الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام

فتحى سيد فرج

2016 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


العدالة الإنتقالية 1 من 2
الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الألام
كنت اعتقد ان العدالة الإنتقالية مجرد انتقام من الماضى بكل ما فيه من صورالظلم والفساد وأنتهاكات حقوق الإنسان قبل الثورة، إلى ان استمعت لندوة لشاب من شباب الثورة "كريم محروس" الذى غير كثيرا من مفاهيمى ومعلوماتى عن "آليات عمل العدالة الإنتقالية" ولعل ذلك يعود لغموض وإلتباس هذا المفهوم – كما أوضح محروس – "لحداثة نشأتة، وإلتباسه مع مفاهم القصاص والمصالحة، وعدم وضوح معنى الإنتقالية" وهذا دعانى للبحث والتقصى عن هذا المفهوم، ومحاولة الدعوة لبناء منظمات أهلية تعمل على ترجمته لواقع فعلى، فالحقيقة والحقيقة وحدها قادرة على شفاء كل آلام الماضى وما يستجد فى الحاضر والمستقبل من آلام .
فالعدالة فكرة مطلقة، وقيمة لا يمكن انكارها أو تأجيلها، فضلا عن كونها وسيلة التعويض لتحقيق الاستقرار السياسى والإنسانى، والإنتقالية تعنى الفترات المضطربة عقب حالات الثورة أو النزاعات أو التغيرات غير السلمية فى طبيعة النظم السياسية .
تعريف العدالة الإنتقالية : تُشير العدالة الإنتقالية إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وهى مطلب تتطلع إليه المجتمعات التي مرت بعملية تحوّل، عقب فترة طويلة من تفشي أشكال من الظلم والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. وتتضمّن الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات، وليست العدالة الإنتقالية نوعًا "خاصًّا" من العدالة، إنّما هي مقاربة لتحقيق العدالة في فترات الانتقال، من خلال محاولة تحقيق المحاسبة وتعويض الضحايا، كما تقدّم اعترافاً بحقوق الضحايا، وتشجّع الثقة المدنية، وتقوّي سيادة القانون .
وقد نظر البعض إلى العدالـة الانتقالية بعـــــــــد ثــــورة 25 يناير على أنها عصا سحرية بإمكانها حل جميع مشكلات الذين ثاروا أو تضرروا من الثورة، وعلى الرغم من أنه تم تطبيق عناصرها بشكل عشوائي في مصر، إلا أننا لا نستطيع حتى الآن أن نقول أننا حققنا العدالة الإنتقالية، فرغم إنشاء وزارة للعدالة الإنتقالية في مصر، ضمن التشكيل الوزاري في أغسطس 2013، إلا أن الوضع ظل عبثياً، ولكن الأمل لا زال يتملكنا في تخطي كل هذه العراقيل، لتقديم تجربة مصرية حقيقية وجادة للعدالة الانتقالية .
متى ظهر مفهوم العدالة الانتقالية؟ : في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات، ارتفعت الأصوات المطالبة بالعدالة والانتقال إلى الديمقراطية عقب الاطاحة بأغلب الديكتاتوريات، في أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا، وسعى دعاة حقوق الإنسان وقتها، إلى إثبات وتوثيٍق الانتهاكات التي كانت تقوم بها الأنظمة السابقة، ومن هنا بدأ يظهر مفهوم “العدالة الإنتقالية" وفى عام 2001 أنشئ "المركز الدولي للعدالة الانتقالية" كمنظمة دولية غير حكومية يعمل على مساعدة الدول التي تسعى إلى تحقيق المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع الجماعية الماضية. ويلتزم المركز ببناء القدرات المحلية وتعزيز مجال العدالة الإنتقالية، كذلك يوفر المعلومات الصالحة للمقارنة٬-;---;--وتحليل للقوانين والسياسيات٬-;---;-- والتوثيق٬-;---;-- والأبحاث الاستراتيجية للمؤسسات المعنية بالعدالة والبحث عن الحقيقة لمنظمات المجتمع المدني وللحكومات، وكل من يطلب المساعدة .
أهمية العدالة الإنتقالية : على إثر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يحقّ للضحايا أن يروا معاقبة المرتكبين ومعرفة الحقيقة والحصول على جبر ضرر، ولأنّ الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان لا تؤثّر على الضحايا المباشرين وحسب، بل على المجتمع ككلّ، فمن واجب الدول أن تضمن، بالإضافة إلى الإيفاء بهذه الموجبات، عدم تكرار تلك الانتهاكات، وبذلك فإن واجباً خاصاً يقضي بإصلاح المؤسّسات التي كان لها يد في هذه الانتهاكات أو كانت عاجزة عن تفاديها، وعلى الأرجح فإن تاريخاً حافلاً بالانتهاكات الجسيمة التي لم تُعالج سيؤدي إلى انقسامات اجتماعية وسيولّد غياب الثقة بين المجموعات وفي مؤسّسات الدولة، فضلاً عن عرقلة الأمن والأهداف الإنمائية أو إبطاء تحقيقهما. كما أنّه سيطرح تساؤلات بشأن الالتزام بسيادة القانون وقد يؤول في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة من العنف في أشكال شتّى .
مراحل تحقيق العدالة الانتقالية:
• الدعاوى الجنائية : أي إقامة دعاوى تطالب بالتحقيق مع المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، وتتركز أغلب الدعاوى ضد “الرؤوس الكبيرة” لأنهم كمسئولين وأصحاب نفوذ كانوا مسئولين عن القدر الأكبر من المسئولية، وهذا يمكن تسميته بـ”النهج الرأسي أو الطولي”، أي البدء من قمة الهرم. وهناك بعض الدول اهتمت بمحاسبة المستويات الأدنى ككبش فداء للمستوى الأعلى، ورغم ان مصر استخدمت النظامين النظام الرأسي بمحاكمة مبارك ومعاونيه بعد الثورة المصرية، والنظام القاعدي في محاكمة المسئولين عن حرق أقسام الشرطة، إلا أنها فشلت فشلاّ ذريعاً فى كلا النظامين، لإفتقادها النزاهة والموضوعية، بالإضافة إلى غياب الإرادة السياسية .
• لجان الحقيقة : التى يتم تشكيلها بشكل رسمي للبحث في وقائع انتهاكات حقوق الإنسان، وأسبابها، ونتائجها، وتعطي أهمية خاصة لشهادات الضحايا، بعد أن تكفل لهم التأمين والحماية، ومن المفترض أن تساهم تلك اللجان في الملاحقات القضائية، وتحديد ما تطلبه المؤسسات من إصلاح، وجبر الضرر للضحايا، بعد عرض النتائج التي خرجت بها، وإصدار توصيات ملزمة للحكومة لتطبقها، ويفضل اختيار أعضاء هذه اللجان ممّن يتمتعون بسمعة أخلاقية ومهنية جيدة، وضمان استقلاليتها بعيداً عن التدخلات السياسية، وشفافية البحث، وإقامة حوار مع منظمات المجتمع المدني، خاصة تلك التي تهتم بالضحايا.
• برامج التعويض “جبر الضرر” : التى تكون مهمتها الرئيسية إعادة حقوق الضحايا، وجبر الأضرار التي لحقت بهم، ولا يجب أن يتخذ ذلك شكل “حسنة” تعطى للسائل، وإنما يتطلب اعترافاً علنياً من الدولة به، وتتعهد بعلاجه حتى يشعر الضحايا بعودة حقهم، مع إعادة تأهيلهم للاندماج في المجتمع مع ضمانات جادة بعدم التكرار.
• الإصلاح المؤسسي : أي إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بحيث تحترم حقوق الإنسان، وتحافظ على سيادة القانون، وتخضع للمحاسبة والإصلاح، بالإضافة إلى تعطيل البني والأسس التي أتاحت حدوث هذه الانتهاكات، وهذه العملية تضمن توافر الحد الأدنى من معايير النزاهة بين القضاة والمدعيين العاميين والمهنيين، وهناك إقرار واسع بأن “غربلة” القضاء والأمن أهم إجراءات الإصلاح المؤسسي في المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية، ولكن لا بد من التفرقة بين الغربلة والتطهير حيث تتضمن الأولى تقييماً لكل حالة بمفردها لمدى أهلية الفرد لمنصبه استناداً لسلوكه الفعلي، فيما ينزع التطهير إلى إقصاء الأشخاص عن مناصبهم، استناداً لعضويتهم في جهات سيادية، حيث إن التطهير مفهوم قديم للإصلاح المؤسسي أما الغربلة فهي مفهوم حديث للإصلاح .
عناصر إصلاح المؤسسات:
1. فحص أهلية الموظفين، للتخلص من المستغلين والفاسدين، ومعاقبتهم.
2. الإصلاح البنيوي بإعادة هيكلة المؤسسة، بحيث يصبح هناك ضمانات للمحاسبة والاستقلالية والشفافية.
3. إصلاح الأطر القانونية، أو إنشاء أطر جديدة مثل اعتماد تعديلات دستورية أو معاهدات دولية لحقوق الإنسان.
4. نزع السلاح بحل المنظمات المسلحة، وإعادة دمج العاملين بها ضمن المجتمع المدني، وتوفير وسائل الحصول على العدالة.
5. إنشاء برامج تدريبية للمسئولين والموظفين العاميين حول معايير حقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي.
• جهود تخليد الذكرى : وهذه خطوة مهمة في طريق تحقيق العدالة الإنتقالية، وتعتمد على أنشاء المتاحف والنصب التذكارية التي تحفظ الذكرى العامة للضحايا، وترفع مستوى الوعي الأخلاقي بشان جرائم الماضي حتى لا تتكرر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا