الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخري.. مرارتنا اتفأعت

عمرو اسماعيل

2005 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لا أعرف الجذور اللغوية لكلمة اتفأعت أو لماذا ننطق القاف ألف ولكن هذه الجملة تعبر في وجدان الشعب المصري عن عدم القدرة علي احتمال المزيد مما ينذر بالأنفجار .. فعلا الشعب المصري علي وشك أن تتفقع مرارته فالغلاء يعصف بالغلابة والغني يزداد غنا و الفقير يزداد فقرا والفساد يضرب بأطنابه اقتصادنا والشباب يفتقد الرؤية و الأمل في المستقبل.. و رغم ذلك نفس الوجوه كاتمة علي نفسنا منذ سنين طويلة في الوزارة و مجلس الشعب.. وهاهي نفس الوجوه تنجح مرة أخري في انتخابات 2005 رغم أنف الجميع ..
هناك وزراء انتهي عمرهم الأفتراضي وثبت فشل سياسة وزاراتهم مرارا و تكرارا ورغم ذلك يحتفظون بمناصبهم كأنما مصر قد أصبحت عاقرا أن تنجب غيرهم وكذلك أعضاء مجلس الشعب فمعظمهم لم يتغيروا منذ سنين والسبب أن الحزب الوطني لا يعرف أن التجديد و التغيير هي سنة الحياة.. وهناك أجيال بالكامل لم تأخذ فرصتها في القيادة إلا القليل منها التي تجيد النفاق أو بالعامية مسح الجوخ.
و فقدنا الأمل في الحصول علي الديمقراطية الحقة لأن الحكومة سمحت لنا بهامش من الحرية تعايرنا به وتذكرنا دائما أنها ممكن أن تحرمنا منه وكأنما الشعب هو مجموعة من البلهاء قد فرض عليهم الحزب الوطني الوصاية.. وعندما قررت الحكومة نتيجة للضغوط الخارجية قبل الداخلية أن تدير انتخابات تدعي انها ديمقراطية .. قررت أن تثبت للعالم أجمع أننا لا نعرف الا ديمقراطية البلطجة والرشاوي الانتخابية وأغمضت عينها عن القانون الذي يعتبر أن جماعة الاخوان جماعة محظورة وسمحت لهم بحرية الحركة واستخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية ونسقت معهم أو نسق فصيل من الحرس القديم داخل الحزب الوطني معهم ليحصلوا علي نسبة لا بأس بها في هذا الانتخابات في مقابل تأييدهم وعدم الترشح ضد الوجوه القديمة من الحزب .. ليستخدمهم النظام كفزاعة يخيف يها الغرب ويقول له هذا ماسيحدث إذا اقمنا انتخابات ديمقراطية ستوصل الي مقاعد الحكم الاسلاميين مع كل عدائهم للغرب والحرية والديمقراطية .. رغم ان الحكومة خالفت القانون والدستور بسماحها لجماعة الاخوان المحظورة دخول الانتخابات كأي فصيل سياسي أخر له شرعية قانونية ....
مرارتنا اتفأعت فالوجوه هي الوجوه ومن يحتلوا المقاعد الأمامية لم يتغيروا منذ عقود تجدهم في مؤتمرات الحزب الوطني و مؤتمرات الأصلاح الديمقراطي وهي نفس الوجوه التي تقلبت من حتمية الأصلاح الأشتراكي الي حتمية الأصلاح الرأسمالي وهي تشارك الآن في حتمية الأصلاح الديمقراطي .. ولكنه اصلاح يضع في الأعتبار خصوصيتنا و يا حبذا لو تم تأجيله الي مابعد حل القضية الفلسطينية و القبض علي أسامة بن لادن و القضاء علي المتطرفين و يا حبذا بعد القضاء علي البلهارسيا والناموس و الهاموش أو استيراد شعب جديد من المريخ لا ينتخب الأسلاميين أن طبقنا الديمقراطية.. ..
وأنا للحقيقة لا أشك أطلاقا في النوايا الحسنة للسيد جمال مبارك ولكني أقدم له نصيحة من أخ أكبر سنا أن يتخلص من حزب تصلب الشرايين المسمي مجازا الحزب الوطني ويكون حزبا جديدا لا يقبل عضوية من هو مولود قبل 1960 ( أنا غير صالح لعضويته) و ينزل الي الشعب و الشباب الحقيقي و عندها فقط قد يستطيع تحقيق ما قد يتمناه لمصر.. وعندها فقط قد لا توجد خطوط حمراء و لا صفراء.
يا سادة أن الشعب المصري له الحق أن تنفقع مرارته لأنه عرف الديمقراطية قبل كثير من دول العالم قبل اليابان و كوريا و دول أوروبا الشرقية ثم نجد من يتعمد إثبات أنه غير مستعد للديمقراطية.. أن الشعب المصري يعرف مصلحته تماما و أن تركت له الحرية الحقيقية في الأختياردون بلطجة ورشاوي انتخابية وألاعيب سياسية وابتزاز لمشاعره الدينية .. سيختار من يحقق له مصلحته لا فرق في ذلك بين حامل الدكتوراه و بين أي فلاح بسيط في أي قرية نائية.. أن الشعب الذي استطاع أن يتعامل مع جميع أنواع الطغاة و لم ينهار .. واستطاع أن يتحمل جميع السياسات الأقتصادية الخاطئة للحكومات المتعاقبة ولم ينهار.. واستطاع أن يتحمل نهب ثرواته علي أيدي شركات توظيف الأموال و نواب القروض و رجال الأعمال ولم ينهار لهو أكثر شعوب الأرض معرفة لمصلحته .. وهو أكثر شعوب الأرض قدرة علي ممارسة الديمقراطية في أفضل صورها أن أتيحت له الفرصة الحقيقية .. أن الشعب المصري شعب وسطي متسامح محب للحياة و يحب من يقف الي جانب الغلابة.. ويحب من يحبه .. التاريخ يقول ذلك .. صبره طويل و مقاومته سلبية و ماكرة و لذلك لا ينهار ولكن ليحذر الجميع اللحظة اللي تتفقع فيها مرارته بجد فعندها فقط لا يمكن التكهن برد فعله و لعل المثال الواضح لذلك هو حرب 73 فقد اتفأعت مرارته من حالة اللا سلم و اللا حرب التي كان يعيشها والتجنيد الطويل المدة علي ضفة القناة و رؤية اليهود وهم يستمتعون بسيناء و القناة فكان أداؤه البطولي في الحرب الذي فاجأ الجميع.
أننا نحتاج فريق من الجراحين المهرة لأستئصال المرارة للشعب المصري قبل أن تتقيح و تنفجر فالمسكنات و المضادات الحيوية أصبحت غير ذات جدوي.. فمرارة الشعب علي وشك أن تتفقع وساعتها لا يمكن توقع النتائج فسنكون جميعا خاسرين حكاما و محكومين ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة