الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار حول حرية الرأي والتعبير (2)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2016 / 3 / 24
حقوق الانسان


اذا سلبنا حرية التعبير عن الرأي فسنصير مثل الدابة البكماء التي تُقاد الى المسلخ.
- جورج واشنطن -

في بداية القرن التاسع عشر اعتبر الفيلسوف "جون ستيوارت مل " من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي ، مهما كان هذا الرأي غير أخلاقيا في نظر البعض، حيث قال : "إذا كان كل البشر يمتلكون رأياً واحداً، وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأياً مخالفاً ، فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة"
بل وذهب الفيلسوف " مل " في كتابه "عن الحرية" بعيداً جداً في تأييده لحرية التعبير إلى درجة القول : أنه لايجوز الحجر على حرية المناقشة أو التعبير ، حتى وإن تجاوزت حدود العرف والآداب..أحياناً ..
و رأى أنه من الواجب أن يلتزم الناس الحق والأخلاص في النقاش، وأن يحذروا من التعرّض لخصومهم في أشخاصهم أوالتهكّم عليهم، وخاصةً إذا كانوا من الخارجين على آرائهم.. أو من المختلفين في العقائد عنهم .. وعليهم – كما يقول مل - أن يتركوا للرأي العام الحكم..
ولكن والحق يقال، أن تعيين الحد الفاصل ، بين درجة أن تقول الصدق والحق، ودرجة أن لا تبدو وقحاً أو مذدرياً للرأي الآخر أمرٌ جدُ عسير، فالإنسان بطبعه يَضيق بمن يخالفه أو يكشف خطأه..خاصة إذا ما كان ذو حجة متهافته وفهم سقيم،
وكثيراً ما نرى المُتعصب الديني تحديداً، الذي لا ينتبه إلى نقده النصي والطقوسي اللاذع وأحياناً المُشين لغيره من المعتقدات والآراء ، يقف بحزم ضد الحرية التامة للتعبير والرأي ، بحجة أن لكل شيء له حدود ، بل ويحاجج بقوة لان يكون هناك حداً لهذه الحرية التعبيرية والإنتقادية المؤذية ، بحجة احترام العقائد أو الشخصيات المُقدسة أو الافكار للعظماء والمقدسين او حتى الشخصيات المشهورة .. (غير مُدرك بالطبع أن الشهرة تُعتبر من أهم عقبات التفكير العلمي والبحث عن الحقائق ، سواء العلمية أو الفكرية ..الخ )..خوفاً على عقيدته غير الموثوقة وأفكاره الهشة أو مصالحه المتعددة .. بل وقد يلجأ إلى الإرهاب المُروّع ، كما حدث مع مجلة شارلي ايبدو الفرنسية وغيرها ..
وليس بخافٍ على أحد ، أن معظم الحكومات والشعوب العربية تتعامل مع "مبدأ حرية الرأي " بقلق بالغ واللاثقة بكل صوت يدعو إليه .. فالشعوب تخاف على ما تؤمن به من مساس حرية التعبير والرأي ، والحكومات تتحايل على المواد الدستورية والإتفاقيات الدولية التي توقع عليها .. ومازالت كل الشعارات الخلابة التي يُدبجها القادة وأصحاب القرار ، تتسم بالخداع وعدم الجدِّية ..فالكل يخشى ويخاف من الحرية ولكن كلٌ حسب طاغوته ...
ومازال الكثير من الناس يُزجون في السجون في مختلف أنحاء العالم أو يتعرضون لما هو أسوأ من ذلك، لا لشيء سوى لتعبيرهم عن آرائهم التي لم تنل رضى المؤسسات الدينية أو السياسية...الخ
في كلمات أخيرة : لا شك أن الاعتراف بحرية الرأي والتعبير هو إعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة، وهو يُشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم الإنساني المُتحضر. وان أي تناسي لهذه الحرية الأساسية وازدراؤها يُفضي بالضرورة إلى تخلفٍ فكري وإجتماعي، ستشكل محضناً أكيداً للعنف و للأعمال الهمجية التي تؤذي الضمير الإنساني ، وتمس المعنى الجوهري لمعنى وقيم الإنسان ككل ..










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير المالية الإسرائيلي: إسرائيل لن تنتحر للإفراج عن الأسرى.


.. مراسل العربية: قصف إسرائيلي يستهدف النازحين في المواصي ونسف




.. السودان.. قوات الدعم السريع تطلق سراح مئات الأسرى بمبادرة أح


.. ماذا تعني الأمم المتحدة بالصدمة الزلزالية في حديثها عن الوضع




.. المتحدث باسم -الأونروا-: هناك مئات الآلاف من الإصابات بالكبد