الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حفنة تراب وقارورة زيت.

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


نير برعام ، كاتب إسرائيلي من جيل الشباب ، يساريٌ في السياسة والاقتصاد ، حصد جائزة اسرائيل لأفضل كاتب شاب ، وتربع أحد كتبه على رأس قائمة الكتب الأكثر مبيعا في اسرائيل .. والده الوزير السابق عوزي برعام والذي شغل منصب سكرتير عام حزب العمل الإسرائيلي.. وكان الوزير برعام من جناح الحمائم في الحزب وما زال حمائميا ..
صدر لنير برعام حديثاً كتابٌ بعنوان "البلاد خلف الجبال " ،يتحدثُ فيه عن زياراته الكثيرة لبلاد ما وراء الجبال ، ألا وهي الضفة الغربية المحتلة ، ولقاءاته مع الفلسطينيين في المخيمات والقرى ، والمستوطنين في مستوطناتهم .. وقد وصف برعام الإحتلال بأنه، " ماكينة ذات قوة هائلة ، تقوم اذرعتها المتعددة بتحقيق التطلعات اليهودية " ..
لم يكن في نيتي وعند وضع عنوان هذه المقالة ،أن أُضفي رمزية ما لحفنة التراب وقارورة الزيت ، بل كان قصدي أن أتحدث عن طلب أحد أقاربنا منّا ،في حال قدومنا لزيارة الأردن ، أن نحضر له حفنة تراب من تراب الوطن وقنينة زيت من البلاد ،حتى يستعيد ذكريات والده المرحوم والذي وافته المنية وهو يحلم بتنشق عبير ملاعب الصبا في حفنة تراب ، وأن يتذوق طعم الحياة التي ولّت بغمس قطعة خبز بزيت البلد.
هكذا هم كبار السن الذين عاشوا حياتهم وهم يتحسرون على الاشياء البسيطة التي تعيد ذكرياتهم حية ..
ونير برعام الذي التقى في جولاته بالكثير من الفلسطينيين وخصوصاً سكان مخيمات اللاجئين ، والكثير من المستوطنين ، يصلُ الى نتيجة مُفادها، بأن ابناء الشعبين يحلمون نفس الحلم ، أو على حد تعبيره "يُخطئون" بنفس الحلم ..
فالفلسطينيون يحلمون بأن يعود اليهود أدراجهم الى البلدان التي قدموا منها ، لكن المدهش في الأمر، بأن الفلسطينيين (عند برعام ) ورأفة باليهود ، لا يرغبون لهم بالعودة الى الدول العربية ،خوفاً عليهم .. أما اليهود الذين التقاهم في بلاد ما وراء الجبال، فيحلمون بإختفاء الفلسطينيين وليرحلوا الى المريخ ، أو الى الأردن ، أو الى أية دولة مستعدة لإستقبالهم ، مع إعطائهم تشجيعاً ماليا على الهجرة ، من قِبل المؤسسات الرسمية والشعبية اليهودية . بينما ورأفةً بالفلسطينيين فإن برعام يروي كيف ان سلطات الاحتلال تتوجه للمحاكم لمنع الفلسطينيين من فلاحة اراضيهم ،خوفاً عليهم من اعتداءات المستوطنين . وهذه الرأفة المتبادلة أو الخوف على مصير كل طرف من قِبل الطرف الآخر ، ورغم سخريتها المرة ،فهي تعبير ولو بالحد الأدنى عن تعاطف متبادل ..
هذا الحلم المتشابه والنقيض هو الذي سيؤدي في النهاية، إلى القضاء على حل الدولتين وإحياء حل الدولة الواحدة .. لقد روى برعام وفي مقابلة تلفزيونية بأن أحد اللاجئين الفلسطينيين أبدى رغبته بالعودة الى قريته، وبالمقابل فهو على استعداد لحمل الجنسية الاسرائيلية أو الهوية الاسرائيلية .. !!
انه صراع من اجل حفنة تراب وقنينة زيت ، مع ما تحملانه من رمزية قومية ، وطنية وتاريخية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حل الدولة الواحدة
نضال الربضي ( 2016 / 3 / 16 - 08:55 )
يوما ً طيبا ً أتمناه لك أيها العزيز قاسم،

كنت ُ في ما مضى مقتنعا ً بحل الدولتين: فلسطينية، إسرائيلية، لكنني غيرت هذه القناعة لصالح حل الدولة الواحدة.

لا يمكن أن يسمح الإسرائيليون للفلسطينين بدولة حقيقية لها مقومات اقتصادية و بُنى تحتية منافسة، كما أنهم على الصعيد السيادي سيفرضون كيانات ٍ أمنية هشة و جيشا ً إن صح َّ تسميته أشبه بميليشات مسلحة تحت السيطرة و الانضباط لا أكثر، و بالتالي يكون الاسم دولة بينما المُسمَّى مجرد كنتون.

أما في حل ِّ الدولة الواحدة فبالضرورة سيكون لكل المواطنين: عرب، إسرائيلين، نفس الوضع القانوني القائم على مواطنة كاملة، و في هذا ضمان لجميع الحقوق الإنسانية الشخصية و مدخل مهم للتقاضي في المظالم و خصوصا ً الأراضي و الممتلكات.

يفهم الكيان الإسرائيلي هذه المعادلة جيدا ً لذلك فخيار الدولة الواحدة غير مطروح، بينما خيار الدولتين مطروح للتداول لكن بشروط إسرائيلية.

أعتقد أن من مصلحة الفلسطينين أن يُطالبوا بدمجهم في الدولة الإسرائيلية و يتبنوا خيار الدولة الواحدة، أودُّ سماع رأيك َ في هذا الموضوع.

مع وافر محبتي و تقديري!


2 - العزيز الغالي نضال
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 3 / 16 - 11:30 )
تحياتي واشواقي
الاستيطان هدف ويهدف الى خلق كانتونات منفصلة ،لذا اصبح من الصعب إقامة دولتين .
ومع ذلك فالهاجس الديموغرافي هو ما يُشغل بال الإسرائيليين .
اليمين يحلم بالترانسفير واليسار ينادي بحل الدولتين مع تعديلات حدودية .
لكن غالبية الإسرائيليين لن تقبل بحل الدولة الواحدة لذا فحكومة نتانياهو تفاوض هذه الأيام مع السلطة لتسليمها مناطق -ج- ذات الأغلبية الفلسطينية ..
الحل بيد أمريكا كما قال الأستاذ افنان القاسم في احدى مداخلاته .
ولكن بما ان الفلسطينيين -يخطئون- بحلم شبيه ، كما قال نير برعام فالحل هو في دولتين مع حدود مفتوحة كما يقترح البعض في هذه المرحلة .
شكرا وخالص مودتي


3 - لكن الحقوق ستبقى منقوصة
نضال الربضي ( 2016 / 3 / 16 - 12:52 )
شكرا ً لردك أيها العزيز قاسم!

ألا تعتقد أن دولتين بحدود مفتوحة يعنى بالضرورة وجود دولة متفوقة هي الدولة الإسرائيلية التي يتمتع مواطنوها بحقوق و اعتراف دولي كمواطني دولة من دول العالم الأول،،،

،،، بينما يبقى الفلسطيني مواطنا ً في دولة إمكانياتها محدودة جدا ً و بالتالي لا أمل لها بتطور أو لمواطنيها برخاء؟

أليس أن الأفضل هو الضغط باتجاه قبول جميع الفلسطينين كمواطنين في دولة إسرائيل مع حقوق مواطنة كاملة؟ هذا سؤال لنا كعرب و ليس للإسرائيلين الذين بلا شك ترعبهم مسألة القنبلة الديموغرافية الفلسطينية.

وافر مودتي!


4 - بين المُتاح والمأمول
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 3 / 16 - 13:34 )
تحية حارة بالجو البارد
هو كما تقول وسيتحول مواطنو الدولة الفلسطينية العتيدة الى منجم للعمالة الرخيصة كما كانوا قبل أوسلو .
نحن كمواطنين في دولة إسرائيل (عرب إسرائيل) نعاني من تمييز صارخ في كل مناحي الحياة ، فما بالك بالفلسطينيين (مواطني السلطة في الضفة والقطاع )؟
هذا ليس كلاما على عواهنه بل وباعتراف حكومة نتانياهو الحالية.
الوضعية معقدة والحديث يجري عن انقاذ ما يمكن إنقاذه وليس عن العدل ..
مودتي الخالصة

اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي