الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن العراقي ... ليس رقما في المعتقلات

ماجد فيادي

2005 / 11 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أجد نفسي في حيرة, عندما أتناول تصريحات السيد وزير الداخلية العراقي جبر صولاغ, حول الفضيحة الأخيرة, بتعذيب عدد من المعتقلين( وهي ليست الوحيدة), وحيرتي تكمن في أن السيد الوزير يمثل الحكومة العراقية, أم يمثل قائمة الائتلاف العراقي الموحد. في الحقيقة الفرق كبير, وهو يتعلق في انتقال العراق الى نظام المؤسسات, أو البقاء في حكم الدكتاتوريات, بعيدا عن القانون واحترام حقوق الإنسان.
توصلت من حسبة بسيطة, أن السيد وزير الداخلية يمثل قائمة الائتلاف العراقي الموحد, ويعود ذلك الى المقابلات التي أجراها عبر الفضائيات والصحف, والتي في اغلبها تحدث عن القائمة بقدر حديثه عن الحكومة, في الوقت الذي يجب عليه أن يمثل العراق كوزير ضمن حكومة ائتلافية, اضافة الى أخطائه السياسية والمهنية التي تصب في انتمائه للقائمة لا الحكومة. من هنا احمل قائمة الائتلاف العراقي الموحد مسؤولية ما جرى في معتقل الجادرية, بكل محتوياته من أدوات تعذيب الى سجانين الى حراس, فلو كان المعتقل يمثل الحكومة العراقية لتكشف الأمر بسرعة, دون الحاجة الى تدخل قوات الاحتلال, ودون الحاجة الى تشكيل لجنة تحقيق بناء على طلب السيد رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري, استند في ذلك على تواجد لوزارة حقوق الإنسان في كل السجون العراقية, وعلى رفض العديد من العراقيات و العراقيين لهكذا ممارسات.

ابدأ بالتذكير, بلقاء بين وفد كردستاني مع وفد يمثل الحكومة العراقية في عهد الدكتاتور صدام بعد كارثة الأنفال, عندما طالب الوفد الكردستاني بكشف مصير مئة واثنان وثمانين ألف مواطنة ومواطن كردي, فجاء الرد من احد الضباط أن المفقودين عددهم مئة وعشرون ألف, فلماذا ترفعون العدد وتضيفون عليه ستون ألف. يبدو لي أن التاريخ يعيد نفسه, ولكن بأيادي ولسان آخرين, فها هو السيد جبر صولاغ يقول مبررا,ً إن عدد الذين تعرض للتعذيب سبعة فقط, فلماذا الحديث عن العشرات والمئات.
يبدو لي أن السيد الوزير يجهل ماهية منصبه, ويتعامل معه باستهتار, ويجد فيه فرصة لتصفية الحسابات مع من يختلف معه في الفكر والدين والقومية والطائفة, وينظر الى المعتقل العراقي, على انه رقم في احد المعتقلات, وما يصيبه (المعتقل) من انتهاكات لحقوقه كمواطن, لا قيمة له في ضل نظام الأخذ بالثأر, ومحاولة فرض السيطرة والهيمنة الطائفية, ويرى في الوصول الى أسرع النتائج في تحقيق الأمن وبأي ثمن, فرصة في البقاء بالسلطة عبر آلية الديمقراطية متمثلة في الانتخابات, وان ما يحصل عليه من ثناء كوزير داخلية همام, يبرر له انتهاك حقوق الإنسان.
إن تصريح وزير الداخلية جبر صولاغ, عن إشغال قوات الاحتلال للسجون العراقية ( والمقصود بها السجون التي بناها الدكتاتور), وجد فيه مبرراً لاستخدام أماكن بعيدة عن المراقبة من قبل وزارة حقوق الإنسان, وفرصة في القيام بعمليات التعذيب وتلفيق التهم ضد خصومه, وقتل من لا يتجاوب معه بعد تعذيبه وإهانته, هذا ما أكده العديد من المواطنين من الذين قدر لهم الخروج من المعتقل, بوجود مكان للتصوير مجهز وفيه مجموعة من الأسلحة, لكي تصور بجانب المعتقل, كاعتراف منه بالعمل مع الإرهابيين. هذا يذكرني يوم اختيال الشهيد الصدر الثاني, عندما جاءنا أزلام الدكتاتور عبر شاشة التلفزيون, بعدد من المعممين يعترفون بقيامهم باختيال السيد الصدر, وذلك لخلاف كان بينهما.
السد جبر صولاغ, إن مفهوم ( انتهاك حقوق الإنسان) يقصد به الفرد, أي انتهاك حقوق مواطنة أو مواطن واحد, وهو يتعاظم في شانه عندما تنتهك حقوق مجموعة من البشر, فان مورس انتهاك لحق الفرد كانسان, يعني الانتهاء بانتهاك حقوق المجموع, هذا ما مارسه الدكتاتور على مدى عقود, فقد بدأ بالفرد وانتهى بعقاب جماعي للشعب العراقي, عبر المقابر الجماعية واستخدام الكيماوي والسجون المليئة بالمعتقلين.
السيد جبر صولاغ إن تقليلك لأهمية تعذيب سبعة أفراد, يعني بالنسبة لي, استعداد ذاتي للاستمرار في انتهاك حقوق المواطنة والمواطن العراقي, فالفرد في المجتمع العراقي يرتبط بالعائلة حسب العادات والتقاليد العراقية, أي انك تغض النظر عن معانات عوائل المعتقلين, من قلق وخوف وعازة مالية يتبعها انحلال اسري, نتيجة الفقر والنقص في فرص العمل وتوفر مصادر العيش.
السيد جبر صولاغ, يبدأ الجلاد صغيراُ وبعيداً عن مهنة التعذيب, لكنه شيء فشيء يتحول الى خبير تعذيب, ويتحول الى مبتكر لوسائل التعذيب, وإهانة الإنسان, فهل تعي ذلك؟؟؟

السيد جبر صولاغ,إن المواطن العراقي ليس رقماً في المعتقلات السرية, ولا قضية ملفقة بدون أدلة, أو مذكرة اعتقال غير قانونية, بل هو مشروع بناء هوية وحضارة ومشاركة في مجتمع دولي, عبر منظمات المجتمع المدني بما فيها الاحزاب, والحكومة تتحمل العبء الكبير في دفع المجتمع نحول الأفضل, عبر برامجها التنموية والاقتصادية والسياسية, أما أن نعود الى العهد الذي ينادى به على المعتقل بالرقم, ويشار للسجناء بالعدد, واستخدام وسائل تعذيب كان الدكتاتور يستخدمها, فهذا يعني دكتاتورية جديدة, تؤدي الى الحرب الأهلية, ولا أجد لذلك مصيراً آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب