الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداخلتي عن الهجرة في الصالون الأدبي ببروكسل

سندس القيسي

2016 / 3 / 14
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


مداخلتي عن الهجرة في الصالون الأدبي ببروكسل

رغم أن تجربة الهجرة تختلف من فرد لآخر، إلا أنها تتقاطع وتتجاذب مع تجارب الآخرين. فأول ما يخطر على بالنا عندما نتحدث عن الهجرة هي أحلامنا ودوافعنا التي دعتنا للهجرة من أوطاننا وعيش تجربة الإغتراب. وفي حين يحسدنا أخواننا في الوطن الأم على تجربة الإغتراب، فنحن أيضًا نحسدهم على نمط حياة نراه أفضل من حياتنا الأوروبية في بعض النواحي، كالفوضى والفوضى المنظمة والدف الأُسَري والحياة الإجتماعية الثرية.

وقد يعزو البعض أسباب الهجرة إلى شعور الإغتراب والغربة في الوطن حتى حين يكون المرء بين أهله وناسه. أما بالنسبة للسؤال الذي نسأله حتى ونحن في قلب أوروبا؛ ألا وهو: أنت من أين؟ أصلك من أين؟
فأنا أعتبره سؤالاً مميزًا وخبيثًا في نفس الوقت. فهو مميز لأنه يتيح لنا الحفاظ على هويتنا الأولى، وخبيث لأن القصد منه حرماننا من هويتنا الثانية، والطعن في ولاءاتنا.

ونحن في زمن ما بعد الحداثة، حيث يمتلك كل واحد منا عدة هويات. فهل هذا يعني أننا ممزقون داخليًّا وهنا أقصد الجميع؟ هل المجتمع العصري يدفع بِنَا إلى التهلكة، مع كل التغييرات السريعة والطارئة والضغط للتخلي عن الدين والموروث الثقافي لصالح زمن الرجل والمرأة العصريين؟

نعود لموضوع الهجرة، لماذا نغادر أوطاننا؟ لعل أسباب المشرقي تختلف قليلاً عن تعليلات المغربي، فالمشرقي يهرب من الإضطهاد والحروب والدمار وبسبب حلم الحرية الذي أًحب أن أصفه دائمًا بأنه وهم وانعكاس لحالات إحباط شديدة، لأن الحرية قبل كل شيء هي حالة ذهنية، تنبع من الداخل إلى الخارج وليس العكس.

والمغربي يتطلع إلى أوروبا بلاد الإنفتاح والفرص بسبب قربه الجغرافي منها. وقد يظهر للعيان أن المغربي بمقدوره الإنصهار في البيئة الأوروبية أكثر من المشرقي لأن الأول على ليونة أكثر للأخذ والعطاء مع الآخر، وربما تكون هذه تصورات سطحية لأننا في الحقيقة لا نعرف بَعضُنَا جيدًا، وها نحن من الشرق ومن الغرب لا نلتقي إلا في أوروبا، أليس هذا مفارقًا للموضوع؟

بصرف النظر عن أسباب الهجرة، فإن التجارب الناجحة في الغرب هي محدودة والأغلبية تفشل باعتقادي، وهناك أسباب كثيرة منها أن من يأتي بعقلية شرق أوسطية لا يريد أن يغيرها بحيث تصبح حاجزًا بينه وبين الحياة الجديدة، أو هناك من يبقون خارج النظام، لا وجود لهم في السجلات الرسمية، وبمجرد ما أن يدخلوا في الدائرة البيروقراطية، تم تقييدهم وتأطيرهم. وعلى الرغم من أن الضمان الإجتماعي في أوروبا هو الأفضل في العالم، إلا أن له مساوئه، فمن دخل فيه، لا يستطيع الخروج منه، بل عليه أن يقول: "وداعًا أيتها الأحلام" ويكتفي بكفاف يومه. أما المهاجرون من شمال إفريقيا، فلهم تقاليد أقدم في أوروبا وهم أسرع في تقديم المساعدة لبعضهم البعض، ويفهمون معنى التكاتف أفضل قليلاً من مهاجري الشرق الأوسط الذين يفضلون اتباع شعار اللهم نفسي.

كيف يمكن أن نجعل الهجرة تجربة مجدية، فذلك يتم من خلال إيجاد جالية عربية موحدة في طموحاتها وتطلعاتها، بحيث تشكل هيئة أو هيئات لرعاية الجاليات وحل مشاكلها وإيصالها إلى وضعٍ فعالٍ داخل المجتمع الأوروبي ومن ثم العمل على تشكيل لوبي عربي سياسي مؤثر وفاعل، يتصدى لكل محاولات تشويه صورة العربي والمسلم.

لكن أفراد الجالية عليهم أن يفهموا من هم وكيف يربون أولادهم وبناتهم على التراث والحداثة معًا. وأن يتعلموا أن المعارضة السياسية ليست خيانة بل حق وكيف يبلوروا آراءهم السياسية ويدافعوا عنها في البرلمانات وليس المساجد. وعندما نحسن وندافع عن صورة العربي والمسلم (العربي)، فإنه سيأخذ فرصًا أفضل في العمل، وعندما يعلم أن خلفه تكتلات وهيئات تدافع عنه، لن يكون مرعوبًا يتلفت يمينًا ويسارًا، ولن يضطر أن يلجأ للعنف سأمًا من العنصرية، وعندها ستضطر وسائل الإعلام أن تحسب ألف حساب قبل أن تدعس بقدميها القذرتين على مقدساتنا. عندها ستخاف من القضاء ومن حتى التلويح الجاد به. ولهذا تسمى السياسة سياسة. وهذا ما ينفع في أوروبا. علينا تعلم وممارسة فن السياسة في كافة مجالات حياتنا، إذا أردنا أن تقوم لنا قائمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو