الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزيف.... نحو الحرب الأهلية

محمد عمامي

2016 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


عموما تعتبر الشروط الملائمة لانقلاب المسار الثوري المنتكس إلى حرب أهلية، شروطا جاهزة. وهو الاحتمال الغالب إذا لم تتوفر ارادة شعبية حرّة ومستقلة عن بارونات الحكم لتغيير مجرى الاحداث وإعادة تعديل موازين القوى لصالح قوى الثورة.

* الدولة القائمة ضعيفة وغير متناسقة في هياكلها. والبوليس والجيش منقسمان بين رموز نظام بن علي والخوانجية وما يستتبع ذلك من تدخلات لانظمة استبدادية عربية وامبريالية امريكية/اوروبية.. ووسائل الضبط أعجز عن تخبيل الناس كما كانت تفعل قبل 17 ديسمبر 2010. إنّ العطب في مختلف أجهزة الدولة يجعلها تعاني عسرا شديدا في فرض نظام الطاعة والهيمنة لفائدة الرأسمالية ونخبها البيروقراطية الحاكمة.

* المسار الثوري تعطل وكبح بفعل استعادته من قبل محترفي السياسة والاجهزة البيرووقراطية للمنظمات الجماهيرية من نقابات وأحزاب ومنظمات حقوقية بعد أن عجز البوليس على ايقافه.. ولكن مع كونه يدور في حلقة مفرغة وغير قادر على التقدم، فهو لم يقع بعد تصفيته تماما، ولا زال يمثل تهديدا جديا للاثرياء والدولة التي تحرس مصالحهم. وهو ما يجعلهم يركنون إلى الاستعانة بشبكات الاجرام والارهاب وميليشيات الظلاميين مستعملينها كي يفكوا خناقهم من حين لآخر وكي يعيدوا للدولة مشروعية القمع والضبط والتسلط.
إنّ كل اعتصام أو تعطيل في نشاط بعض وحدات الانتاج (فسفاط قفصة مثلا) وكل اضراب أومظاهرة شعبية تذكر بماض قريب لم يمّح بعد من ذاكرة المواطنين ولا من ذاكرة أعدائهم؛ ولكنها أيضا - وهو الخطر- تهدد بانبلاج أشكال نضالية ارقى، يمكنها أن تنشأ عن تطور بسيط لتلك التحركات الاحتجاجية؛ أما أخطرها على الاطلاق فهو استيلاء المواطنين المعتصمين على المؤسسات والمصالح المدرّة للارباح وادارتها ذاتيا من قبلهم ولصالحهم.

إنّ خطر التحول من الاحتجاج إلى ارساء سلطات بديلة هو الخطر الاعظم الذي تخشاه الثورة المضادة فتسارع إلى تحويل الحرب الطبقية إلى حرب أهلية، يصبح بموجبها الكل في حرب مع الكل. ويقوم الفرز فيها على أسس انتماءات عمودية يتبع فيها الفقراء اغنياءهم، والمحكومون حكامهم والتابعون زعماءهم والمنفذون مدراءهم.

* تتبلور، إذن، انتماءات هُوُوية تتطور في تعارض مع مصلحة الجماهير الشعبية، فيتبع المتشيعون لأحزاب أو لملل دينية أو طائفية أو لمراكز تمويل وزبائنية.. وتطغى تلك الانتماءات على الانتماءات الطبقية والمصلحة الفعلية للطبقات والفئات الاجتماعية المتصارعة.

* يواصل المغفّلون في الاحزاب اليسارية اللهاث وراء سلم اجتماعية يظنونها الرد المناسب على الانحطاط الهووي والتدحرج نحو حرب الكل ضد الكل. ويبذلون الجهود المضنية كي يقنعوا مربي العفاريت كي يتخلوا على عفاريتهم ويجنحوا للتوافق ضمن وحدة وطنية لا يراها هؤلاء إلا حولهم ومن أجلهم. إنهم ليسوا معنيين بما هو دون ذلك، والا فهم أول من يضرب الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعية فيدفعون نحو حالة الفوضى والهمجية كي يمنعوا انبلاج منظومة جديدة يفقدون بموجبها امتيازاتهم وهيمنتهم.

* عوامل التنافر والتجاذب وعدم التماسك الاجتماعي في تفاقم مطّرد، تدعمه حالة الانحطاط في قطاع التعليم وانتشار الجهل والتعصب وشروط الانفصام عن العصر والانتصار لهويات محلية أو اقليمية أو ماضوية. وهو أمر تغذيه دعاية شيوخ التجهيل وممولو الارهاب الفكري والانحطاط الثقافي.

* هي ذي بعض الملاحظات السريعة حول مسألة ستكون حتما محورا رئيسيا لدراسات واستشرافات أراها حارقة في المستقبل القريب، خاصة مع تفسخ الحدود بين تونس والبلدان المجاورة وانصهارها التدريجي والوجوبي في محيط عربي اسلامي يغرق أكثر فأكثر في دوامة الحروب الهووية والتشرذم والانحطاط على جميع الاصعدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي