الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأيدز مُنتحلاً

احمد جميل برهان

2016 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تريسياس : أن الحكمة لأقوى من الخير كله
كريون : كما أن قلة الحذر هي أعظم الشر
تريسياس : ومع ذلك فهو الشر الذي ألم بك
كريون : لا أريد أن القى كاهناً بمثلما يلقاني به من الإهانة
تريسياس : ومع ذلك فهذا ما تفعل حين تصف نبؤتي بإنها كاذبة
كريون : كل أمر الكهان جشع
تريسياس : وكل أمر الطغاة حب للنفع المخزي
كريون : أنت كاهن بارع لكنك تجد لذة في الإساءة
تريسياس : توشك أن تدفعني الى أن أعلن عما تخفي نفسي
كريون : أعلنه ولكن لا يدفعك الجشع الى الكلام
تريسياس : أكذلك يظهر لك حقاً ما أقول حين أتحدث اليك ؟

مشهد من رائعة سوفوكليس " أنتيجونا " , من بعدما أمتنع كريون من دفن بولينيس ووضع أخته أنتيجونا في محبس مغلق , ولم يمتثل لتوسل أبنه خطيب المذكورة أنفاً , فيأتيه الكاهن الشهير " تريسياس " , الذي يبدأ بسرد النبوءات على كريون , النبوءات الدينية , نبوءات الالهة ويخبره بأنه سيفقد أحد أحبائه إن لم يمتثل لهذه النبوءات الآلهية . بعدها يقتله أبنه نفسه أمامه ثم تقتل زوجة كريون نفسها حين تعلم بموت ابنها " هيمون " , ولكن كريون لم يمتثل لذلك ويفقد ابنه وزوجته بسبب تعنته وبسبب عناده الشديد .

لطالما أعجبني المسرح اليوناني وأساطيره فوجدت هذا المقطع الحواري يليق بما يحدث اليوم في هذا الوطن مسلوب البكارة والوعي .

الاحزاب والكتل التي تحكم العراق لا تختلف عن تلك المواخير رخيصة النساء كثيرة الامراض , فالمرء ما أن يخرج من ذلك الماخور ليجد نفسه بعد وقت قصير بأنه مصاب بمرض الأيدز الجنسي عندها يبدأ بالتعطش للممارسة الجنس فيقوم بنقل ذلك المرض لكل من يلامسه , أما مقرات الاحزاب والكتل الدينية والسياسية فهي لا تختلف عن ذلك الماخور , لان من يدخلها لن يخرج الا وهو يحمل مرض الايدز الفكري , الايدز الفكري المُمكن أن نقول عنه الوعي المُغيب او المزيف . الوعي المُغيب او المزيف الذي لا يختلف عن المرض المذكور .
فما أن يغيب وعي الفرد لا يكتفي بذلك وأنما يحاول أن يجد أكثر عدد ممكن من الاشخاص لينقل لهم هذا المرض . لأن كاهن ذلك الحزب كما قال كريون لتريسياس " أنت كاهن بارع لكنك تجد لذة في الإساءة " , الا أن كريون اذكى من ذلك الفرد كونه قد اكتشف الاساءة في براعة ذلك الكاهن , أما الفرد فأنه لن يكتشف سوى تلك البراعة بالتالي يخرج في وسائل الاعلام ويصرح ويصرخ في وجه أي شخص ينتقد ذلك الكاهن او السياسي بأنه " تاج رأسك " , حتى بات الفرد العراقي يحتاج لأكثر من خمسون رأس ليحمل تلك التيجان عليه .

أما سبب ذكري لتريسياس المتمثل بالدين وكريون المتمثل بالسلطة او الحكومة , كون رجل الدين في وطننا يُشرعن ما يخدمه عن طريق أدوات الدين التي لديه , فيستخدم الدين كأداة لتمرير أهدافه وغايته بما يتناسب معه وحزبه , بالتالي يتمسك بالدين ويضعه في وجه القانون والحكومة , فيقف القانون عاجزاً أمام الدين , أما السلطة والحكومة والقانون فيتمسك بها رجل السياسة الذي تسنم منصبه عن طريق الدين نفسه في وجه الدين , وهذا ما لا يقبله العقل ولا المنطق , وايضاً ليمرر أهدافه وغاياته ويضع السلطة كبندقية في صدر الدين , الى أن يتوصل الكاهن والسياسي لتسوية ليمرران أهدافيهما بالتعاون بين الدين والسياسية , والشعب المسكين تنفد سجائره بعد كل لقاء صحفي يظهر على شاشة التلفاز سياسي او رجل دين يلقي خطبة دينية . والعجيب أن أغلب الشعب يؤمنون ويصدقون جميع هؤلاء , متى يعي الشعب أن السياسي ورجل الدين كمثل الذي ينهى عن الاستمناء علناً ويمارس الزنا بالخفاء .!

الأيدز ينتقل بنفس السرعة التي ينتقل بها الوعي المزيف , لذا من الممكن أن أطلق على الوعي المزيف " الأيدز مُنتحلاً " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن