الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهانات تبرئة وزير سابق في الجزائر-إبر لتخدير شعب-

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2016 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


رهانات تبرئة وزير سابق في الجزائر

- إبر لتخدير شعب-

هناك مبدأ رئيسي في أي ممارسة سياسوية لاأخلاقية، تقول "إن أردت التخلص من خبر يهددك أزرع حوله الغموض، فتنقسم الناس ما بين مصدق ومكذب"، ويبدو هذا ما وقع في مسألة شكيب خليل وزير الطاقة السابق الذي أتهم في قضايا فساد ورشاوي، وقد جاء إسمه في محاكمة إيطالية قبل أن يورد كقضية جزائرية، لكن بسبب التضليل الإعلامي الموجود في الجزائر، فإن قضية شكيب خليل أبعد من مسألة رشاوي، بل تعود إلى فترة تعيينه وزيرا للطاقة، حيث رفضت أطراف في السلطة ذلك مستندة على ماضيه وإرتباطه بالولايات المتحدة الأمريكية، مما دفع الرئيس آنذاك إلى القول صراحة في خطاب له بأنه "ليس أرباع الرئيس" كرد منه على هذه الأطراف التي رفضت تعيينه لشكيب خليل، ليتبين فيما بعد نوعا ما صحة أسس الأطراف الرافضة لهذا التعيين، وذلك من خلال مشروعه وقانونه المقترح حول الطاقة الذي ألغاه الرئيس تحت ضغوط بسبب أخطاره على الإستغلال النفطي والطاقوي في الجزائر، والذي يمكن أن يرهن مستقبل الأجيال.
ولا نعلم لما يخفي الإعلام في الجزائر أن المسألة الأكبر التي ذكر فيها شكيب خليل هي ورود إسمه في قضايا رشاوي في محاكمة إيطالية، ثم انتقلت إلى الجزائر؟، ولما نغفل عن ما أوردته صحيفة الوطن الجزائرية عن هذا الفساد في إطار ملف، لمحت فيه إلى شقيق الرئيس ذاته، فبعد ذلك ب24ساعة، أصيب الرئيس بجلطة دماغية، فبدأ مسلسل طويل يتحدث عن صحة الرئيس وخلافته، إضافة إلى مناورات هنا وهناك وصراع خفي بين الرئاسة وجهاز الديارس، وأرتبط ذلك كله بملف الفساد وقضية شكيب خليل ورفاقه، والتي هي بدورها ربطت بشقيق الرئيس، ثم تم إبعاد شخصيات بارزة في النظام وإستبدال الجهاز الأمني كله تحت غطاء تقصير أمني لحماية الرئيس في إقامته بزرالدة، وهي عملية يبدو أنها وقعت فعلا، لكن بالتحكم عن بعد في ضابط غير سوي نفسيا، وأراد الترقية بعمل بطولي وهمي ضد هجوم إرهابي على الإقامة، واستغل الحادث للشروع في إقالات عسكرية وأمنية وقضائية فيما بعد، بداية بالجنرال مجدوب لكحل عياط مسؤول الأمن الرئاسي ونهاية ليس بالفريق توفيق مسؤول جهاز الأمن والإستعلامات أي المخابرات أو الدياراس، بل بكل القضاة الذين كانوا وراء السعي لإستصدار قرار القبض على شكيب خليل ومحاكمته، بل منها إقالة حتى وزير العدل السابق، فهل هذه الإقالات، وما سمي بالتطهير هو لإنقاذ شكيب خليل أم هي عملية أكبر من ذلك؟.
إن تبرئة شكيب خليل ومعه البعض، ممن أعتبروا أن جهاز الدياراس وراء توريطهم في قضايا فساد في إطار صراعات سياسية وتصفية حسابات له هدف أبعد بكثير من شخص شكيب خليل، فهو مرتبط بتبرئة أشخاص مقربين جدا من الرئيس ذاته، ويمكن أن يكون شقيقه الذي يمكن أن يورد إسمه في القضية، هذا إن لم نقل مرتبطة بمجموعة الرئيس كلها، لأن إدانة شكيب خليل هي إدانة للرئيس ومجموعته الذين جاءوا بشكيب خليل رغم تحذيرات أطراف من ذلك. فلا يستبعد تعيين شكيب خليل في منصب هام، وممكن كوزير أول، كي تنتهي قضيته نهائيا، ويتم التطبيع معها، كما يمكن أن يمهد لخلافة الرئيس، ألم يكن هذا هو لب الصراع بين سعيداني وأويحيى حول من أحق بالوزارة الأولى، وكذلك المادة 51؟.
وتشكل عودة شكيب خليل بهذه الطريقة أيضا كمحاولة جس النبض الشعبي الذي عادة ما يعتمدها النظام منذ تولي بوتفليقة الرئاسة، والمتمثلة في قياس درجة قبول الشعب بأشياء دون أخرى، فالسكوت الشعبي عن ذلك معناه، بإمكان الإنتقال إلى قضايا أخرى اكبر كان يعتقد أن الشعب ونفسيته لايقبلها، ويدخل في ذلك مسألة خلافة الرئيس، لكن نقول في الأخير أن الضعف الشديد للمعارضة والإستقالة الشعبية من الإهتمام بالشؤون السياسية والعامة تساعد مجموعة الرئيس لفعل ماتريده، ومنها تعيين من تريده لخلافة الرئيس الذي سيضمن لها مصالحها والإبقاء على إمتيازاتها التي كسبتها في عهد الرئيس بوتفليقة، وكل هذا مرتبط بعملية تخدريرية وإلهائية للشعب بقضايا لامعنى لها على الإطلاق، ومنها نقاشات دينية عقيمة، مما يثبت مرة أخرى مدى توظيف وغستغلال الدين في بلداننا، ليس فقط كأداة للوصول إلى السلطة، بل للحفاظ عليها وتخدير الشعب وإلهائه عن قضاياه الجوهرية والمصيرية، وهو ما يفسر مدى الإهتمام والدعم الكبير الذي توليه السلطات والأنظمة الفاسدة والإستغلالية في بلداننا لنشر خطاب ديني متخلف يعود بنا إلى نقاشات عصور الإنحطاط، بل هناك صحف معربة كلها وقنوات فضائية في الجزائر همها إثارة نقاشات دينية عقيمة وتحريض جزائريين ضد جزائريين، إضافة إلى نشرها حتى الدروشة في الوقت الذي تسكت فيه عن السلب الممنهج لثروات البلاد، بل تبررها في الكثير من الأحيان، فهناك من صناع القرار من قالها صراحة اثناء الأزمة الإجتماعية والإقتصادية في نهاية الثمانينيات بأن دفع الناس للجوء إلى الدين هي وسيلة لإمتصاص الغضب الإجتماعي، بل رأت عناصر من النظام آنذاك، أن حزب الجبهة الإسلامية لٌلإنقاذ المنحل هو أداة لتأطير هؤلاء الغاضبين إجتماعيا لإبعادهم عن الأهداف الجوهرية كالمطالبة بالعدالة الإجتماعية والتوزيع العادل للثروة إلى الإهتمام بقضايا دينية عقيمة ثم توجيههم ضد القوى الديمقراطية كمرحلة لإجهاض عملية الإنتقال الديمقراطي بعد الإنتفاضة الشعبية في أكتوبر1988 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA