الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور سعيد سعدي.. ماذا لو لم يكن رجل سياسة؟

بوشن فريد

2016 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


الدكتور سعيد سعدي..ماذا لو لم يكن رجل سياسة؟...
استنادا إلى الكثير من القراءات المتعددة والتي تصب في نفس الخانة السلبية..وغير مبررة أحيانا.. بمعنى تلك الهجمات الإعلامية ومن مختلف الشخصيات المصنفة جهلا في طبقة الشخصيات المفكرة والحريصة على سلوك الوطنية في مجتمعنا..التي سمعناها في مختلف القنوات تنقد مواقف وكتابات الدكتور سعيد سعدي..هذا المثقف الصامد أمام مختلف أشكال الهول الإعلامي والبزنسة الإيديولوجية..ووهب كامل طاقاته الفكرية والجسدية في خدمة الوطن..الوطن لا غيره.. ذلك النقد الشرس غير المبني على الأسس المتعارف عليها.. حيث كانت مجرد صيحات غير موضوعية والأقرب إلى صرخات في واد عميق لا يسمع صداها غير الغربان وبقايا أشباه المثقفين..
منذ بروز صوت المفكر الوطني الدكتور سعيد سعدي..وبوحه بكل جرأة أدبية وأخلاقية عن أوجه الخلل المنتج للهلاك للوطن والأفراد في جزائر ما بعد الاستقلال..ووسائل الإعلام في البلد خاصة الإعلام المكتوب بالعربية تسهر جاهدة بتمزيق سمعته وذكائه..بحيث كلما صرح الدكتور سعيد سعدي بكلام ما حيال قضية معينة..تتسارع تلك الآلات المهيأة منذ نشأتها للمساومة والمقايضة من طرف عصابة تحتكر الحرية الإعلامية لوحدها.. لرسم ما قاله في جرائدهم بالبنط العريض..وباللون الأحمر.. كإشارة منها أن ذلك الخبر الذي تم التصريح به من شخص الدكتور خبر خطير ومهدد للوحدة الوطنية.. وهذه حجة منطقية على أن إعلامنا غير مستقل..ومشارك مباشرة في زرع بذور الفتنة وتدنيس كل مفكر حر في بلد قال عنه أسلافنا..أنه بلد الأحرار والمقاومة.
الآن..لنعد لصلب الموضوع..ونطرح مثل هذا الإشكال..ماذا لو لم يكن الدكتور سعيد سعدي رجل سياسة, ولم ينتمي أصلا إلى مدرسة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية..وكان كاتبا دون إيديولوجية حزبية..هل سيتعرض بالفعل.. لمثل هذا الحقد الغريب والبشع؟ وهل سيحظى بمساحة محترمة في صفحات الصحافة, ويتم تكريمه كواحد من المفكرين الوطنيين الغيورين على وطن أحوج أكثر من أي وقت إلى أمثاله مما فيه من فكر تقدمي حدثي وضمير حر؟..
الحق أقول لكم..إن كتابات ومواقف الدكتور سعيد سعدي تأخذها تلك النخب الإعلامية من منطق أن صاحبها رجل سياسي ومتزعم لحزب تم تعريفه إما جهلا أم حقدا على أنه حزب علماني متطرف ومشوش للقيم الإسلامية الغارسة في مجتمعنا..لذا فكل كلام أو موقف يتلفظ به الدكتور ولو من منصبه كمفكر أو كاتب لقضايا التاريخ يتم حصره عمدا ونقده من هذه الزاوية..
وهناك جانب آخر..جانب دراسة أفكار مثقفينا من زاوية الجهوية المقيتة..أي أنه مازال إعلامنا وأشباه محللين يعتمدون في قراءة المواضيع الفكرية التي يحاول أمثال الدكتور سعيد سعدي بمناقشتها ومنحها الصلاحية الممكنة للنقاش والنقد البناء والموضوعي على البعد الجهوي الموروث من أخلاق الاستعمار الفرنسي..والغرض من ذلك.. دحر كل فكر مخالف لثقافة النظام القائم المبني على كل أشكال العنصرية والشمولية والعبثية.
فالدكتور سعدي أحسن مثال بالنسبة لواقع المثقف الذكي والحر في بلادنا..الذي عانى ككل أدمغة جزائر المستقلة للقمع المعنوي في حق وطنيته.. وذاق أبشع التهم في تاريخه ومصداقيته وشرفه النضالي باتهامه باطلا بالرجل العنصري المناهض للغة العربية والمعادي للدين الإسلامي بمجرد أن يفكر علانية ويطلق بأفكاره بطريقة موضوعية ومباشرة.
فهل بالفعل..كل ما يصدر من فكر وذكاء من منطقة القبائل "المنطقة المعروفة تاريخيا بالولاية الثالثة..والتي يصفها التاريخ المعاصر نظير تشبعها بالوعي السياسي والثقافي والنضالي بالمنطقة المشكلة للسلطة المضادة لهذا النظام غير الشرعي".. لا يستحق اعتباره والاعتراف به؟..
من العبث ادعاء حب الوطن وحماية الوطنية في وقت نمضغ مفكرينا مضغنا بشعا.. ونبني سمعتنا مهما كانت صفتها عبر إنقاص من نضال مفكرينا..
بمثل هذا السلوك الاندفاعي وغير المؤسس على الطبيعة النقدية المنتجة والمثمرة, واعتمادنا على عامل التهويل بدل النقد الشريف..والتجريح بدل بناء تحليل منطقي..ما جعل الساحة الثقافية في البلد تتعرض إلى هجرة الأدمغة أو اختيارها طابع الانعزالية من دون إبداء آرائهم وتصوراتهم إزاء الأوضاع التي يعرفها المجتمع..وهذا ما أدى كذلك لظهور بوادر الصمت وبشاعة المواضيع الثقافية والفكرية وحتى السياسية التي يتم تناولها من قبل النخبة الجزائرية. ولكن بالنسبة للمثقف الوطني سعيد سعدي هكذا تصرفات وردة فعل إعلامنا المنحازة لخدمة إيديولوجية المنظومة الحاكمة بدل خدمة الفكر وإنارة ضمير المجتمع لم تدفع به لاختيار العزلة والهروب من خدش الصحافة.. ولم يرتدي رداء الانطوائية وسياسة الهروب إلى الأمام أو إعادة تصحيح انطلاقة ونوعية كتاباته حتى يتسنى له إرضاء أعداء الفكر التحرري والحداثي المتحكمين الفعليين في مصير الكلمة الحرة والبناءة في البلد..بل بالعكس فرغم ما أصاب الدكتور سعدي من مكاره إعلامية وشتائم من أنصار العقدة القومية والدينية, وتعرضت كتاباته إلى نوع من الرقابة الانتقامية وتزوير معاني رسائلها الحقة إلا أنه عازم كل العزم بتكملة مسيرة نضاله وأصبح أكثر إصرارا من ذي قبل في ضرورة العمل على ترقية الألباب الصاعدة في ظل انتشار هكذا مضايقات وسموم إعلامية تطرفية.
إن العمل على احترام خصومنا من مختلف التيارات الفكرية..ومعاملتنا في حالة نقدنا لأعمالهم
وأفكارهم ومواقفهم بالإنصاف ورد الاعتبار لفكرهم قبل شخصهم.. يدفع بالمشهد الثقافي خاصة عندنا يكتسي طابع النمو الإيجابي وبلوغ مرتبة التشبع الحضاري.
لذا أرجو أن نتصبح على النقد البناء من أجل إعادة الاعتبار لبلدنا ومثقفينا.
بقلم: الصحفي فريد بوشن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا