الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة التفاهة أن يحتفل الشعراء بيوم عالمي للشعر

خالد الصلعي

2016 / 3 / 24
الادب والفن


قمة التفاهة ان يحتفل الشعراء بيوم عالمي للشعر
***************************************
اليوم العالمي للشعر. شيء مقرف أن تقرأ مثل هذا الشعار المعتوه للاحتفال بالشعر .وما يغيظك أكثر هو ان تتابع منتديات ولقاءات وتظاهرات في قاعات مؤثثة بأجمل الديكورات ، للاحتفاء بالشعر ، يجتمع فيها كل معاتيه الشعر دون ان يسائلوا أنفسهم ، هل هذا هو اليوم الوحيد الذي أحتفل فيه بالشعر ، ام أن كل لحظاتي كشاعر هي احتفال الشعر بي ؟ . وينسى أن اقوى لحظة شعرية نحتفل بها هي تلك التي نعثر فيها على قطعة شعرية وقد انبعثت منا كما تنبعث الحرارة من الأجسام .
هذا اليوم ليس بكاف ولا كل أيام السنة للاحتفاء والاحتفال ومعانقة الشعر ، الشعر هو الزمن ، هو اللحظة ، هو البرهة ، الشعر منساب منا في جميع حركاتنا وتنفساتنا ، يحيط بنا في اكواخنا المعتمة ، وفي استييهاماتنا الفانطازية ، وأحلامنا الهاربة . لا يوم للشعر . هذه علامة من علامات الاجحاف والاقصاء الذي يعانيها لشعر في يومياتنا في عصر التشاعر والتشعير . يوم واحد لاستذكار عظمة الشعر ووظائفه الخطيرة والكبيرة لاتكفي لاضاءة عتمة بلد اسمه البلد العربي الذي قتل الانسان وأضاع جوهره ، واعتدى على كل حقوقه . يوم واحد يعجز عن منحنا فرصة التعبير عن الفرح الذي يختبئ بدواخلنا لاكتشاف نعمة وهبة وعطاء وجهد الشعر .
ماذا يتبقى لنا ومنا اذا شحذنا كل قوانا العاطفية والذهنية لتعصير قصيدة تليق بيوم واحد للشعر ؟ هل هذا يدخلنا في زمرة العاشقين للشعر ، ام يقذفنا الى قفر الناعين للشعر ؟ . ماذا يتبقى منا اذا جمعنا قصائد كتبت في أيام متباعدة من السنة الماضية للاحتفاء بيوم شعر في سنة جديدة ؟ أليس هذا نفاق وافك وتعدي على شعرية اليوم المحتفى به ؟ .وكأن الشعر مات ، كما ماتت الأم ، ومات السلم . وصار علينا لزاما أن نعلن عن يوم للذكرى ، يوم لقراءة آي الوداع على لغة تحفر في كل آن في صخر الواقع وسجف الحياة لاستقطار ماء الحياة .
ألسنا هنا أمام اعتراف لاشعوري بانفصام شخصيتنا ، اذ نعمد الى اشعال نار لنحوم حولها احتفالا بحمرة النار وشرارة الوهج ، نحن أهل مناطق الجليد الانساني ؟ . ألسنا هنا أقرب الى عبدة الهيكل ونحن نأتلف فيما بيننا لنغني لآلهة منقوشة على جدران هيكل أصم ؟ . ماذا نقول للشعر وقد كان أقرب الى الكتاب المقدس ؟ ، وقد كان لغة الخالدين ؟ وقد كان سلاح قوم يهزمون به جحافل المدججين بالسيوف والمنجنيق ؟ . لم تعد الا ذكرى قديمة ذابلة نقوم نحن أبلد الشعراء باستذكارك في يوم يتيم يتم العالم للسلم والحب ؟ .
.لن أتورط في الاحتفال بيوم واحد للمناسبات التي أعيشها وأعايشها في كل حين وآن ، لن تنطلي علي لعبة الضياع ، لعبة الاستيلاب والتبعية العمياء . الشعر كالخبز ، كالهواء ، كالماء . تماما كما هو اليوم العالمي للأم . وامي معي كظلي ، كنفسي ، احترمها وأحبها وأخجل منها ايما خجل ، وهي التي تعلمت منها معنى النضال الحقيقي ، نضال مع الحياة ضد من نهبونا حياتنا . فلا يوم للأم ولا يوم للشعر ، الشعر هويتي وأمي مرجعيتي ووداعا لتفاهة العالم وشيئيته .
الاحتفال باليوم العالمي للشعر ، هو اعتراف ضمني بفقداننا الايمان بهذه اللغة ، يهذا الكون الذي استعصى على التدجين منذ اول الشعراء الى آخر الشعراء ......لولا الشعر لما حافظ الكون الانساني والكون الطبيعي على توازنهما الى يومنا ......ولولا الشعر لما ابتكر الانسان شيئا ، ولما علم ان هناك طاقة هائلة تكمن فيه ؛ يسميها الخيال ، وهناك آلية عظيمة تخرج منه هي الصورة ..... وأن هناك بيت يأويه بلا جدران ولا سقف ولا أرض هي اللغة ......فكيف نحتفل بشيئ هو كل شيئ .....يحتوينا في نظرتنا ، يتمدد بنا في اسماعنا .يغنينا بأصواتنا؟؟؟ قمة التفاهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يوم الشعر العالمي
علي عبيدي- العراق ( 2019 / 5 / 1 - 04:21 )
أفضل ما في هذا المقال هو ( الفقرة الأخيرة ) منه .. أما باقي المقال فهو غضب غير منطقي

اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو