لفظ مؤسسة بالرغم من انها لم تكن سوى اتفاقية ليس لها كيان قانونى وهيكل تنظيمى ملزم كالصندوق والبنك وقد أنشئت لتكمل مؤسسات بريتون وودز ولتلعب دورا مكملا لدور الصندوق والبنك فى كونها الحارس على بقاء أسواق البلدان النامية مفتوحة لدخول السلع والخدمات من البلدان الصناعية وضامنا لاستمرار البلدان النامية تابعة فى توجهاتها العامة للبلدان الصناعية (4)، ولتشكل الإطار المؤسسى الضامن لاستمرار عملية تراكم رأس المال على الصعيد العالمى واستمرار نزوح.... الفائض من الدول النامية إلى الدول الرأسمالية الغنية.


 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. «فريزونر» تنظم مؤتمر -الاستثمار في المثلث الذهبي- لمناقشة فر


.. العالم الليلة | استطلاعات الرأي: الاقتصاد وليس حرب غزة يتصدر




.. كل الزوايا - ما تأثير العملية العسكرية المحتملة في رفح الفلس


.. فرصة لشراء الذهب فى هذا التوقيت.. خبير يكشف عن أفضل وقت لشرا




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 9-5-2024 بالصاغة