الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة وحل

جواد كاظم الدايني

2016 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


من يتذكر ملف " المصالحة الوطنية " يتذكر بالطبع غموض هذا الملف والمقصود الحقيقي منه في اعادة توزيع غنائم السلطة والحكم, وذلك في مقابل المساومة على ملفات الفساد والجرائم والتضامن على السكوت المتبادل لمهزلة ادارة الدولة. وظل الملف في حدود الكلام الانشائي والعموميات السخيفة الى ان تم تسويف هذا الملف بعد صرف الملايين من الدولارات عليه ومن ثم اضمحلاله اخيرا مع انعدام نية حقيقية للوصول به الى نتائج ايجابية ملموسة.
ملف ثاني بدأ يظهر منذ اكثر من عام بعد الانخفاض الكبير في اسعار النفط ودخولنا في ازمة مالية تهدد قدرة الدولة على تسيير امورها العامة. المعروف ان ضغط نفقات الدولة هي احدى السياسات المهمة لمواجهة الازمات المالية, لكن الدولة وبصورة مفاجئة وجدت ان المقصود من ضغط النفقات هو محاربة الفساد, واننا بعد عشر سنوات اكتشفنا ان نفقات الدولة عبارة عن فساد مالي واخلاقي تستفاد منه جميع الاطراف المشاركة في العملية السياسية, وان النفقات ليست لتسير امور الدولة وانما لتسير وتيسير شؤون الاحزاب والتيارات السياسية بدون حق شرعي. الشيئ المربك والمضحك في ملف الفساد ان الجميع بما فيهم الفاسدين اصبحوا ينادون بمحاربة الفساد والجميع يدورون حول منطقة " الحرام " لحقيقة الفساد لان فيها مخابئهم ووجودهم في السلطة. اعلن النفير طبعا وسقط وزير من هنا ومسؤول ومدير عام من هناك, واحيلت قضايا للمحاكم والقضاء وظلت الرؤوس العفنة للاحزاب والكتل السياسية تلمع شرفا وعزة. وكأن الوزير والمدير والمسؤول الذي يحيل اعمال الفساد الى الهيئات الاقتصادية للاحزاب والكتل السياسية والذي يسهل عمليات تهريب وغسل الاموال قد رشحوا من قبل الكونغرس الامريكي وليس من قبل الاحزاب والتيارات.جذر المشكلة ان هناك مافيات كبيرة مرتبطة بالاحزاب و الكتل السياسية لا تظهر للواجهة لكنها مرتبطة بعقد تضامني على الفساد والسرقة, تمول فيه تلك الاحزاب والكتل, في مقابل توفير الحماية لها من الملاحقة القانونية والاعتقال. وهذا يتم بأنسابية " جميلة " وتناغم عالي تحت انظار السلطة والقضاء.
حل مشكلة الفساد هو كف يد الاحزاب والتيارات عن ادارة الدولة, خاصة وان جل احزاب وتيارات الساحة العراقية لا تملك ايدولوجية فكرية او سياسية او اجتماعية وانما ترغب بالاستحواذ على السلطة والانتفاع من هذا الاستحواذ بشكل لا اخلاقي. ما افهمه بحسب القانون ان السلطة الحقيقية الشرعية هي بيد " رئيس وزراء " منتخب حسب الاصول المتفق عليها, ويمارس صلاحياته تحت انظار البرلمان والجهات الرقابية, والمفروض ان يكون مدار صراع الاحزاب والتيارات هي رئاسة الوزراء بأعتبارها نصبا سياسيا وسياديا, اما ادارة مفاصل الدولة فهذا امر ثاني، يرتبط بحرفة ادارية تخصصية تضمن نجاح الدولة في عملها, اما ان تهجم الاحزاب والتيارات بأنصاف متعليميها ومتخليفيها هكذا على مفاصل الدولة الادارية فهذا يعني ان عملية الفرهود والفساد سوف لن تنتهي.
المفروض ان البرلمان الممثل بتلك الاحزاب والتيارات هو جهة رقابية وتشريعية, وهي سلطة عليا تقع في قمة هرم الدولة, ولكن ما يلبث البرلمان التخلي عن دوره الرقابي مقابل التدخل السخيف في امور ادارية تخص صلب مفهوم ادارة الدولة, حقيقة ما اعرفه ان الاقزام تهاب القمم وان البرلمان يتنازل عن مرتبته باعتباره كائنا في اعلى سلم التطور السياسي ويفضل العيش كالطفيليات في مناصب حقيرة في هذه الوزارة او تلك.
سيكون مصير ملف الفساد مثل مصير ملف المصالحة لان بدايتهما الهلامية واحدة والقائمين على هكذا ملفات هم جزء من المشكلة والمتسبيين فيها......... تداوي بالتي كانت هي الداء .......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو


.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو




.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس


.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟




.. ماذا قال المطرب الهندي شبيه الرئيس الراحل مبارك للشعب المصري