الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهامنا الثورية

وديع السرغيني

2016 / 3 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


مهامنا الثورية

توضيح أولي
نتقدم بهذه الورقة في إطار سعينا الدؤوب للانفتاح وتعميق النقاش مع كافة الفصائل الاشتراكية الثورية، حول مهام المرحلة التنظيمية والسياسية والفكرية، وكذا التعريف بمرجعية خطنا الفكري والسياسي، الخط البروليتاري الماركسي اللينيني وما يقدمه من اجتهادات في ميدان النضال من أجل تقوية الحركة من أجل الاشتراكية.

الخلفية التاريخية لظهور البرجوازية بالمغرب
نمت، وترعرعت البرجوازية المغربية تحت سيطرة الإمبريالية، وخلال ظروف تميّزت بالاستعمار العسكري للبلاد، والاستحواذ على مجموع ثرواته وإمكانياته الاقتصادية.. وبالتالي كانت البرجوازية منذ البداية كسيحة، وغير مؤهلة لخوض الصراع وقيادته ضد الاستعمار والإمبريالية، بل انتعشت في أحضانه، مكتفية بما تركه لها على مائدته من فتات، وسلـّمت بالتالي لسيطرته على جميع مقدرات وخيرات الوطن.
فلم تكن ثورية، ولن تكون كذلك قط، مهما قيل عنها وعن "جناحها الوطني" الذي راهن البعض عن إمكانية جذبه وانتقاله لمصاف الثورة والدفاع عن مصالحها.! والحال أن مصلحة الثورة تقتضي التغيير الشامل، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.. لمصلحة الكادحين الشغيلة، وبالأساس أولئك المحرومين من أية ملكية تذكر، وتتطلب بالتالي الإطاحة بالنظام الرأسمالي، والقطع مع التبعية الاقتصادية والسياسية للدوائر الإمبريالية نهائيا.
فطريق الثورة في المغرب لن يكون سوى اشتراكيا واضحا، بمعنى استيلاء الطبقة العاملة على السلطة السياسي، والتي لا بد أن تكون مدعومة من الجماهير الشعبية والفقيرة، في المدن والأرياف، في إطار تحويل الملكية إلى ملكية جماعية لوسائل الإنتاج، وفي إطار القضاء التدريجي على جميع مظاهر الملكية الفردية والخاصة، وبناء الاقتصاد التضامني البديل، عبر فتح المجال للتعاونيات الإنتاجية وتعزيز مكانتها في المجال الفلاحي، ودمجها في الاقتصاد الوطني الاشتراكي المناهض للملكية والتملك.
فالمصادرة والتأميم وإعادة تنظيم مؤسسات الإنتاج الكبرى تندمج في الخطوات الأولية الكبرى في مسيرة الثورة الاشتراكية المغربية، والتي ستعمل بجد من أجل إقناع حلفائها من المالكين الصغار بأن ينضموا لصفوف الثورة لتعزيز النظام الجديد المناهض لجميع أشكال الملكية الفردية والخاصة، فطالما روّجت الحركة اليسارية الثورية لبرامج راهنت بشكل كبير على المصالح الفئوية البرجوازية الصغيرة، ووعدت مكوناتها بشكل صريح بالدفاع عن وجودها، وعن مصالحها المادية الملموسة، وعلى الأخص فيما يتعلق بإعادة توزيع الأراضي التي هي الآن في ملكية البرجوازية وكبار الملاكين، على فقراء ومعدمي الفلاحين، في إطار من التشجيع على الملكية والتملك، أي بما يناقض مبادئ الملكية الجماعية الاشتراكية التي نصبو إليها، والتي تهدف إلى القضاء النهائي على الرأسمالية وأسسها المادية.. ومعروف لدى الجميع، أي جميع مكونات الحركة المناصرة للاشتراكية، أن الحفاظ على أي شكل من أشكال الملكية، ولو كانت صغيرة مرتبطة بالإنتاج الزراعي أو الحرفي، لن يعود على الاشتراكية بالنفع، بل سينافسها، وسيسعى جاهدا لتقويضها، وعرقلة جهودها، والتضييق من آفاقها.. لأن استمرار الملكية الفردية، جنبا إلى جنب الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، دون الرسم والتخطيط لبرنامج اقتصادي اشتراكي، يشجع مرحليا وفي حدود مدروسة بدقة، على الاقتصاد التعاوني الخاص بالمنتجين الصغار، الذين لم يقتنعوا بعد بأهمية الملكية الجماعية وبحتمية النظام الجديد، وبرحابته، وجديته في القضاء على الفقر والبؤس والحاجة..الخ فمن واجب الاشتراكية، والاشتراكيين ألا يتهاونوا في الدفاع عن مشروعهم، وبألا يحولوا العقبات إلى برامج واقعية، يتنازلون فيها عن شيوعيتهم وأهدافهم النبيلة الكبرى.. فوسائل الإنتاج جميعها لا بد أن تُستملك من طرف الطبقة العاملة وألا توزع على سائر الجماهير هكذا! لأن هذا التوزيع سيضع الطبقة العاملة خارج السلطة السياسية الحقيقية، وإن كانت بيدها فإنها بواسطة هذا الإجراء لن تخدم سوى مصالح البرجوازية الصغيرة، ولن تنعش سوى آمال البرجوازية في الرجوع إلى السلطة والحكم، مع كل ما يصاحب هذا الارتداد من يأس وقمع وتقتيل وتشويه للاشتراكية والاشتراكيين.
فالشعار الذي يؤطر ثورتنا الحالية والمستقبلية، هو شعار النضال من أجل انتصار الجمهورية الاشتراكية، التي ستلبي مصالح جميع الفقراء، وجميع الكادحين غير المالكين المغاربة. بحيث سيكون لزاما على جميع المؤمنين بالثورة وبأهدافها الاشتراكية، أن ينخرطوا في الصراع ضد الحاكمين البرجوازيين وضد كبار الملاكين، وجميع الشركات المتعددة الجنسية، والماسكين بزمام الأمور داخل المؤسسات المالية الإمبريالية والمنفذين لسياساتها.. هذا الالتزام الذي نعتز به، ونعتبره التزاما طبقيا بالاشتراكية، وبمبادئها وأهدافها الكبرى، حيث يتوجب علينا الانخراط في جميع الدروب النضالية المؤدية لهذا الهدف الكبير، دون تبخيس لأي منها، في إطار ما نطلق عليه خط النضال الديمقراطي، عبر استغلال جميع واجهات الصراع، الفكري والاقتصادي والاجتماعي، والسياسي، وعبر استخدام جميع الأشكال النضالية الاحتجاجية، والإضرابية والعصيانية، السلمية والعنيفة.. وفق مبدأ "اطلقوا النار أنتم أولا".. إذ لا مجال للانحراف عن الخط والطريقة اللينينية، التي نعتبرها الأكثر ملائمة لأوضاعنا، وهي المناصرة عمليا لخط الثورة البروليتاري، الذي يناصر ويدعم الأطروحة الماركسية بوضوح، أطروحة البيان الشيوعي، الذي أكد صراحة على أهلية الطبقة العاملة في تنظيم وقيادة نضالات جميع الطبقات الشعبية الكادحة، تحت رايتها، الشيء الذي يفرض على جميع الحركات المناضلة من أجل تحقيق الاشتراكية، بأن تنظم صفوفها وتعززها بما يخدم هذه الأهداف. والتي يلزمها وجود الحزب الطبقي الماركسي اللينيني المستقل، فكريا وسياسيا وتنظيميا، بالإضافة للاتحادات النقابية والجمعوية المرتبطة جوهريا بالمهام الثورية الاشتراكية. فخط الإضراب، واَلإضرابات المحلية، والقطاعية، والتصعيد في ديناميته خدمة لتعميمه، عبر الإضراب الوطني العام، المصحوب بالاعتصامات وبالعصيان المحمي بالسلاح، للرد بحزم عن المهاجمين البلطجية، وعناصر الثورة المضادة، والرجعية عامة، وجميع المدافعين عن خلود الرأسمالية، وعن نظامها الاستبدادي المتغطرس، الذي لا حياة له إلا عبر الاستغلال، ونهب الخيرات، والغلاء، وتخريب المرافق العمومية، والمؤسسات الاقتصادية الوطنية..الخ هو خط الثورة وأسلوبها للنجاح والقضاء على الرأسمالية كأصل جميع الشرور.

فمن هم أعداء الثورة الاجتماعية بالمغرب؟
فمن أجل الخوض في الثورة الاشتراكية كإستراتيجية طبقية، لا بد من الخوض في نقاش يعرّفنا عن من هم أعداء هذه الثورة، ومن هم أصدقاؤها، الثابتين أو المترددين الذين يجب إبقاؤهم على الحياد، وعلى رأس هؤلاء الأعداء، توجد الإمبريالية بما نعتبرها شكلا من أشكال الاستعمار الجديد، بحيث لم تعد الحاجة إلى الاحتلال والاستيطان على الطريقة التي كان يلتجأ إليها الاستعمار في السابق، فكل مقومات السيطرة تمارسها الإمبريالية عبر وكلائها، وهم، في غالبيتهم من أصل مغربي، من خلال التسهيلات التي توفرها للشركات المتعددة والمتعديات الجنسيات، والتي تلقى الترحيب الكافي، وغض الطرف عن التجاوزات والبطش الذي يتعرض له العمال والعاملات أثناء نضالاتهم الاقتصادية من أجل نيل بعض من الحقوق التي تبتغي تحسين شروط الاستغلال.
وبالتالي فالإمبريالية تعادي مصالحنا، وتقف بشكل عدائي وصارم في وجه تحررنا بشكل مباشر، أي بحكم استفادتها من خيراتنا الوطنية، وبحكم استغلالها للمنتجين العمال والعاملات بأبخس الأجور وبأقل التكلفات والحقوق.. وكذلك بحكم علاقتها في إطار الارتباط البنيوي والتبعي الذي يخضع له النظام القائم في علاقته بالإمبريالية عبر شركاتها، وعبر مراكز المال المرتبطة بها.
فلا يمكن أن نتصور إذن، قيام نظام بديل يدور في فلك الرأسمالية وتتغذى مصالحه من وجودها، واستمرار غطرستها واستغلالها للعمال الكادحين ويتجرأ على أن يدعي أو يفكر في قطع العلاقات مع الإمبريالية، كاقتصاد وكنمط إنتاج، ثم يستقل عنها في إطار ما يطلق عليه رأسمالية الدولة، أو شيء من هذا القبيل، كالذي يسمونه بالطريق الوطني اللارأسمالي.. فالاختيار يكون لحظة التغيير وسيكون لا محالة وبوضوح ما بين الرأسمالية والاشتراكية، مع العلم أن لحظة البناء وتوطيد السلطة بيد الطبقة العاملة المظفرة والمدعومة من طرف سائر حلفائها الكادحين وغير المالكين، ليس سهلا، ولا بد له من الوقت لإقناع المترددين، ولإحباط بؤر الثورة المضادة، المرتبطة بمخططات الإمبريالية وبالفلول الرجعية المستنبتة هنا وهناك.. لإنجاز برامج المصادرة والتخطيط والتأميم والثورة الزراعية.. التي ليست بالكامل برامج شيوعية، كالتي تنبأ بها البيان الشيوعي، فهي في الحقيقة برامج للبناء الاشتراكي، نجد فيها نوعا من استمرار الرأسمالية وكذا اختفائها في آن واحد.. نجد السيادة للملكية الجماعية، إلى جانب أنواع من الملكية الصغيرة داخل محترفات العمل الحرفي في المدن وداخل الأحياء العتيقة، إضافة لملكية الفلاحين الصغار من المالكين الذين سيبقوا إلى حين متشبثين بملكيتهم، عوض الاندماج في اقتصاد الدولة المبني على التخطيط والمصادرة والملكية الجماعية.
فبعد مرور العشرات من السنين على صفقة إكس ليبان الخيانية التي فرطت في كل شيء اسمه الوطن والوطنية، ما زالت تؤكد الطبقة البرجوازية السائدة عجزها عن الاستقلال بمصالحها تجاه الإمبريالية ومخططاتها، مبرزة خواء ادعاءاتها عن التنمية والإقلاع الاقتصادي وتطوير مقدرات البلاد.. وبناء الاقتصاد الوطني..الخ مؤكدة على العكس من هذا كله، على طبيعتها الطفيلية واعتمادها النهب واقتصاد الريع بدرجة أولى وأساسية، مستغلة إمكانيات الدولة في الإدارة للسهر على مصلحة التحالف الطبقي السائد، البرجوازية الكمبرادورية وكبار الملاكين العقاريين وضباط الجيش.
فمن هي الطبقة السائدة، إذن؟ أو بالأحرى التحالف الطبقي السائد في بلدنا المغرب؟
وهو التحديد الماركسي الصحيح الذي توصل إليه الباحثون، والمناضلون المغاربة المعنيون بقضايا التغيير والثورة ببلادنا. وتتكون من فئات ترتبط مصالحها وصيرورتها بمصالح الإمبريالية، هذه الطبقة البرجوازية والمشكلة أساسا من:
البرجوازية الزراعية
البرجوازية التجارية والصناعية والبنكية والعقارية
البرجوازية البيروقراطية الإدارية والعسكرية
حيث تتداخل مصالح الفئات الثلاثة وتتشابك لحد التطابق، بحيث يصعب الكلام داخل الأوضاع الحالية الملموسة عن مصرفي برجوازي صرف لا يمارس الصناعة أو التجارة، ولا يستفيد من تسهيلات الدولة في البناء والمضاربة في العقار، وليست له أسهم في الشركات المتخصصة في تصدير البواكر أو الأخطبوط، أو في استغلال المناجم..الخ إنهم فئات متعددة من داخل طبقة برجوازية سائدة تستحوذ على جميع منابع الثروة، وتتحكم في مساراتها، وتنتشر في جميع مجالات الاستثمار، وتستفيد من كافة التسهيلات التي يوفرها اقتصاد الريع المسنود بمؤسسات الدولة وإداراتها ذات اليد الطولى في الاقتصاد والتسيير.. وبالرغم من هذا كله، فالمعطيات تقول وتؤكد أن البرجوازية الكمبرادورية ذات الطابع الفلاحي أو الزراعي مهيمنة على الفئات البرجوازية الأخرى، بعد التدخل الذي أحدثته الدولة بداية السبعينات، والذي وسع من العلاقات الرأسمالية داخل البادية والقطاع الفلاحي بالذات عبر تحديثه وعصرنته، إلى الحد الذي لا يمس مستقبلا بمصالح الطبقة البرجوازية، والتي ما زالت متمادية في استغلال العمال والعاملات بأجور دون الحد الأدنى المعمول به في القطاع الصناعي، ودون تأمين الحق في تأسيس الاتحادات النقابية وحماية الانخراط في صفوفها!
في المقابل توجد الطبقات الشعبية التي تمثل السواد الأعظم للشعب المغربي، ومنها ينحدر الكادحون العمال والعاملات حاملو مشعل الأمل في الحرية والتحرر والديمقراطية والاشتراكية.
وتعتبر الطبقة العاملة المنتجة لفائض القيمة، من أهم الطبقات الشعبية التي يتم الرهان على قوتها، وعلى قدرتها على خوض الصراع ضد النظام، وضد طبقته البرجوازية وحلفائها من الإمبرياليين، وبالتالي قيادة مجموع الشرائح والفئات والطبقات الشعبية الأخرى التي تعاني من الضرر والاستغلال والاضطهاد والتهميش، من طرف البرجوازية، ومن جراء سياساتها الإقصائية المبنية على الاستغلال، والمحمية من طرف قوانين القمع والاستبداد.
فهي طبقة يعول عليها خلال مهمة الإطاحة بالنظام البرجوازي القائم، لتعويضه بنظام ديمقراطي بديل قائم على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وعلى المساواة، والتضامن والحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.. المنافية للطبقية والتمييز بين الجنسين، والمناصرة لجميع الثقافات الشعبية والديمقراطية.
فالهيكلة الاستعمارية الجديدة لم تساعد في البداية على تطور الطبقة العاملة وتكاثرها الكمي، الشيء الذي لم يمنعها من الاحتفاظ بقوتها وحضورها الميداني في الساحة بناء على مؤهلاتها الموضوعية، في مقابل باقي الفئات والطبقات الشعبية الأخرى.
فمعلوم أنها تتميز بخصائص لا تتوفر عليها باقي الفئات والطبقات الشعبية المناهضة هي الأخرى للرأسمالية، والمتضررة بسياساتها الكارثية، فهي طبقة محرومة من الملكية ولا يمكنها أن تملك بشكل فردي أية وسيلة من وسائل الإنتاج، ولا تراهن على أي ربح مادي تكافؤ عليه خلال عملية تحررها، سوى التخلص والخلاص من قيود عبوديتها، ومعاناتها من الاستغلال والاستبداد والعمل المأجور، وبالتالي فلا يمكنها أن تتحرر دون أن تحرر معها مجموع الكادحين الشغيلة، وجميع البؤساء والمهمشين والمحرومين في الوقت ذاته، فهي المؤهلة لقيادة عملية التحرر الشاملة للجميع من مجتمع الاستبداد والاستغلال والقمع والبطش والدوس على جميع الحقوق. ومشروعها مرتبط مصيريا بالقضاء على النظام الطبقي بصفة نهائية، وتحويل الملكية من ملكية فردية وخاصة، إلى ملكية جماعية لوسائل العيش والإنتاج، فهي الوحيدة التي تملك بديلا مجتمعيا، ونمط إنتاج بديل ونقيض للذي نعيش تحت قوانينه وقيمه.
نجد كذلك أن لها قدرات عالية على التنظيم والانضباط، وهو الشيء الذي تستفيد من ثمراته باستخدامها لأهم سلاح نضالي تتوفر عليه كطبقة دون الطبقات الشعبية الأخرى، ألا وهو الإضراب. وإضراب الطبقة العاملة ليس كباقي الإضرابات التي تخوضها مختلف فئات الشغيلة وعموم موظفي الإدارة، فإضراب العمال يشل الإنتاج الصناعي، ويندرج بوضوح في إطار الصراع الطبقي التناحري الذي تخوضه الطبقة العاملة ضد أرباب العمل، ولا تحده التفاوضات إلا في فترات السلم وهبوط المعنويات، أما في فترات المد النضالي فيمكن اعتباره تكتيكا ثوريا، يحضـّر بوعي للارتقاء التصعيدي لمسلسل الهجمات الحاسمة، لإعلان الانتفاضة المسلحة وحسم السلطة السياسية بالتالي، لمصلحة الطبقة العاملة المسنودة بعموم الفقراء من جماهير الكادحين، بالمدينة والريف، مالكين صغار وغير المالكين البؤساء، والمحرومين..الخ

الجماهير الشعبية الكادحة
وتمثل السواد الأعظم من المجتمع، وتقع على نقيض الطبقات الحاكمة والسائدة، عبارة عن خليط من الفئات والطبقات الاجتماعية التي لها مصلحة في تغيير الأوضاع نحو الأحسن، والتي يمكن أن تلعب الأدوار المهمة في النهوض بالحركة الاحتجاجية المطالبة بكذا حقوق اقتصادية وسياسية واجتماعية..الخ جماهير ترتبط مصيريا بمستوى وعي، وتنظيم، وتصميم الطبقة العاملة على الانخراط الجدي في العمل الثوري. فبوجود حزب ثوري يمثل مصالح الطبقة العاملة، ويعمل جاهدا على تغيير الأوضاع بشكل جذري، مما يلزمه كذلك اجتداب جميع الكادحين لصف الثورة، عبر المساندة العملية لنضالاتهم ومطالبهم وعبر اقناع الجميع بأهمية الثورة وبطابعها الاشتراكي وبمخططاتها الهادفة إلى القضاء النهائي وبشكل جذري على جميع أشكال وأساليب الاستغلال والنهب، المحمي من طرف نظام الاستبداد القائم.

وفي عداد هاته الجماهير، نجد الطبقة البرجوازية الصغيرة
وهي طبقة تعتمد لكسب عيشها على استغلال ملكيتها الفردية وكذا مجهودها، لكسب قوتها اليومي، دون الحاجة لاستغلال الغير، إلا في الحالات الاستثنائية. طبقة متفاوتة المدخول ومتميزة بطريقة الحصول عليه، لكنها موحدة إلى حد كبير من حيث مواقفها السياسية والايديولوجية، تنتقل من موقع إلى آخر، وتتصف بالتذبذب خلال الهبات الجماهيرية الكبرى، وتنقسم شرائحها إلى مؤيدين ومعارضين للثورة.
وتتشكل من جميع المالكين الصغار الذين بحوزتهم ورشات صغيرة لممارسة التجارة والبقالة، أو لممارسة الحلاقة والحدادة والخياطة والميكانيك والنجارة..الخ ومن جميع حرفيي الصناعة التقليدية كصناعة الشباشب والمحافظ والزرابي..الخ إضافة لهؤلاء تنتمي لهاته الطبقة فئة عريضة من ملاك الأرض الذين يعيشون من الفلاحة وزراعة الأرض وتربية الماشية، من خلال استثمارهم لملكيتهم الصغيرة التي بالكاد، تكفيهم لسد الرمق، حيث لا يحتاجون بشكل دائم لمن يستغلونهم كعمال أجراء، إلا خلال فترات الجني أو الحصاد.
وتصنف شريحة مهمة من الموظفين الصغار و متوسطي الدخل في عداد هذه الطبقة، وهي من أنشط الفئات وأكثرها انخراطا في النضال والصراع الطبقي، منفتحة على الأفكار التحررية، ومنخرطة في النضال السياسي والفكري من داخل الأحزاب والتيارات الديمقراطية والتقدمية.. هي بمثابة خزان لا ينضب، للنزعات الثورية الراديكالية والرفضوية والفوضوية والماركسية الثورية.. الشيء الذي يبرز في الواجهة وتتصدر المشهد لحظة ضعف التيار الماركسي، وغياب حزب الطبقة العاملة وضعف أو تدني وعيها بأهمية التنظيم، وبأهمية الصراع الفكري والسياسي، وبأهمية البرنامج، والتحالفات الطبقية والسياسية في المرحلة، ووضع الخطط الملائمة لهيكلة التنظيم الحزبي وما يتفرع عنه من إطارات للنضال النقابي والجمعوي والجبهوي كذلك، حيث يجب عدم التهاون في اجتذاب واستقطاب العناصر المتعلمة والمثقفة، للنضال والمساندة لقضايا الكادحين والطبقة العاملة، وحيث يتوجب التركيز على الطلبة والتلاميذ ومن هم في عداد التكوين المهني، ورجال ونساء التعليم.. خدمة للقضية.

البروليتاريا الرثة
أو هم أشباه للبروليتاريا، يعيشون أوضاعا مزرية ومأساوية أخطر مما تعيشه البروليتاريا نفسها، ويشكلون السواد الأعظم من الجماهير الشعبية والمحتاجة لكل شيء، مثل الشغل والسكن اللائق والمدرسة والتطبيب والواد الحار والمؤسسات الإدارية..الخ طبقة معدومة الإمكانيات، تعيش من الاشغال الموسمية والوسخة والحقيرة في غالبها، والتجارة على الرصيف، حيث تضطرها أوضاعها للعب دور الطابور الخامس في قمع الاحتجاجات، وتكسير الإضرابات، في إطار من "رد الجميل" لسلطات القمع التي تقايض البعض من عناصرها للعب هذا الدور الخياني، في مقابل السماح لها بالاستفادة من تجارة الرصيف، وتصريف المخدرات، والقوادة الصريحة..الخ
هذا يعني الاحتياط جيدا من هذه الفئة وعدم المغامرة بالانفتاح عليها، دون إهمال لمطالبها ولواقع التهميش والبطالة والحرمان الذي تعيش في دوامته.. على أن مستقبلها مرتبط بمدى الدينامية التي تخوضها الطبقة العاملة في صراعها من أجل التغيير الشامل لمصلحة جميع الكادحين وجميع ضحايا النظام القائم على الاستغلال والاستبداد والقمع والتهميش والحرمان..الخ

مهامنا الثورية في المرحلة
نعتبر بشكل جازم وحازم، أن المرحلة هي مرحلة التغيير الثوري والجذري، الذي يهدف صراحة وبشكل واضح إلى الإطاحة بالبرجوازية، وبنظامها الرأسمالي التبعي، وبالتالي تحطيم علاقات الإنتاج المبنية على الاستغلال والاستبداد والارتهان للإمبريالية ومصالحها، وبالتالي فتحرير القوى المنتجة واستيلائها على السلطة السياسية يعتبر هدفا اشتراكيا بامتياز، يؤسس لعلاقات اقتصادية واجتماعية جديدة وبديلة تعتمد الديمقراطية والوطنية الحقة والاستقلال الاقتصادي الوطني والتخلص من علاقات الاستبداد، والطغيان، وعبودية العمل المأجور.
فالاستقلال الحقيقي عن الإمبريالية، هو استقلال في الوقت ذاته عن الرأسمالية، وعن طبقاتها التي تعيش من ثمار العمل المأجور، عبر استغلالها الفاحش للقوى الكادحة المنتجة، والتي لن نقبل بادعاءاتها حول "الوطنية" و"معاداة الإمبريالية".. إذ لا يمكن، وفي هذا العصر بالذات، عصر العولمة الرأسمالية، عصر الاحتكار وهيمنة الشركات المتعددة والمتعدية الجنسيات،، بأن نقبل بهكذا أطروحات تمني النفس، وترهن مشروع الثورة ومستقبلها ببلادنا ببرجوازية "وطنية" لا وجود لها إلا في أدمغة بعض المثقفين وبعض من وثائق اليسار القديمة والبالية! فجميع الفئات البرجوازية التي تعيش وتستفيد من استغلال العمال والعاملات، لا تتأخر عن رهن مصالحها الآنية والمستقبلية بالإمبريالية فهي التي تضمن لها الرواج والأرباح والأسواق، وشبكة العلاقات المتنوعة، والقروض والتسهيلات..الخ فالمعركة باتت طبقية أكثر من أي وقت مضى، وهدفها الإستراتيجي الواضح هو القضاء على الاستغلال من جذره، أي القضاء على الرأسمالية وتشييد الاشتراكية بما هي ملكية جماعية لوسائل الإنتاج.
فالثورة الاشتراكية المنشودة لا بد لها أن تضع نصب أعينها جميع الأعداء الطبقيين للجماهير الكادحة، أي جميع من ينتفع من استغلال وبؤس الكادحين، من برجوازية كمبرادورية، وملاكين كبار، ورأسماليين، وجنرالات القصر، والقصر نفسه..الخ فأي تردد في تحديد الأعداء الطبقيين بكل الدقة والتصميم اللازمين، سيدخل الثورة في متاهات لا حد لها، وستفقد بالتالي البوصلة الموجّهة.
فهدف الثورة يجب أن يكون بوضوح تام هو استلام السلطة السياسية لمصلحة الطبقة العاملة في إطار الانتفاضة الشعبية، وبتأطير من حزب الطبقة العاملة، وبدعم ومساندة من طرف مجموع الجماهير الشعبية الكادحة.
فالطبقة العاملة هي قائدة النضال، ويتكلف حزبها حين تنضج الشروط بإعلان عن برنامجه النضالي في كافة المجالات وعلى جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفق خطة نضالية محكمة ستتوج عملها بإعلان عن سلسلة من الإضرابات المحلية والقطاعية والجهوية، ويربط الحزب التنسيق فيما بينها، ويؤطر جميع الاحتجاجات الاجتماعية داخل الأحياء الشعبية وفي قلب البوادي والمداشر.. وحين تكون الظروف سانحة ومواتية يعلن عن الانتفاضة ويحميها من العنف الرجعي بالسلاح.
ويتضمن برنامج الثورة تصورا جديدا للسلطة يضمن الديمقراطية ويحميها ويجند جميع القيادات للدفاع عنها، والمشاركة في أجهزتها، وآلياتها، ضمن المجالس الشعبية في المعامل، وداخل الأحياء الشعبية، والضيعات، والتعاونيات الحرفية، والزراعية..الخ من الجهة الأخرى لا بد لسلطة الطبقة العاملة بأن تتخذ طابعها الدكتاتوري في وجه جميع الرافضين أو المعادين لمصالح الثورة الاشتراكية وبرنامج التأميم ومصادرة الأملاك البرجوازية والثورة الزراعية التي ستقيم الاشتراكية، وستدعم التعاونيات، وستنظم الحرفيين وجميع المالكين الصغار..الخ عبر تحويل طابع الملكية، من ملكية فردية وخاصة، إلى ملكية جماعية وعامة، في قبضة الطبقة العاملة ومجالس العمال والنقابات ومختلف الأجهزة الإدارية الشعبية.
فليس من غير الطبقة العاملة بقادر على التعبير بشمولية على مصالح الكادحين، ويمكنه أن يقضي تدريجيا على الملكية الصغيرة، دون أن يتخلى عن إستراتيجية الثورة الاشتراكية وطموحاتها الكبيرة، في القضاء الجذري والنهائي عن الملكية الفردية والخاصة، ومضاعفاتها.. فالعمال لا يملكون أي شيء، ولا يخوضون الثورة من أجل التملك أو الاستحواذ على الممتلكات العامة، فهم يناضلون من أجل المصلحة العامة لجميع الكادحين المستغلين والمضطهدين، ومن أجل انتفاع جميع المنتجين، من خيرات الوطن الموجودة أرضا، وبحرا، وجوا، وفي أعماق الأرض، وفي أعالي البحار، انتفاعا متساويا، ومنظما، ومعقولا، ولا يتجاوز الحاجيات الحقيقية للشغيلة المنتجة.
فمن خلال توطيد سلطة الطبقة العاملة وحماية جمهور الكادحين لها، تضمن للجماهير الشعبية ونجاح الاشتراكية واستمراريتها، وتكسب حلفاءا جدد لمصلحتها، سوف يتخلون لا محالة عن مصالحهم الخاصة ومشاريعهم الصغرى، وسيلتحقون بركب اتحاد المنتجين الديمقراطي والشعبي.. فالديمقراطية المنشودة تؤسسها الطبقة العاملة ويحميها ويطورها حزبها الثوري، الذي يلزمه لكي يكون فعلا ثوريا، بأن يشرف على تنظيم جميع الإطارات والجبهات الثورية، وبأن يخترق جميع الفئات والطبقات الشعبية المناضلة، من أجل الثورة والتغيير، ليقنعها جميعها بجدوى الاشتراكية والديمقراطية العمالية، حتى لا تتحول مجالس الشعب التمثيلية لآلة غدر وردة، والتفاف عن المهام الاشتراكية العظمى.
فخلال المرحلة الأولى من الثورة، أي مباشرة بعد تسلم السلطة من قبل الطبقة العاملة، ووضع أسس الديمقراطية الجديدة، سيكون لزاما عليها إنجاز أولويات البرنامج الاشتراكي بدأ بالشروع في:

* تأميم المؤسسات ذات الطابع الوطني، وذات الارتباط بحماية الإنتاج وتقويته، وتأسيس شركات كبرى تضمن صناعة جميع حاجيات المواطنين، وتسهل بناء الاقتصاد الوطني المستقل عن جميع الرأسماليين والشركات العابرة للحدود.
* الشروع في ثورة زراعية تقضي على سيطرة الملاكين الكبار وجميع الرأسماليين المنتفعين من الأرض والتصدير، وتوجيه الفلاحة لتطوير الإنتاج، وحماية الأمن الغذائي للمواطنين.. وتقوية سلطة المجالس العمالية للمزارعين، وتحويل الأراضي المسترجعة إلى ملك عام يندرج في نظام التخطيط الاشتراكي، وتشجيع الملاكين الصغار على الانخراط في النظام التعاوني، في أفق التخلي التدريجي عن ملكيتهم لمصلحة الملكية الاشتراكية العامة.
* الإعلان عن الاستقلال الاقتصادي والسياسي الوطني عبر الخوض في سياسة إستراتيجية تقطع مع التبعية، والخضوع، والخنوع لقوى الاستغلال والنهب الإمبريالية، وعلى العكس انتهاج سياسة تنموية عمادها المنتجون المباشرون في الأرض، وأساليبها التجميع، والتحديث، والمكننة، والتنسيق مع باقي فروع الإنتاج الأخرى، في إطار مخطط وطني تضعه الطبقة العاملة وحزبها لمصلحة البناء الاشتراكي. فبدون هذا لن يتمكن المنتجون من بسط سيطرتهم على مجمل الاقتصاد الوطني، والتحكم بالتالي في سير الإنتاج والتوزيع.
* وفي السياق نفسه، أي سياق افتكاك السلطة ونشر القيم الثورية الجديدة، ستحارب الطبقة العاملة جميع أشكال العنصرية الموروثة عن عهود الطبقية، كاحتقار المرأة، وافتعال الحروب في المنطقة، وتشجيع العنصرية.. وستسن قوانين جديدة ملائمة لقيم التضامن والديمقراطية والمساوات.. يعترف فيها المجتمع الجديد بحقوق المرأة، وحقوق اللغات والثقافات الوطنية، وحق تقرير المصير لجميع الشعوب المناضلة من أجل تحررها السياسي والاقتصادي..الخ
* فلا بد للسلطة الاشتراكية الجديدة، من بناء تعليم وطني يجسد ما نطمح له من تطلعات، تضعنا في سكة الأمم المتحضرة والمتحررة من زمن الخرافة والشعوذة والظلامية.. والمتفتحة على العلوم، وتقنياته، وابتكاراته المفيدة. ولا بد من تعميمه وإلزاميته على جميع من هم في سن التمدرس، ومحو آثار الأمية في صفوف الموطنين المنتجين، وتكوين الأطر العمالية في الاقتصاد والتدبير لتسيير الإنتاج والمؤسسات الإدارية..الخ
* كما لا بد للقيادة العمالية الثورية أن تظل مناصرة لقضايا التحرر، والوقوف إلى جانب انتفاضات الشعوب ضد الظلم والاضطهاد والاستغلال، من طرف الاستعمار الجديد العابر للقارات.. حيث أن من واجبها دعم جميع النضالات العمالية والشعبية، من أجل الإطاحة بالرأسمالية، وبناء الاشتراكية داخل المعاقل المحررة.
فخط الثورة أممي، ويجب أن يبقى في نفس الموقع، وعلى نفس المبدأ والتوجيه، مناصرا لجميع الحركات العمالية الثورية ومدعما لمعاركها التكتيكية والإستراتيجية في سياق النضال من أجل القضاء النهائي على الرأسمالية، وبناء وتعميم البديل الاشتراكي، كمرحلة انتقالية لبناء النظام الشيوعي في جميع البقاع.

ما يلزمنا لنجاح الثورة الاشتراكية في المغرب
أي ما يلزمنا خلال هذه اللحظة من مسيرتنا الثورية هي أداة الفعل الثوري، الحزب السياسي المنظم للطبقة العاملة، المعبر الفعلي عن طموحاتها لقيادة الثورة ضد الرأسمالية، ولبناء الاشتراكية على أنقاضها، بحيث لم يعد يكفي الوعي بأهمية وطبيعة المنظمة المطلوبة، بقدر أن المهم هو الشروع في بناءها ووضع خطة مدروسة لغرسها في التربة العمالية الجماهيرية عن مرحلة متقدمة من الصراع السياسي والفكري تجد تجسيدها في القفزة التنظيمية النوعية، حيث تصبح مهمة الانغراس والانتشار في وسط الطبقة العاملة وكافة الفئات والطبقات الشعبية القريبة منها مهمة ملحة وثورية، مطروحة بإلحاح على جدول الأعمال النضالية والتنظيمية الثورية بهدف واضح لها ألا وهو التخطيط للاستيلاء على السلطة والإطاحة بالبرجوازية ونظامها الاستبدادي، ثم البحث عن حلفاء جديين وميدانيين، يدافعون عن برنامج الثورة أو عن جزء منه، اعتبارا للمصالح الطبقية التي يمكن أن تكون متمايزة داخل الجبهة المناصرة للتغيير. وعلاوة على هذا تنتظرنا مهمة أخرى أكثر تعقيد من مهمة بناء الحزب ألا وهي مرتكزات الحزب الضرورية والجماهيرية، من نقابات عمالية، واتحادات ديمقراطية ذات الاهتمام الاجتماعي كاتحادات الطلبة، والموظفين الصغار، وجمهور المستهلكين، والمعطلين عن العمل، والمعدمين من الفلاحين، ومجموع بؤساء المغرب المهمشين..الخ
فوضع إستراتيجية ثورية يعني طرح السلطة السياسية على جدول الأعمال، أي بوضوح تأهيل حزب الطبقة العاملة لانتزاعها، وبالتالي قيادة جمهور الكادحين المحرومين والمضطهدين من أجل إنجاز، هذه المهمة، والاشتراك الفعال في فصولها.
فالنضال التحرري ضد الإمبريالية خلال هذه المرحلة التاريخية يعتبر نضالا طبقيا، ضد البرجوازية الحاكمة وحلفاءها من الملاكين، الشيء الذي يلزم الطبقة العاملة بخوض النضال وقيادته ضد جميع المالكين ممن يضطهدون الكادحين وممن يضعون أيديهم في أيدي الشركات العابرة للقارات، وفي أيدي مؤسسات المال والقروض وصناع الدمار والحروب في كامل البقاع..الخ فلا مكان للبرجوازية داخل جبهة التحرر، ولا مكان كذلك للبرامج البرجوازية في مضمون الشعارات التحررية، وفي جدول أعمال المشروع التحرري الشامل لمجموع الشغيلة المنتجة الكادحة المعنية صراحة بالثورة والتغيير.
فمن أجل تقوية جبهة الثورة، يجب أولا تقوية حزب الطبقة العاملة وما يرتبط به من منظمات جماهيرية حزبية، وغير حزبية ـ على ألا تناهض الاشتراكية ـ الشيء الذي سيقوي من قاعدة النضال الديمقراطي، والتي يجب المساهمة الفعلية في توسيعها، عبر المبادرة والمشاركة والتحريض والتأييد..الخ مما يلزمنا ثانيا من تكثيف النقاش لإقناع حلفائنا داخل الجبهة الثورية بأهمية المشروع الاشتراكي، وبأهمية الطبقة العاملة لقيادته، وللإشراف العملي على تنفيذه، عبر تشكيل التنسيقيات، وطرح البرامج المشتركة القطاعية والإنتاجية، إضافة للدور الذي يجب أن تلعبه الحركة الديمقراطية في تعبئة جميع الكادحين والمهمشين، والعاطلين، وصغار الفلاحين وبسطاء المستهلكين..الخ فلا بديل عن شعار الاشتراكية وعن برنامجها لحشد جميع الكادحين والمضطهدين والمهمشين.. من أجل الثورة والتغيير، من أجل إشعال نار الحرب ضد الاستغلال والاستبداد والقمع.

كيف ستتم عملية بناء حزب الطبقة العاملة المستقل
ومما لا شك فيه أن العملية تتجاوز الإرادة الثورية للمناضلين والمثقفين الاشتراكيين الثوريين، فعملية البناء لا بد لها من تراكم، وخوض التجارب الميدانية اللازمة وإنشاء تيارات مناضلة وفاعلة تربط الأفكار والمبادئ بالممارسة الثورية الشاملة، والشروع والإقدام عليه لا يكون إلا لخدمة الثورة.. أما أن نبقى حزبا منكمشا على قواعده، يتفتت في أول اصطدام فكري أو سياسي داخل التنظيم نفسه خلال مسيرته الميدانية، أي عوض أن يوسع من دائرة مسانديه وقواعده، يختار الذرائعية لتبرير هفواته، ومنزلقاته الفكرية والسياسية، وبالتالي التنظيمية..الخ فليس هذا ما نطمح له، لأن الحزب بالنسبة لنا إطار سياسي يعبر صراحة عن مصلحة الكادحين غير المالكين، في المعركة من أجل التغيير والثورة، فهو حزب طبقي يحمل ويدافع عن الاشتراكية كنظرية وكمشروع مجتمعي، يهدف إلى القضاء على الرأسمالية باعتبارها أصل الشرور والبؤس والحرمان والاستغلال والقمع والاضطهاد..الخ له دوره البارز في تنظيم وتأطير جميع النضالات المدافعة عن حقوق العمال، والشغيلة، وعموم الكادحين والمستضعفين الفقراء، في المدن والأرياف.. يستعمل لهذا الغرض جميع الوسائل وجميع أشكال الاتصال العلنية والسرية، المشروعة وغير المشروعة..الخ ولا يتأخر في استعمال واجهات الإطارات الجماهيرية، والاستغلال الجيد والهادف للعلنية، وللخطابة، والتأطير، والنقاش الفكري والإعلامي، لعرض أفكاره ومواقفه بوضوح. وتبدأ العملية من خلال تجميع وتنظيم مناضلين ماركسيين من خلال تيار فكري سياسي، يطرح لنفسه أرضية للنقاش تتوسع دائرتها شيئا فشيئا، وتشق طريقها وسط الطلائع الثورية، التي تخوض نضالاتها الميدانية المباشرة وسط نقابات العمال، وفي صفوف المناهضين للغلاء، وداخل جمعيات المعطلين، وداخل البوادي الفقيرة والمهمشة..الخ
فبين النزعة العمالية الخالصة والنزعة الفلاحية المشككة في جدوى الارتباط والاعتماد على الطبقة العاملة، كقائدة للصراع وللنضال من أجل التغيير والثورة الاشتراكية، ننحاز بقوة وبمبدئية للدفاع عن الخط البروليتاري، الذي ما فتئ يدافع عن الرسالة التاريخية للطبقة العاملة مساندا ومشاركا الجماهير الشعبية جميع نضالاتها من أجل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وربطها بمشروع التحرر الاشتراكي الشامل، الذي لن يتنازل عن برنامج التأميم، ومصادرة أملاك البرجوازية والملاكين العقاريين الكبار، وإعادة بناء الاقتصاد المبني على الاستغلال وابتزاز فائض القيمة وتحقير المرأة وضرب مبدأ مساواتها مع الرجل..الخ
وعلى هذا الأساس ووفق هذا التصور سيعمل الحزب على كسب حلفاء له في ساحة الصراع، من خلال دعمه ومساندته لنضالات المنتجين والمالكين الصغار المنظمين في اتحادات ونقابات بغرض الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، كذلك الشأن بالنسبة لصغار الموظفين ورجال الصحة والتعليم وكافة مرافق الإدارة العمومية، الذين لا بد لهم بأن يربطوا نضالاتهم بمهمة التغيير والنضال ضد الاستبداد والتمييز..الخ
دون أن ننسى الدور الطليعي الذي يمكن أن يلعبه الشباب داخل الحراك الاحتجاجي اليومي، داخل حركة المعطلين من حاملي الشهادات، والحركة الطلابية، والحركة التلاميذية، والحركة المناهضة للغلاء وارتفاع الأسعار.. إذ وبدون هذا الارتباط والقيادة الفعلية لنضالات هاته الحركات الاجتماعية لن يكون هناك موقع لحزب الطبقة العاملة في الصراع من أجل السلطة السياسية.
وسنسعى خلال عملية البناء أن نحافظ على طليعية الطبقة العاملة في الصراع من أجل السلطة ومن أجل قيادة الثورة ووضعها على سكة البناء الاشتراكي في شكله ومضمونه، وبأن نوطد علاقتنا مع جميع الفئات والطبقات المعنية بالتغيير، وأن نولي اهتماماتنا لجميع المحرومين، والمهمشين، وبأن نقود النضالات ونوجهها الوجهة الصحيحة ذات الارتباط بجميع ملفات الصراع كالتعليم والصحة والسكن والشغل والثقافة واللغة ـ خصوصا الحيف الذي تتعرض له الأمازيغية من طرف عتاة الرجعية والظلامية وبعض العروبيين المتمركسين توا..
خلال هذه العملية نفسها، يجب على الحزب أن يطور نفسه على خلفية النقد والنقد الذاتي الدائم لخطه ولممارساته، في إطار من الالتزام النظري الماركسي، وفي إطار الدود على مصالح الطبقة العاملة اليومية والإستراتيجية، ووفقا لما يلزم الحزب من تحالفات طبقية ودعم للعديد من النضالات التي يقوم بها سائر الكادحين والمحرومين المغاربة..
فالنقد والنقد الذاتي مبدأ أصبح شائعا ومعترف به داخل جميع التنظيمات السياسية، والمنظمات الجماهيرية جميعها من اليمين ومن "اليسار"! وبالتالي وجب على الحزب أن يتميز بإخلاص لهذا المبدأ، وأن يمارسه بقناعة ووعي يفضح حقيقة إدعاء الفرق السياسية المنافسة أو المعادية للخط البروليتاري الاشتراكي.
بالإضافة لهذا المبدأ هناك مبدأ المركزية الديمقراطية الذي أصبح هو كذلك من البهارات التنظيمية التي يمكن أن تجدها في كافة القوانين التنظيمية الداخلية للأحزاب والمنظمات الجماهيرية.. الشيء الذي لا يخجلنا أن نتبناه، وندافع عنه، ونمارسه بوعي، كضمانة لسير الحزب على السكة الصحيحة، ولضبط التوازن بين السرية والعلنية في خلال عملية البناء.
فلا بد للحزب أن يعي جيدا العلاقة الدياليكتيكية بين الديمقراطية والمركزية، ويجسدها أحسن تجسيد خلال ممارساته في العمل الحزبي الداخلي، وخلال قيادته للمعارك، وفي علاقته بمجموع حلفاء الثورة وجميع المضطهدين..الخ فهياكل الحزب يجب أن تحظى بالاحترام لقرارات الحزب التي تؤخذ بمبدأ الأغلبية، بعد إعطاء الحق لجميع الاتجاهات والحساسيات بأن تعبر عن آرائها بكل حرية.. مع العلم أنه في فترات معينة يمكن للحزب أن يعطل مبدأ الديمقراطية لظروف القمع والسرية، ولصعوبة الإطلاع والتقدير لموقع ووزن جميع الحساسيات والآراء المتصارعة داخل التنظيم، بحيث وفي ظروف يشتد فيها القمع والخناق على الحزب تنتصب المركزية على حساب الديمقراطية، وتأخذ مكانها لحسم القرارات في الحزب وفي الشارع لتدبير المعارك البسيطة والمعقدة والحاسمة كذلك.
وغني عن التذكير بمهام الحزب التي تخضع لتراكم تصاعدي، تطوره وتغنيه التجربة العملية، والميدانية، في جميع مجالات النشاط الطبقي الفكرية والسياسية والتنظيمية والثقافية، داخل المجتمع وفي وسط الطبقات الشعبية، وعلى الأخص الطبقة العاملة منتجة فائض القيمة، حيث يكون مضمون نشاط حزب الطبقة العاملة هو تنظيم التشهير والتحريض بالشكل الثوري والشامل، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، في وسط المجتمع، وبروح طبقية وثورية، تعمل بجد على تنمية الوعي الطبقي داخل الأوساط البروليتارية وداخل الجماهير الشعبية الكادحة المؤهلة للانخراط في صفوف الثورة. على أساس أن تتحمل الطبقة العاملة مسؤوليتها التاريخية، والأخذ بزمام المبادرة، وقيادة النضالات والمعارك الطبقية كافة، انطلاقا من موقعها القيادي، وانسجاما مع طبيعتها الكفاحية والطليعية لمجمل هاته النضالات، ابتداءا من أدنى أشكال الاحتجاج المطلبي، ومرورا بالإضراب العام والانتفاضة الشعبية المسلحة، وانتهاءا بإقامة الديمقراطية الجديدة، ديمقراطية المجالس الشعبية تجسيدا لديكتاتورية اليروليتاريا، ثم تنظيم المجتمع الاشتراكي في أفق الإلغاء النهائي لما سيتبقى من الطبقات.
فيجب على الحزب أن يربي كوادره على الارتباط الدائم بالميدان، والتكيف مع جميع مجالات الاشتغال، والأخذ بجميع أساليب الارتباط والإنغراس في الأوساط العمالية والشعبية، في إطار من الانضباط والمركزية الديمقراطية، حيث يجب أن تحدد المهام بوضوح تام في كل مرحلة، وحيث يجب إبراز أهمية التنظيم الثوري ودوره في الانتصار على عفوية الجماهير، والاستفادة منها، وتوجيهها التوجيه الواعي الصحيح.
فلا بد من تشكيل الحزب الثوري الماركسي اللينيني، بالشكل الذي يعتمد على محترفين للعمل الثوري، محميين بالسرية اللازمة، من قيادات ثورية يكون عددهم مقلص، مشكلة من المثقفين الماركسيين الثوريين، وطلائع العمال الذين ثقفتهم الممارسة والارتباط بحركة الطبقة العاملة ومعاركها.
ولا بد أن يتوفر الحزب على جريدة كأداة إعلامية مركزية، تعمل على التشهير والتحريض ضد النظام القائم، والدعاية للثورة والتغيير الاشتراكي في المغرب، وتناصر جميع المعارك، وتساند قضايا النضال ضد الرأسمالية في العالم وجميع قضايا التحرر الوطني في البقاع أجمع.. أداة إعلامية يمكنها الاستفادة من جميع التقنيات الجديدة في هذا المجال، بمعنى أنها يمكن أن تكون ورقية أو إلكترونية أو مرئية..الخ فهي المحرض الجماعي، والداعية الجماعي لمشروع الثورة الاشتراكية، وكذا المنظم الجماعي لجميع قوى الثورة، وفق برنامج يجسد مصالح الطبقة العاملة ويخدم مصلحة جميع المتضررين من سيطرة الرأسمالية وحكمها الاستبدادي.. فبدون هذه الجريدة وجميع الدوريات الحزبية الملتزمة طبقيا وسياسيا وفكريا بمشروع الطبقة العاملة التحرري، لن يكون الحزب في مقدوره تربية فريق من القادة الثوريين للحركة عامة وللحركة العمالية الاشتراكية خاصة، كما يجب على الحزب الالتزام بمهامه التنظيمية، وعقد جميع الدورات والمجالس والمؤتمرات التنظيمية.. إذ لا يجب أن يتم تعطيل عمل الهياكل والأدوات الإعلامية إلا للضرورات القصوى، ذات الارتباط بشدة القمع والمنع والحصار..الخ
ومن أجل استمرارية التنظيم وتقوية فعاليته وسط الجماهير والمناضلين المتعاطفين، لا بد من تعميق الديمقراطية في صفوفه، حيث لا وجود لديمقراطية بدون مركزية.. إذ لا بد من الصرامة والوحدة الفكرية، حتى تتحقق الوحدة في الالتزام والممارسة. فبعد النقاش والسجال المثمرين لا بد لمواقف وأفكار الأقلية أن تنضبط للأغلبية، وأن تبدي عن نضجها التنظيمي بكل ديمقراطية رفاقية، تضمن للحزب وحدته أمام الجماهير وأمام الأعداء والخصوم وكافة المتتبعين. فالتنظيم الثوري يتجنب التكتل، والانشقاق، ويحارب الإزدواجية التنظيمية، ويعمل جاهدا على ارتباط المنظمات الجماهيرية العمالية بالحزب.. ويؤكد على مبدأ القيادة الجماعية لجميع هياكل الحزب، مع مراعاة شروط السرية وقوانينها القاسية، إذ لا حياة ولا مستقبل لحزب عمالي يحلق بأكثر من جناح.
فالحزب هو الأداة السياسية الثورية التي على كاهلها قيادة النضال على جميع المستويات، ولا يمكن للحركة الثورية أن تنجح في مهامها بدونه، فهو المنظم والمتفاعل مع جميع حركات النضال العفوية، التي يجب أن تتقهقر إلى الوراء بسبب من تدخله وتأطيره للمعارك، فهو الأداة التنظيمية التي من واجبها الإمساك بجميع الخيوط المرتبطة بالقرار السياسي، وجميع القرارات الميدانية، ابتداء من إعلان أو المشاركة في الاحتجاجات الشعبية البسيطة، إلى إعلان الإضرابات والتحضير للإنتفاضة الشعبية السلمية والمسلحة، في إطار خط تصاعدي مدروس ومرتب.. حيث على الحزب مهمة التحضير للثورة بشكل حاسم وجدي، وألا يعتاد فقط على مستلزمات النضال الديمقراطي، يعني بأن يزاوج بين السرية والعلنية، والعمل الشرعي الجماهيري، والعمل السري الثوري، وبأن يهيئ فصائله القتالية للرد على العنف الرجعي باعتباره حتميا في جميع مراحل الصراع من أجل السلطة السياسية.

وديع السرغيني
مارس 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا