الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذي يحكم الآن ؟

مهند البراك

2016 / 3 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فيما تعيش البلاد من اقصاها الى اقصاها في حالات جوع و فقر و كبت للحريات، اضافة الى تزايد النازحين و تزايد محاولات الهجرة من البلاد بكل السبل، من جهة. و من جهة اخرى تتزايد تظاهرات الإحتجاج في بغداد و المحافظات الشيعية بشكل اخص، التي تطالب بمكافحة الفساد و البدء بمحاسبة كبار الفاسدين و بالخبز و الحرية و الدولة المدنية . .
يستمر الفاسدون الكبار في الحكم بوسائل اكثر حذراً من السابق خوفاً من الشعب و من وحدته بكل اطيافه، التي صارت تتجسد في التظاهرات الأخيرة و في الاعتصام الجماهيري الكبير الذي دعى اليه السيد مقتدى الصدر بتضامن المدنيين بتياراتهم الديمقراطية و اليسارية و الليبرالية معه، اثر المماطلات و الوعود التي لم يتحقق منها شي ملموس في الحياة اليومية للشعب بالوانه الدينية و المذهبية و العرقية.
و يلاحظ مراقبون تزايد تردد شعار " انه حكم المالكي " و " المالكي هو الذي يحكم" رئيس الوزراء السابق الذي صار رمزاً للطائفية و الفساد و الحكم الفردي في مرحلة مابعد دكتاتورية صدام، في اجواء تتزايد فيها الأسئلة عن حقيقة مايجري وسط تأييد كل الكتل الحاكمة للاحتجاجات الجارية في خلط كثير الخبث للاوراق، خاصة و ان حكومة السيد العبادي لم تغيّر شيئاً الى الآن رغم انواع التصريحات بالاصلاح، و رغم حصولها كل انواع الدعم الداخلي بدءاً من المرجعية العليا للسيد السيستاني و التظاهرات التي عمّت و تعمّ البلاد التي صفّقت للعبادي في بدء تصريحاته و رفعت من شأنه آنذاك . .
و في اجواء الريبة و الصمت و الديماغوجيا و الإغتيالات السياسية التي عرف بها حكم المالكي بدورتيه، و لإحتفاظه ـ المالكي ـ بكل صلاحياته من خلال احتفاظه بمنصب الأمين العام لحزب الدعوة الحاكم الآن و منصب رئيس كتلة (دولة القانون) البرلمانية التي تضم نواباً من الدعوة و من انواع المقربين و المحابين، و التي صارت تُدعى بـ (كتلة المالكيون) التي تحاول التحكّم بالبرلمان بانواع العطاءات على حد انواع الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام و التواصل . .
في وقت يحكم فيه حزب الدعوة بلا ضجيج من خلال الآلاف من كوادره و المحسوبين و المقربين منه في كل الوزارات و الدوائر العليا لكل مؤسسات الحكم و الدولة بصفات نواب وزراء و مديرين عامين و نوابهم، مستشارين و خبراء ـ رغم اميّة غالبيتهم بشؤون مناصبهم ـ ، تعيّنوا من مكاتب (القائد العام المالكي) في دورتي حكمه حين حصر كل وزارات الدفاع و الداخلية و الأمن و شؤون القوات المسلحة بكل شؤونها بيده، والتي لايزال يحيطها و يحيط خزائنها الكتمان، و لم يقدم بشأنها و بشأن حكوماته اي حساب اثر انتهاء دورتيه.
و يذكّر الكثيرون بأن اسباب عدم استلام المالكي لرئاسة مجلس الوزراء بدورته الحالية، تعود الى ممارسته انواع الفردية و الضغوط و التهديدات و الى ضياع سيول هائلة من الأموال في دورتيه، اضافة الى تلاعبه و سيطرته على الهيئات المستقلة و ملاحقته لمسؤوليها و اعضائها، من هيئة البنك المركزي و القضاء، الى مفوضية الإنتخابات و الهيئات العسكرية و الأمنية التي يحيط تركيب قممها الغموض . . وفق مصادر و وكالات الأنباء المحلية و الدولية المحايدة .
اضافة الى تصدّع العلاقة مع حكومة اقليم كردستان، ثم الاحتلال المؤلم للموصل و تكريت و الرمادي و مذابح سبايكر و الأيزيديين التي قامت بها داعش الاجرامية، و غيرها التي اثبتت التحقيقات الدستورية مسؤولية المالكي عنها، و قُدّمت انواع التوصيات بتقديمه للقضاء و محاكمته، و انتظرت اوسع الجماهير تنفيذ ذلك بعد عدم اختياره كرئيس للوزراء رغم تسويقه لنفسه لقب (مختار العصر) . . الاّ ان التسويف و السكوت عن قضيته جرى و طال حتى بعد اعلان العبادي عن الاصلاح قبل ثمانية شهور و الى الآن . .
بل تلاحظ الجماهير بألم احتفاظه بكل صلاحياته من لقاءه الختامي الأخير بالوفد عالي المستوى من حكومة اقليم كردستان لأن حسم مايتفق عليه بيد المالكي وفق وكالات الأنباء . . الى حركته الحرة على وحدات الحشد الشعبي و تصريحاته بانه هو الذي اسسه، و تتناقل انباء بأنه يحاول ان يجعل من الحشد ـ ميليشيات معروفة منه ـ و كأنه قائده، و ان يجعل منه قوته الضاربة له للضغط على العبادي و حكومته و لتهديد و تصفية خصومه السياسيين، و بشكل اخص لإعاقة الإصلاح و التغيير الذي يعلن عنه السيد العبادي بلا اجراءات حقيقية بعد الإجراءات الاستعراضية التي جرت الى الآن، استعراضية قياساً بحقيقة مايجري . .
ثم الى خطابه في التجمع الهزيل ـ رغم كل التحضيرات و المصاريف و الدعوات ـ في ساحة التحرير بحضور السيد العامري، و الى البيان التهديدي الأخير للمعتصمين عند الخضراء و الذي اضطر لسحبه بعدئذ . . حتى صارت اعداد كبيرة من المحتجين تصرّح علناً بأن رئيس الوزراء الفعلي الآن هو المالكي و ليس العبادي . و انه اعطى اوامره للعبادي باستخدام القوة ضد المعتصمين، لكن القوات الامنية رفضت، وهو ما ادى الى تجميد قائد عمليات بغداد عبد الامير الشمري.
و يتداول آلاف المحتجين اسباب خضوع العبادي للمالكي من ؛ بسبب كون الأخير قائد الحزب الحاكم الذي يقود العبادي، و ان لديه ملفات ضد العبادي، الى كون المالكي ولي نعمته من موقعه كرئيس كتلته البرلمانية المطاع فيها كباقي رؤساء الكتل في كتلهم(*)، حيث هو الذي اختاره للبرلمان رغم عدم حصوله على الاصوات الكافية ثم لرئاسة الوزراء اثر انقلاب التحالف الوطني على المالكي.
و غيرها . . رغم ان كلها قابلة للحل ان اقدم العبادي على الاصلاح الحقيقي، بحصول دعم الشعب و المرجعية العليا و الكتل ـ او اقسام منها ـ .
حيث يرى سياسيون و خبراء بكون ماذُكر قابل للحل بالشروط المذكورة ، و بالقيام بتعديل الدستور لأنه لم يعد يناسب و لأنه ليس وثيقة مقدسة و لأن الأساس هو منهج الحكم، في ظروف الخلل الكبير في منهج الحكم القائم بدلالة النتائج الكارثية له . . في وقت قدّم فيه نواب و مجلس النواب طلبات لتعديله منذ عام و وضعت على الرف، اكّدت تلك الطلبات على البدء بتغيير الهيئات المستقلة و خاصة مفوضية الانتخابات و القضاء . .

22 / 3 / 2016 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) رئيس الكتلة يتحكم باعضاء كتلته و اختيارهم لمواقعهم، و هو من التقاليد السيئة المعمول بها في البرلمان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ