الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنور السادات وسيد قطب ودستور الإرهاب المصرى

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أنور السادات وسيد قطب ودستور الإرهاب المصرى
لقد فرض هذا المقال نفسه فرضاً ، فقد تحدثت فى مقال سابق ، بمناسبة رحيل هيكل ، عن كيف ساهم هيكل وناصر، وكتابهما فلسفة الثورة ، فى تدمير العصر الليبرالى المصرى، والذى رمزت إليه بطه حسين وكتابه مستقبل الثقافة فى مصر، ولكن كان لزاما أن نتحدث أيضاً عن الفصل الثانى والحاسم من المؤامرة، والذى تزعمه هذه المرة، أنور السادات وسيد قطبه، وكتابهما معالم فى الطريق، وذلك من أجل أن تكتمل القصة ، ونعرف كيف تم عزل الإنسان المصرى عن تجربة نهضته الحديثة، ليتحول من ذلك الليبرالى الطيب، إلى ذلك الفاشى الأحمق، الذى يقتل الناس بلاسبب يذكر.
فعل السادات نفس ما فعله ناصر من هدم ميراث العصرالسابق بكتاب وكاتب ، وكما هدم ناصر ميراث ثورة1919 بثورة يوليو وكتابات هيكل ، فقد عمل السادات على هدم ثورة ناصر بثورة جديدة وكتابات جديدة أطلق عليهما تسمية ثورة التصحيح ، كانت أكثر فجاجة وقبحاً حيث دافع فيها عن ديموقراطية العهد الناصرى المفقودة ، بالتحالف مع الفاشية الدينية ، وليس مع التيارات المستنيرة الباقية ، وهكذا فبينما كان ناصر يصدق نفسه، فقد كان أنور السادات يكذب كذباً صريحاً ، ففى عام 1972 أطلق الإخوان من سجون ناصر، الذين كانوا قد قبعوا فيها مع باقى التيارات السياسية، وفى عام 1973 سمح بإعادة نشر كتاب سيد قطب- الشهيد الإخوانى- معالم فى الطريق ، بواسطة دار الشروق، أكبر دار نشر مصرية والمعروفة بميولها الإسلامية ، وهو كتاب ذو أسلوب سهل ممتنع يكاد يكون نسخة من أسلوب هيكل ، أما عن حقائقه فلا توجد به حتى حقيقة واحدة، فمعظم الكتاب يبدو كقطعة فريدة من العنف والخرافة حيث لاتاريخ ولاجغرافيا ولاإستنتاج عقلى بل مجرد ترويج لفكرة حاكمية الله على الكون والناس وكل أفعالهم، وكأن الله قد خلقهم بدون عقول ، وكما قال الشعراوى بعد ذلك ، أن الله قد علمنا حتى كيف أن نذهب إلى دورات المياة، وهو يكاد أن يكون منقولاً بالروح والنص من كتاب مؤسس الجماعة الإسلامية الباكستانية أبو الأعلى المودودى( الجهاد فى سبيل الله) الذى دعى فيه إلى نفس فكرة الحاكمية والجهاد المقدس ، كهدف وحيد للحياة الإنسانية ، كل ماسواه كفر وضلال وخروج عن الإرادة الإلهية. وقد بدأ قطب كتابه عملاً بالمثل القائل ، أول القصيدة كفر ، فقد قال فى مقدمته(إن قيادة الرجل الغربى للبشرية قد أوشكت على الزوال، لا لإن الحضارة الغربية قد أفلست مادياً ، أو ضعفت من ناحية القوة الإقتصادية والعسكرية، ولكن لإن النظام الغربى قد إنتهى دوره، لإنه لم يعد يملك رصيداً من القيم يسمح له بالقيادة) ودعى إلى قيادة جديدة للبشرية تتثمل فى مشروعه الفاشى، الذى لم يعش ليرى قيم قطع الرؤوس التى يمارسها، ولاقيم الحضارة الغربية الزائلة، التى إنتشرت فى كل مكان فى العالم.
وهكذا أصبح معالم فى الطريق دستور الإرهاب المصرى فى مرحلة الولادة ، وذلك حتى دخلت على الخط مؤثرات جديدة. دعم السادات سيد قطب بتوظيف الشيخ الشعراوى، العائد من السعودية فى خدمة الدولة الجديدة، لتكتمل بذلك أركان عهد الإرهاب المصرى، وهو التوظيف الذى إستمر فى عهد خلفه حسنى مبارك ، وبدأت رحلة الإرهاب بحادث الفنية العسكرية وإنتهت بإغتيال أنور السادات نفسه وفشل مؤامرته الذى تلاعب فيها بأقدار شعبه ، وهكذا فبعد حوالى ثلاثين سنة من ثورة يوليو دفع أنور السادات ثمن خطيئته وخطيئة ناصر معه ، لكن الشعب كان هو فى النهاية الخاسرالأعظم، فقد فقد ميراثه الليبرالى الكبير، وإستبدله - بمؤامرة الحاكم - بميراث الإسلام السياسى والعنف والخرافة.
وسرعان ماتحول الإرهاب المصرى إلى إرهاب عالمى، وذلك بلقائه فى أفغانستان أثناء الحرب الروسية، بالإسلام الوهابى المدعوم بالمال النفطى، ونشأة تنظيم القاعدة ، ويثور اليوم سؤال بيزنطى عن من المسئول عن تلك الجريمة العالمية، الإسلام الوهابى السعودى، أم الإسلام الإخوانى المصرى، ومع عدم إغفال أثر الثروة النفطية، فإنها نفس الدائرة الشيطانية تغذى بعضها البعض، وإلا فمن المسئول عن ثورة الخمينى؟ التراث الإسلامى هو المسئول الأصلى، ذلك التراث الشيطانى، الذى مهما حاولت التملص منه، فلن يتركك وشأنك أبداً.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله: الأحزاب السياسية في لبنان تواصل إصدار بيا


.. صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وشوارع خالية من السكان




.. كيف يبدو المشهد في المنطقة بعد مقتل حسن نصر الله؟


.. هل تنفذ إسرائيل اجتياحا بريا في جنوب لبنان؟ • فرانس 24




.. دخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية بينما تصف مراسلة CNN الوضع في