الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ الحزن البابلي في مجموعة (سعدي الحلي في جنائنه)

احمد معن الزيادي

2016 / 3 / 24
الادب والفن


تاريخ الحزن البابلي في مجموعة (سعدي الحلي في جنائنه)

(وتضحك من غيابة جبهم

ففي صوتك الآف السيارة

فأنت الوارد والبشرى هذا غلام

وباعوك بثمن بخس

وابيضت عيناك

وتعفو..

ويرفرف قميصك ابيض

كالنور في اجنحة الحمام

ياااا سلام)

هكذا انهى موفق محمد مجموعته الشعرية القصيرة التي تتكون من قصيدة واحدة طويلة جائت على شكل مقاطع.

في  هذه القصيدة يبدو الشاعر وكأنه تتبع حياة سعدي الحلي من المنبع الى المصب تتبعاً شعرياً تخلله مقاطع من اغاني سعدي الحلي 0-هذا هو الثيمة الظاهرة للنص-

اما الباطن فإن الشاعر قد تحدث عن معاناة شعب كامل وليس سعدي وحده

(إن الله خلق العراق خصيصاً

لتزويد المقابر بالشهداء)

لو كانت المجموعة متجهة الى سعدي الحلي فقط لكان هذا البيت والكثير من امثاله خارج النسق لكن هذا هو ديدن الشاعر فهو يكتب شيئاً ويقصد شيئاً آخر يدل على مهارته وحرفته العالية.

إن قصائد موفق محمد بشكل عام وهذه القصيدة خصوصاً جميعها تتسم بطابع المحلية فبالرغم من أنه يكتب بالفصيح إلا أن قصائده شعبية بحتة لأنها نابعة من وجدان الشعب ومعبرة عن آهاته فالمتتبع لقائد موفق محمد يجب أن يتوخى الحذر فقد يقع في شراكه التي نسجها داخل النص.

إن شعبية موفق محمد لها جانب سلبي لأن هذه الشعبية ستبقيه شاعراً محلياً مع أنني اعلم جيداً انه لا يطمح الى سوى ذلك.

في ص32 يخاطب سعدي الحلي قائلاً : (جناحاك خمرٌ وماء...وصوتك يحتد في المقصلة)

يدل هذا التعبير على أن المستمع الى قضائد سعدي الحلي سوف يحلق معه الى عالم آخر ممتلئ بالرفاهية لكن لو كان التعبير (جناحاك خمرٌ وغناء) ربما سيكون أدق وأعمق فالخمر والماء متقاربين من حيث الشكل الفيزيقي ولا جمالية في وضعهما سويةً للطيران من دون شئ آخر يساعد على ذلك فالماء لا شأن له بالطيران.

يستمر كما هو بدأ بمستوى واحد و وتيرة واحدة معبرة عن مشاكل اليوم وهموم الشعب...

(أتصاب الشعوب بالعمى

فتُخرِج من صناديق الاقتراع

النطيحة والمتردية

وما أكل السبع

وتعض أصابعها ندماً

وتعيد الكرة ثانية)

هذه مصيبتنا الكبرى اليوم فنحن شركاء في الجريمة ولسنا مظلومين وهذا ما يريد قوله موفق والسبب في ذلك انتشار الجهل وانعزال المثقف في برج عاجي.

تصل ذروة الألم في هذه المجموعة حين يقول الشاعر:

(بينما الخايبات المتشحات بالضيم الاسود

يكنسن بقلوبهن لحم ابنائهن في الطرقات)

يمسك الشاعر هنا بكامرة سينمائية مصوراً لنا انفجار سيارة مفخخة وما تبعه من الموت الذي أخذ زهوراً كانت مغروسة حول تلك السيارة و بدأت الفراشات تنحب على تلك الزهور وتزيح اشلائها من الطرقات. موفق محمد هنا اصبح مصداقاً لقول الشاعر بابلو نيرودا (هناك مرايا لابد أنها بكت من الحزن والخوف).

بعد كل هذا الذي يخص العراق يعود موفق الى عتبة النص وهو العنوان ليتحدث عن سعدي الحلي:

(سعدي...

أمن صدر أمٍ يطحن الموت قلبها ينبجس صوتك)

هذا هو ديدن الشاعر , تكررت كلمة –موت- كثيراً في طيات هذه المجموعة لربما كان السبب هو الوضع الذي يمر به المجتمع العراقي . إذ لا يمر يوم لا نسمع فيه نحيب النساء وبكاء الاطفال.

يستمر الشاعر في ذكر الموت ويقول في ص52 :

(وأرى صوتك يتقدم جنازة العراق

المحمول على اكتاف نخيله

وحيداً في الطرقات

فلا أحد يعرف ما ورائك

فهم صمٌ

بكمٌ

عميٌ....

و أنت تصدح)

بعد هذا النحيب الكبير داخل المجموعة يقوم موفق محمد بتشييع جنازة العراق محمولاً على أكتاف نخيله ومشيعاً بصوت سعدي الحلي الصادح بالحب والانسانية بعيدأ عن (السياسيين) و (الفرهود), إذهب الى مثواك الاخير صديقي العراق لعلك ترتاح من ندبنا و شكوانا لك ولحظنا العاثر.

يمكن إيجاز هذه المجموعة الشعرية من خلال جملة للشاعر مظفر النواب يقول فيها (من يبقى حياً يتعذب) هكذا هو حال موفق محمد يبحث عن الموت ولا يجده لكن السؤال المحير

هل الموت حل ؟ أم أنه مشكلة أخرى ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا