الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلق الكارثة والازمة والاعلان عن الاستأناس بحلها ولربما تأخذ الكثير من الجهد والوقت ؟

كرار حيدر الموسوي
باحث واكاديمي

(Karrar Haider Al Mosawi)

2016 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


جاء إعلان «مايدعى جزافا الدولة الإسلامية» من قبل الجماعات الإرهابية التي رعتها أميركا نشأة وتوجيهاً وتمويلاً، في السياق الطبيعي للعدوان الذي تشنه أميركا على المنطقة منذ نيف وربع قرن. عدوان تقلب بين الحروب بـ»القوة الصلبة» والفتن ب»القوة الناعمة» التي شاءت أميركا عبرها إشاعة «الفوضى الهدامة» أسمتها خلاّقة لإطاحة معالم المنطقة وهدم كل ما فيها، تنفيذاً للمشروع الصهيو ـ أميركي الهادف الى تثبيت «إسرائيل» واستباحة ثروات المنطقة.
فالفوضى التي شاءتها أميركا، بإعلان صريح أطلقته يومذاك وزيرة خارجيتها رايس، هدمت أسس أكثر من دولة في الشرق الأوسط وانتجت «دولة الفوضى» التي أعلنتها «داعش» مدعية أنها «دولة إسلامية «، وهي في الحقيقة دولة إرهابية لا صلة لها بالإسلام من قريب أو بعيد، فإسلامها هو الإسلام الذي صنعته لها أميركا وأجهزة الاستخبارت الغربية، إسلام التكفير والقتل والتهجير والتدمير، ولذا تكون تسميتها الصحيحة «دولة الإجرام الإرهابي»، منتج الفوضى الأميركية.
استغلت أميركا حاجات شعوب عربية في دول لم تصل الى تحقيق ما تصبو إليه تلك الشعوب من ديمقراطية وحرية وإشباع حاجاتها العصرية رغم الثروات التي تملكها، واستغلت شجاعة فئات من تلك الشعوب في الخروج على الحاكم طلباً للإصلاح والتطوير، وسارعت الى وضع اليد على الحراك الشعبي هنا وهناك، وحوّلته من حركة احتجاج ذات بعد سياسي إصلاحي، الى حركة تمرد وفوضى ذات بعد أمني عسكري تدميري، بعدما كانت عبارة «الثورة « و»طلب الإصلاح» هي المتداولة في توصيف مجريات الحوادث في هذه االدولة أو تلك، تقدم وصف المسلحين والإرهابيين والمتطرفين على أي وصف آخر، خاصة في البلدان التي تريد أميركا الانتقام منها في سياق حربها التدميرية، وتجلت سلوكيات أميركا التدميرية تلك بأبشع صورها في سورية حيث رعت وأدارت الأعمال الإرهابية التي تفشت على أراضيها والتي تسببت بأفظع الاجرائم والارتكابات في حق البشر والشجر والحجر فيها، لكنها عجزت عن إسقاط الدولة، وأخفقت في انتزاع قرارها المستقل، فكانت الهزيمة الاستراتيجية للمشروع الأميركي على الأرض السورية، هزيمة من الحجم الذي فرض نفسه على الرئيس الأميركي وأجبره على الإقرار به.
في ظل هذا المشهد، مشهد «الفوضى العارمة» الممتدة من شمال أفريقيا الى بلاد الشام، أعلن أحد الفروع الرئيسية لتنظيم «القاعدة» التنظيم الإرهابي الأميركي إقامة «دولة الخلافة الإسلامية» على جزء من سورية والعراق. إعلان أحدث ردود فعل متناقضة، بين عدم اكتراث ولا مبالاة علنية من جهة، واهتمام اتسم بالذعر نوعاً ما من جهة أخرى. فهل لمن لم يكترث أو لمن ابدى الاهتمام مبرر في اعتماد هذا السلوك أو ذاك؟ في رصد وتحليل للإعلان وردود الفعل عليه، نستطيع الوصول الى تشكيل قناعة بأنه فعل لم يأت من فراغ، بل يقع في سياق الخطة الأميركية الرامية الى نشر الفوضى التي تعوّل عليها أميركا الآن لأجل الآتي: إشاعة حالة الخوف والذعر في كامل المنطقة، وحرمانها من أي نوع من الأمن والاستقرار بما يجهض طاقاتها ويمنع اهتمامها بمشاكلها الحقيقية والأخطار التي تتهددها وفي طليعتها الخطر الصهيوني الجاثم في فلسطين، بل يبرر الدولة اليهودية التي تريدها «إسرائيل» في مقابل وهم الدولة الإسلامية. استفزاز من لم ينخرط من شعوب المنطقة ودولها في الحرب حتى الآن ودفعه الى الميدان ليكون جزءاً منه فيناله التدمير الذي عجزت أميركا عنه بقواتها الذاتية. إنتاج بيئة رسم خرائط جديدة لدول المنطقة أو التهويل بها. دفع دول المنطقة وشعوبها إلى الاستعانة أو الاستغاثة بأميركا لإنقاذها من «الخطر الداهم».
دونما إسهاب في سرد ردود الفعل والسلوكيات التي أعقبت «مسرحية الموصل الداعشية» وصولاً الى اطلاق وهم «دولة الخلافية الإسلامية «، وهي سلوكيات فيها الكثير مما يستجيب للامال الأميركية المعقودة على «الغزوة المسرحية والإعلان «، يكفي أن نذكّر الى إن بعضاً مما أرادته أميركا عبر «داعش» وإرهابها بات في مدى النظر، أن «داعش» تلعب حاضراً دور صدام حسين في غزو الكويت الذي استدعى أميركا الى الخليج، ودور «القاعدة الأم» التي استدعت أميركا الى أفغانستان، وبالتالي تستدعي «داعش» بإعلانها اليوم أميركا لتنشيط الفوضى التي تمكنها من حرمان المنطقة من استثمار انتصارها والتنعم بأمنها وثرواتها. فالسلوكيات التي ذكرنا شيئاً منها لا تقود الى استقرار ولا تحقق أمناً لأحد، إن لم يتم التصدي لها واجهاضها.
إذن علينا أن ندرك أن المهمة الرئيسية باتت اليوم مواجهة «الفوضى الأميركية»، ما يستوجب عدم الانزلاق الى ما تريده أميركا من نظرية «الفوضى الهدامة»، وأهم مدخل للمواجهة يكمن في التزام الموضوعية في النظر إلى الأمور والتعامل مع الحوادث والمكونات بأحجامها الحقيقية، فليست «داعش» ولا دولتها الوهمية غير القابلة للحياة ذاك الخارق الذي يملك قدرات افتراس الجميع كي يبرر الذعر، وما حققته في الميدان لم يكن بقوة تملكها بل لمؤامرات وخيانات ارتكبت، ودولة الأكراد الانفصالية في شمال العراق إذا قامت لن تكون قابلة للحياة رغم الدعم «الإسرائيلي» المطلق لها في ظل رفض إيراني وتركي وسوري، وإخفاق العراقيين اليوم في إعادة تشكيل السلطة يمكن تلافيه غداً، وهذا هو الأرجح. بلى، لا داعي للذعر من جهات لا تملك قدرات عسكرية لاحتلال مدينة فكيف يخشى منها على ست دول تملك مليوني عسكري في جيوش منظمة؟! لكن اليقظة والحذر والاحتياط أمور واجبة والأوجب من ذلك امتلاك العزم على مواجهة المستجد من دون الاستغاثة بمن هو المحرك لتلك الأخطار والمخاوف. وهنا أذكر من لا يزال حتى اليوم خارج مسرح الفوضى بأن مساهمته في مناهضتها قبل أن تصل إليه توفر عليه خسائر اقتحامها الباب عليه.
و جميع الدراسات التي أعدتها مراكز البحث في العديد من الدول، وهي تلك التي تدعمها الجهات الرسمية تؤكد أن الشعوب العربية ترفض التطرف، ولا تشكل حاضنة لعصابات الارهاب في المنطقة، وبالتالي ما يصدر عن هذه العصابات لا يعني أن هناك قبولا له في العواصم العربية.مؤخرا، أعلن تنظيم داعش الارهابي قيام الخلافة في " مايسمى بدولة العراق وبلاد الشام" ، هذا التنظيم الذي تدعمه وتموله السعودية والولايات المتحدة، وتقدم له اسرائيل الدعم العسكري والاستخباراتي، لا يستطيع الاعلان عن مثل هذه الخطوة، لو لم يكن، قد تلقى تلعليمات بذلك من مموليه وداعميه في واشنطن وتل أبيب.
دوائر سياسية متابعة لما يجري في المنطقة وأن اعلان داعش هذا بشأن الخلافة، وهو أمر "صبياني" ومجرد "فزاعة" سعودية أمريكية لتصعيد الارهاب في أكثر من ساحة وغايتها ترهيب وتخويف قيادتي سوريا والعراق، وبأن الحرب الارهابية على بلديهما سوف تتواصل الى أن تتحقق الاهداف المرسومة المتمثلة في تقسيم وتجزئة هذين البلدين، لذلك، جاء اعلان داعش المثير للسخرية في اطار الحرب النفسية والاعلامية الموضوعة لداعش الارهابي من جانب أمريكا واسرائيل ومعهما السعودية.
ولقد صرح حينها مساعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية العميد مسعود جزائري في الإشارة إلى الحرب الإرهابية التكفيرية - البعثية ضد الحكومة والشعب العراقي، أن أميركا هي التي تدير مركز القيادة الرئيسي للحرب الإرهابية في العراق.
وقال العميد جزائري في تصريح أدلى به حول التطورات الميدانية في مجال حرب الإرهاب في العراق: إن ما يحدث اليوم في المنطقة والعراق لا يمكن حصره بأعمال الجماعات الإرهابية بل إن التحركات الإرهابية في سوريا وسائر دول المنطقة، هي جزء من استراتيجية نظام الهيمنة أمام نهضة الصحوة الإسلامية والتي عبأت الأنظمة الاستكبارية والرجعية في المنطقة للأسف كل قدراتها وطاقاتها لاحتوائها وحرفها عن مسارها.
وأضاف أنه: بناء على ذلك وبعد هزائم وإحباطات أنموذج التدخل الغربي، تركزت الاستراتيجية الأساسية على تأجيج الحروب الإثنية والطائفية في المنطقة.
وأوضح بأن دراسة الأحداث والوقائع في المنطقة تشير إلى أن هذه الاستراتيجية استخدمت ضد دول ترفض السيادة الأميركية، وأضاف أن: تدمير قدرات القوى الثورية في العالم الإسلامي وإلهائها بتحديات داخلية بدلاً عن تهديد مصالح الاستعمار، كما حصل في سوريا، يعد من ضمن مخططات الأميركيين التي يجري تخطيطها وتنفيذها بدقة.
وقال رئيس لجنة الإعلام الدفاعي في البلاد إن تقديم صورة سيئة عن الإسلام لشعوب العالم والحيلولة دون إقبال العالم على الإسلام وحركات الثورة الإسلامية، وكذلك التغلغل الواسع لأجهزة التجسس الأجنبية في صفوف المسلمين ونمو الإرهاب، تعد من ضمن الأمثلة القابلة للتحليل في هذا السياق.
وصرح مساعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية في إشارة إلى أهداف العدو الأخرى قائلاً إن: خلق العقبات في طريق بلورة الحكومات والمستقلة والديمقراطية، والحيلولة دون تبلور القوى الإقليمية المستقلة أمام قوى الهيمنة الغربية، وتوفير مصالح الكيان الصهيوني اللقيط، وإتاحة الفرصة لهذه الكيان من أجل استمراره في قمع قوى المقاومة، تعتبر من الأهداف التي يتابعها العدو في مسار استراتيجية المواجهة للصحوة الإسلامية.
وأضاف العميد جزائري أن الأنظمة الاستكبارية تسعى في هذا الإطار وعبر نسيان قضية القدس الشريف لحرف أنظار الأحرار والعالم الإسلامي عن التركيز على القضية الفلسطينية وتحرير الأراضي المحتلة.
واعتبر تشكيل وتنظيم وتوجيه الجماعات الإرهابية والقيام بحرب بالنيابة بدلاً عن التدخل المباشر اعتبرها من الاستراتيجيات الأميركية في المنطقة وأضاف أنه: بناء على ذلك فإن أميركا تسعى لإيجاد تغييرات أساسية وإضعاف القوى الإقليمية وكسر المقاومة في المنطقة.
وأكد العميد جزائري بأنه رغم المحاولات الواسعة التي تقوم بها أميركا والصهاينة والرجعية في المنطقة فإن الحرب بالنيابة في سوريا قد ترافقت مع فشل العدو، وأضاف: إن الأميركيين يسعون عبر فتح جبهة العراق الجديدة لزيادة الضغط على المقاومة في حين أن المقاومة لن تسمح للعدو بتجاوز خطوطه الحمر.
وأكد هذا المسؤول العسكري الإيراني الرفيع، بأن المقاومة هي العائق الجاد امام أميركا في تنفيذ خارطة الشرق الأوسط الجديد؛ وقال: إن أميركا باتباعها سياسة الأرض المحروقة وإلحاق أضرار هائلة بالبنى التحتية لدول المنطقة تسعى للعثور على طريق للقضاء على جبهة المقاومة ولكن من المؤكد أن مخططات الأعداء سيتم إحباطها بوعي شعوب هذه الدول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح