الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد في العالم العربي .. رؤية العقل الجمعي !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


" ما قيمة سفينة الدولة إن لم نكن جميعاً على ظهرها " – مثل ياباني
-------------------------------------------------------------

اليوم استمعت لبرنامج " نقطة حوار " على محطة BBC وكان موضوع الحوار مشوقاً بقدر ما كان مؤلماً، وهي موضوعة انتشار الفساد كظاهرة عامة في البلاد العربية. المتحدثون كانوا من جميع البلدان العربية تقريباً، وجلهم كانوا متفقين على الخطوط العامة لموضوعة النقاش، وهي أن الفساد بالفعل يشكل ظاهرة عامة في المجتمعات العربية. متصل واحد فقط، وهو مصري من ألمانيا، قال أن الفساد في المجتمع العربي ثقافة شعوب، وأن السلطات الحاكمة وأنظمة الحكم ما هي إلا إفراز طبيعي لثقافة المجتمع العربي !
قمت بدوري بكتابة منشور على الفيسبوك وطلبت من أصدقائي المساهمة في إثراء الموضوع، وهاكم ما كتبوه:

صابر: السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فالحاكم والوزير والنائب والمدير، كلٌ يعتبر نفسه صاحب سلطة مطلقة لذلك كلنا فاسدون !

رزق كتب قائلاً، أن الفساد هو الوصول إلى هدف لا يمكن الوصول إليه بالطرق المشروعة أو بالقانون !

عبدالله: الفساد هو سوء استغلال الوظيفة العامة للحصول على مكاسب خاصة ..

ياسر: يجب إعادة تعريف مفهوم الفساد في ثقافتنا العربية !

ذو الفقار: الفصل بين السلطات عبر التاريخ العربي و الإسلامي هو شيء لا وجود له ...تحت ظل سيادة مبدأ السمع والطاعة و عليه فان موروثنا الثقافي هو من أسسس لغياب الدولة المدنية و جعل من الفساد والاستبداد ظاهرة طبيعية.

طارق: نحن نتاج مخزون ثقافي سلبي في البيت والمدرسة والشارع والتاريخ، نحن ضحايا ما تنتجه عقولنا وعقول من سبقونا وهم من أسسوا لنظرية المؤامرة بهدف التغطية على أخطائهم.

سمر: متى ما فسد الرئيس فسدت الحاشية ويتبعهم الشعب !
--------------------------------

هناك اتفاق عام على وجود المشكلة، وثمة محاولات جادة لتشخيص أسباب الظاهرة، وفي اعتقادي، ورغم أهمية جميع ما قاله الزملاء، إلا أن الفساد مجرد نتاج تربوي كما أشار طارق ومن قبله ذو الفقار، فالأهل في المدرسة يؤسسون لثقافة غياب القانون من خلال تحريض أطفالهم على العنف والعنف المضاد كوسائل لاسترداد حقٌ سليب. ألا تلاحظون مدى شيوع المثل العربي ( إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب ) ؟؟! إن مجرد تصور المجتمع كمجوعة ذئاب على أهبة الاستعداد للانقضاض وبالتالي تهيئة النفس للقيام بردة فعل ( ذئبوية ) تناسب سلوك الذئاب، وهو فساد تربوي لم تعالجه مناهج التربية العربية.

الصديق د. محمد أبو عرف من أمريكا كتب يقول (نا فكرت في هذا الموضوع مليا وتوصلت الي نفس النتيجه ان الفساد هو ثقافة مجتمع. علي سبيل المثال:
النصاب فهلوي والفهلويه صفه كل الناس بتحترمها وبتمجدها.

المجتمع يمجد اللي بيتحايل علي القانون. مثلا العرب حتي هون في أمريكا بينصبو وبيسحبو مصاري الله علي الكردت وبيروحو وبيتفاخرو مين سرق أكتر. في حين أن الغربي يخجل من ذلك ويدفع فواتيره.

المجتمع العربي يمجد اللي بيقبض وما بيشتغل لأنو يا هيك الوظيفه يابلاش.
عندما كنت شغال في رام الله مع شركه الإسمنت كنت اقبض ١-;-٥-;-٠-;-٠-;- دينار شهري وفش شغل. كنت اشكي الناس يقولو أنا أهبل. وخاصه لما سبت الشغله ورحت اشتغلت في جامعة النجاح ١-;-٢-;-٠-;-٠-;- دينار!! وقيس على هيك !)

ثمة تعريف آخر مهم للفساد قاله الزميل أشرف النشاصي وهو ( الفساد هو كل سلوك يتسبب بضرر للآخرين، ويمكن تصنيف هذه السلوكيات تدريجياً، أعلاها الفساد الممارس من خلال المنصب العام ) !

أما أسماء فكتبت تقول (عندما ترى أن هناك القصور. ومقابلها الأكواخ هذا تعريف للفساد، عندما ترى الطوابير تنتظر دورها وأصحاب اليد الأولى لهم الأولوية هذا تعريف للفساد .. الفوضى تؤدي إلى الفساد .. السلطة المطلقة تؤدي إلى الفساد عدم المحاسبة من المجلس التشريعي تعريف للفساد.. من يبصم للحاكم ظالماً أو مظلوماً هو الفساد بعينه .. من يصمت عندما يرى تراكم الأخطاء لأن امتيازاته سوف تتأثر هذه إحدى روافد هذا المستنقع ) !

---------------------------------

ثمة وعي في الأفق بدأ يتضح من خلال اعترف المثقفين بفساد المجتمع وفساد منظومة الثقافة وحتى الأخلاق، لكن ما الحل أو الحلول للنهوض من هذا المستنقع ؟!

من خلال المشاركات، يبدو أن الثقافة العربية السائدة لعامة الناس، تركز على فساد الحاكم كأهم سبب من أسباب الفساد، والحل يكون باختيار حاكم غير فاسد أو نزيه، وهو ذات التفكير المستمر عندما ندعو ( اللهو ولي الصالح .. اللهم أرزق الحاكم ببطانة صالحة ) ! هذا التفكير غير حديث وبدائي ويجب نسفه بالكامل، ذلك أن السلطة المطلقة وغياب المؤسسة وعدم وجود دستور حديث ينظم العلاقة بين المواطن والدولة، سيؤدي حتماً إلى فساد، دون أن نمتلك أي آلية للحد منه، على اعتبار أن الإنسان بطبيعته يميل إلى الطمع والاستحواذ والهيمنة وحب الذات.

النهوض بالمؤسسة كبديل عن الفرد الملهم لن يتم بمجرد قرارات فردية أو أمنيات. لابد للعقل الجمعي أن يجمع على مباديء جديدة مفادها أن الفساد كامن في طبيعة البشر وأن ردعه بالقانون هو الحل الحقيقي.

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أولمرت يقضي عقوبة بالسجن بسبب ثبوت تهم فساد وتلقي رشاوى في حقه، ورئيس الدولة السابق موشيه كتساف يقضي هو الآخر عقوبة في السجن بتهمة التحرش الجنسي بالسكرتيرة. الإسرائيليون ليسوا شعباً مثالياً بلا فساد كما نرى، ولكن العقل الجمعي للشعب الإسرائيلي متفق تماماً على ضرورة المحاسبة من خلال مؤسسة الدولة. ثمة فصل سلطات في الدولة الغربية الحديثة والتي بدأت تتبلور في القرن الثامن عشر على يد فلاسفة النهضة والتنوير الفرنسيين، وبالذات ما قاله الفيلسوف مونتسكيو في كتابه " روح القانون Spirit Of Low " الذي أوضح أن بنية الدولة يجب أن تتكون من سلطات ثلاث ( قضائية – تشريعية – تنفيذية ) وان استقلال هذه السلطات عن بعضها سوف يضمن أن تردع كل سلطة السلطات الأخرى إن هي تجاوزت القانون والدستور.

عبر التاريخ العربي الإسلامي، كان الحاكم هو من يعين القضاة ويعزلهم، بمعنى آخر، أن السلطة التنفيذية هي نفسها السلطة القضائية، فمن سيحاسبها إن فسدت ؟؟! السلطة المطلقة هي السلطة السائدة في التاريخ العربي، أما الدولة الحديثة ومفاهيم فصل السلطات فهي لم تتكون بعد في العالم العربي. من جهة أخرى فإن الحاكم ومعه بطانة من فقهاء السلطان كان يطلقون القوانين والفتاوى، بمعنى أوضح، أن الحاكم ( الخليفة ) كان يجمع السلطات الثلاث في يده دفعة واحدة، ولهذا لم يسجل التاريخ العربي الإسلامي أي سابقة لمحاسبة السلطة على فسادها أو إهدارها للمال العام، لكن هل يعني هذا أن الفساد لم يكن موجوداً ؟؟!

علينا كعرب أو كشعوب ناطقة بالعربية، أن نعيد تعريف جوهر الدولة كمجموعة مؤسسات لخدمة الناس والسهر على راحتهم. نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يؤسس لمجموعة من القيم والضوابط والأخلاق التي تنظم العلاقة بين الناس أنفسهم أو بين الناس والسلطة، تماماً كما فعل الأوروبيون عندما أطاحوا بسلطة الكنيسة وجبروتها وتحالفها مع القياصرة في القرن الثامن عشر.

أخيراً، أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً!

دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 3 / 19 - 15:07 )
تحياتي أستاذ عبدالله
كتساب وهو رئيس إسرائيل الأسبق يقضي فترة محكومية بالسجن بتهمة الاغتصاب وليس التحرش الجنسي .
شكرا


2 - الأخ قاسم محاجنة
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 3 / 19 - 21:14 )
أنت المحق دوما .. تحياتي لك

اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج