الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يأتي الصباح

صبري هاشم

2016 / 3 / 14
الادب والفن


حين يأتي الصباح
**
حتى لو أنتظرتَ طويلاً لن تأتيَ الحافلة
قالتْ امرأةٌ عابرةٌ وهي تلوكُ اللُبانَ
كنتُ منتظراً والكلبَ الذي يرتجفُ مِنِ البردِ
هذا الصباح
هو يلوذُ بيَ وأنا بِهِ ألوذُ
والرصيفُ الذي ظلَّ يحتجُّ على وقوفِنا صارَ يُدَمْدِمُ
رُبَّما يرفضُنا
حتى الرّصيفُ الذي آنسناهُ طويلاً بضَياعِنا
صارَ يرفضُنا
الكلبُ يَتَطَلَّعُ إليَّ بعينينِ منكسرتينِ
وأنا أنظُرُ إليهِ بشفقةٍ وبعينينِ دامعتينِ
والحافلةُ التي اعتادتْ أنْ تأتيَ مُحملةً بالشيوخِ والسنيوراتِ في العادةِ
لم تصِلْ بعدُ
بضعةُ أطفالٍ وبضعةُ شيوخٍ وبضعُ سنيوراتٍ
يتقدمون نحوَ موقفِ الحافلةِ هذا الصباح
والحافلةُ لم تأتِ
والرّصيفُ نافدَ الصبرِ يُدَمْدِمُ
ورُبَّما يشتمُنا ونحن ننتظرُ

**
ومِنِ الرّصيفِ
لم أرَ تلّةَ (همبولدت هاين) هذا الصباح
التلةُ التي جعلوها للإشرافِ على كلِّ برلين
والتي مِنها كان يتجسسُ الألمانُ الغربيون على الألمانِ الشرقيين
لَمْ أرَها هذا الصباح
فالغابةُ العاريةُ التي احتضنتْها دهراً
غادرتْ منذُ الفجرِ
لا أحدَ يعلمُ وجهتَها فالألمانُ يتكتمون
في الغالبِ على حركةِ الأشياء
وانفلاتِ الأفكارِ
خوفاً مِن إفشاءِ الأسرارِ
التلةُ في حدائقِ (همبولدت هاين)
غادرتِ المكانَ
حين انتفتِ الحاجةُ لها
هكذا قيلَ هذا الصباح
**
الشيخُ الألمانيُّ المُنفعلُ
ظلَّ يشتمُ الأغرابَ الذين تزاحموا معهُ
على ركوبِ الحافلةِ
هذا الصباح
العجوزُ الألمانيُّ المسكينُ الذي ظلَّ يتشكّى في المحطّةِ القادمةِ مِن كثرةِ اللاجئين
يقولُ شاركونا في بلادِنا
ولا يُجيدون ركوبَ الحافلاتِ
ثم يُضيفُ : إنّهم يأتون بلا توقُّفٍ
ويُرَددُ : كفى كفى لقد ضاعتْ ألمانيا
قلبي معكَ أيُّها الشيخُ
لقد كنتَ عوناً لنا
فاعطِنا فرصةً كي نرُدَّ لكَ الجميلَ
**
هذا الصباح اخترتُ نبيذي
وانطلقتُ إلى شؤونيَ الأخرى
وقلتُ سأكتبُ شيئاً مُختلفاً
حتى إذا ما حلَّ المساءُ
عاقرتُ كأسيَ
لكنَّ شيئاً لم يأتِ
وعربةُ أفكاري تعطّلتْ في الطَّريقِ
حاولتُ حتى المساء ونفدتْ ذخيرتي مِنِ النبيذِ
ولم يأتِ شيئٌ جديدٌ

**
هذا الصباح
أردتُ أنْ أُغازلَ امرأةً
تصغرني سنّاً ربما بعشرين عاماً
أرسلتُ نحوَها ابتسامةً عَبْرَ مَقْعَدَيْنِ في المقهى
وأرسلتْ إليَّ شيئاً مُشابهاً
ربّما أكثرَ نداوةً
المرأةُ التي ظلّتْ تُحدِّقُ بي
حَجَبَتْها عنّي قامةُ رجلٍ
أصغر منّي سنّاً ربّما بألفِ عامٍ
فيا للشيخوخةِ التي في مرجلِها يحترقُ الرّجالُ
ويا للشيخوخةِ التي مرّغتني في مُستنقعِ الوهمِ

10 ـ 3 ـ 2016 برلين
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??