الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح السيد أوغلو سمساراً لبيع و شراء اللاجئين مع اوروبا

عبدالله جاسم ريكاني

2016 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يصبح السيد أوغلو سمساراً لبيع و شراء اللاجئين مع اوروبا
د. عبدالله جاسم ريكاني
بالرغم من إنحدار النظام السياسي التركي تدريجياً الى نظام إسلاموي استبدادي ، و لكن علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي التي تطمح تركيا الانضمام اليه، باتت افضل من أي وقت مضى. البعض يصفها بالبراغماتية و سياسة تبادل الصفقات. و لكن البعض الآخر و في لغة اقل دبلوماسيةً، يسمونها" سياسة ابتزاز اوروبا" على خلفية ازمة اللاجئين. حتى رئيس الوزراء التركي احمد داود أوغلو اعترف بأن جولته الاخيرة من المباحثات مع القادة الاوروبين كانت "مساومة مثل التي تحدث في "قيصرية" و هي مدينة تركية تشتهر بكبار التجار المساومين.
في الحقيقة، تركيا المعاصرة لم تكن يوماً اكثر بعداً عن القيم الجوهرية للحضارة و المؤسسات الاوروبية مثلما هي عليه الآن. مثلاً، عندما اعلنت المحكمة الدستورية التركية ان احتجاز الصحفيين جان داندار و أردم كول لمدة 92 يوماً، يشكل خرقاً و تجاوزاً على الحريات الاساسية للمواطن والمضمونة بموجب الدستور، لم يخف السيد اردوغان غضبه من هذا القرار و قال انه سوف لن يحترم او يلتزم بقرار المحكمة العليا.
كلا الصحفيان اتهما بالتجسس و الارهاب بعد ان نشرت جريدتهما صوراً و قصص حول ارسال شاحنات محملة بالاسلحة من قبل المخابرات التركية الى الإرهابيين في سوريا. و قد طلب الادعاء العام التركي عقوبة السجن مدى الحياة لهؤلاء الصحفيين.
السيد اردوغان لا يمانع ان يلعب دور القائد الاعلى و غير الخاضع لسلطة القانون. في حديث له في 11 من اذار، قال السيد اردوغان: على المحكمة الدستورية ان تكون واحدة من المؤسسات التي يجب ان تكون حساسة جداً لمصالح و حقوق الدولة و المجتمع. و لكن هذه المؤسسة و رئيسها لم يترددا في اصدار احكام بالضد من الدولة و المجتمع في قضية هي الاخطر على تركيا و شعبها. تركيا اليوم هي دولة، لا يتردد فيها رئيس منتخب ان يقول على الملأ، بأنه سوف لن يلتزم بقرار صادر من أعلى سلطة قضائية في الدولة التي يرأسها.
و في واحدة من اكبر التجاوزات على حرية التعبير، اصدرت المحاكم التركية التي يسيطر عليها اردوغان، حكماً بوضع جريدة زمان، و هي من اوسع الجرائد انتشاراً و مبيعاً في تركيا و الجريدة الاخيرة التي بقيت على موقفها في نقد سياسات اردوغان، تحت وصاية الحكومة و عينت مدراء جدد لتمشية امور الجريدة، واضعةً بذلك نهاية للصحافة الحرة في تركيا.
و كنتيجة لهذه الممارسات غير الديموقراطية، ليس من المستغرب ان تصنف تركيا في المرتبة 149 من بين 180 دولة في التقرير الذي اصدرته "صحفيين بدون حدود" حول الحريات الصحفية في العالم في عام 2015.
الأمر لم يقتصر على الصحافة فقط، و انما، شملت سياسات التضييق على رجال الاعمال أيضاً. حيث احتجز المدعون العامون اربعة من رجال الاعمال من الذين يديرون تكتلات مالية ببلايين الدولارات بحجة وجود روابط لهم برجل الدين الشهير فتح الله كولين و الذي كان من اشد المناصرين و المؤيدين لاردوغان سابقاً، و لكنهما انفصلا عن بعضهما في عام 2013.
جريدة زمان بدورها كانت واجهة لحركة كولين و ناقدة للمارسات غير الديموقراطية لاردوغان. اليوم و بعد ان فرضت عليها الوصاية و اصبحت تدار من قبل مؤيدي اردوغان، صارت بوقاً للترويج لحكومة حزب العدالة و التنمية.
و في مقابل هذه الصورة السوداء لحرية الصحافة و التعبير في تركيا، انتعشت العلاقات بين تركيا و الاتحاد الاوروبي بدلاً من ان تتدهور طبقاً لقيم الحضارة الاوروبية التي تقدس حرية التعبير و الرأي. و الادهى من ذلك هو تصويت اثنين من وزراء حكومة السيدة ميركل مستشارة المانيا لصالح انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي بدعوى أن تركيا مفيدة للجهود الاوروبية في التعامل مع ازمة اللاجئين. و في حديث الى مجلة دير شبيجل الالمانية، صرحت وزيرة الدفاع الالمانية بانه من المفيد بدء جولة جديدة من مباحثات انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي.
جاء هذا المديح عندما كانت كل من تركيا و الاتحاد الاوروبي في حالة مفاوضات حول امكانية ان تسترجع تركيا اللاجئين السوريين الذين وصلوا الى سواحل اليونان و من ثم تسفيرهم الى وسط اوروبا، و بالمقابل، ان يسمح الاتحاد الاوروبي بسفر 79 مليون تركي الى اوروبا بدون شرط الحصول على فيزا، و تسريع خطوات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.
و بعد الجولة الاخيرة من المحادثات مع الاتحاد الاوروبي، أبلغ اوغلو الصحفيين بفخر بمساوماته "القيصرية" ، و لم يخفي سروره في الاحتيال على الاوروبيين مثلما يساوم التجار الاتراك في بازار مدينة "قيصرية" في مبادلاتهم التجارية.
و بواقعية تامة، إتهم السيد نايجل فاراج و هو معارض بريطاني بارز، تركيا بإبتزاز الاتحاد ألاوروبي في مسألة أزمة اللاجئين السوريين ومسألة انضمامها الى الاتحاد الاوروبي. و قال أمام البرلمان الاوروبي، انه لمن الشناعة ان تستغل تركيا مسألة قبول اللاجئين و المهاجرين السوريين على اراضيها مقابل المطالبة بالانضمام الى الاتحاد.
في الحقيقة، ليس هناك ما يبعث على العجب في كل ما يحدث لتركيا. فمن خلال التصويت الشعبي كأسلوب ديموقراطي تم جر دولة تركيا الى نظام استبدادي. و سيكون من سخرية القدر ان لا يفهم القادة الاوروبيون الامر و يستسلموا للابتزاز التركي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟