الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بداية الارهاب في اوروبا مع احتمالات انحسارها في سوريا وانكماش مساحة الدولة الاسلامية

ميشيل حنا الحاج

2016 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


مخطىء من يظن أن تفجيرات بروكسل الارهابية، هي نهاية حرب الارهاب في أوروبا. فالكثير من الأمور والمؤشرات، توحي بأنها مجرد البداية، وأن الآتي أعظم، وقد يكون أكثؤ ضراوة وشراسة من سابقاتها من العمليات الارهابية في أوروبا، وأبرزها تفجيرات شارلي أبدو، تفجيرات باريس في شهر نوفومبر، ثم تفجيرات بروكسل قبل أيام قليلة.

فالدولة الاسلامية المعروفة بشراسة توجهاتها، لن تتقبل بطيبة خاطر، أو بابتسامة عريضة، تعرضها لتلك الهجمات الأرضية والجوية التي تعاني منها في كل من الرمادي ومحافظة الأنبار، وفي تدمر وحلب والشمال السوري ذو الأغلبية الكردية، اضافة الى معركة تدمر والبدايات الأولية في معركة الموصل. وبما أن العنصر الأساسي في تلك المعارك هو الهجمات الجوية ممهدة للهجمات البرية... وبما أنها لا تملك الصواريخ المضادة للطائرات لمجابهة تلك الهجمات الجوية التي لا تقهر... وبما أن الدولة الاسلامية عاجزة رغم كل محاولاتها عن شراء بعض من هذه الصواريخ، لا يبقى أمامها مجال الا خسارة مزيد من الأراضي التي سيطروا عليها في السنتين أو الثلاث السابقة مما أدى الى انكماش مساحة دولة خلافتهم، لكن مع بقاء وسيلة واحدة للرد على ما يلحق بهم من خسائر، وهو نقل المعركة الى مواقع أخرى...مواقع خارج مساحة دولة الخلافة. ووجدت في أوروبا المساحة الأضعف لهجماتها التي ترد بها على ما يلحقها من خسائر، ولتكيل الصاع صاعين لمهاجميها أو لحلفائهم.

وتأكيدا لهذا التوجه، أوجدت الدولة جهازا خاصا معنيا بالعمليات الخارجية، بما تعنيه عبارة الخارجية من معان ومساحات مطاطة وفيها كثير من نقاط الضعف، وهي كثيرة ومتعددة، وخاصة في أوروبا وأفريقيا.

وسعت في البداية لأن تركز على أفريقيا باعتبارها نقطة ضعف في بنيانها الاستخباري القادر على تتبع وتقصي تحركاتهم. وقد نفذت عدة عمليات هناك. ولكن تبين لقادة جهاز العمليات الخارجية، ان تلك العمليات في مجاهل أفريقية، قد يثير ضجة، لكنه لا يؤلم بما فيه الكفاية. فالألم الحقيقي، والضجة الكبرى والحقيقية، لا تثور الا عندما تضرب في القلب الأوروبي. وقد لاحظت قيادة العمليات الخارجية، مدى الضجيج التي تثيرها عمليات كهذه.

فقد لاحظته لدى تنفيذ عملية شارلي أبدو، ثم عملية باريس، وأخيرا عملية بروكسل. فعملية باريس اضطرت الرئيس الفرنسي لأن يبدأ جولة دولية مستغيثا بالدول التي تردد على عواصمها، مطالبا بأن يجمعوا الصفوف ويوحدوا القوى من أجل تشكيل جبهة قوية متماسكة لمحاربة الارهاب الذي ضرب بلاده بشراسة مرتين في عام واحد هو عام 2015، اضافة الى ما نفذته الذئاب المنفردة من عمليات مؤلمة ومؤذية في عدة مدن فرنسية خلال عام 2014 ، عندما استخدم عدد من الذئاب المنفردة، السيارات والشاحنات لدهس مواطنين فرنسيين مماتسبب بجرح البعض وقتل آخرين. وكان المهاجمون أثناء قيادتهم الشاحنات أو السيارات الكبيرة، يرفقون هجومهم بصيحة "ألله واكبر". وكان أبشع العمليات المنفردة في ذاك العام، تلك التي نفذت خلال الاستعداد لأعياد الميلاد (كريسماس)، عندما قاد أحدهم شاحنة ليقتحم بها سوقا مكتظا بالمواطنين الذي يشترون ما يحتاجونه لأعياد الميلاد.

والواقع أن نقاط الضعف في أوروبا كثيرة. فهناك السويد، والدانمارك، وفنلندا، بل وهناك امارة لوكسمبورج، وامارة موناكو...وهذه كلها دول أو امارات لها صفة الدولة، ولا تملك أجهزة استخبارات قوية كتلك المتواجدة في ألمانيا، أو فرنسا، أو بريطانيا. واحتمالات توجيه ضربة، بل ضربات في بعضها، قد لا يكون بعيدا ، وينبغي ألا يكون بعد الآن مفاجئا.

فجهاز العمليات الخارجية المعني أساسا بتوسيع رقعة دولة الخلافة تعويضا عن المساحات التي بات يخسرها في سوريا والعراق، فوسعها فعلا في ليبيا واليمن ومواقع أخرى في أفريقيا، قد بات معني الآن، نظرا لما تسببه العمليات الخارجية في قلب أوروبا من وجع للقلب الأوروبي، ومن تذكيرواضح بوجود الدولة الاسلامية وبقائها حية وقوية رغم كل الضربات التي توجه اليها، بات ميالا للتركيز أكثر وأكثر على هذا النوع من العمليات الموجعة والمدوية في آن واحد. ولذا آمل ألا يفاجأ البعض بمزيد من العمليات المشابهة لعمليتي باريس وبروكسل في وقت قريب، وقد تكون امارتي موناكو و/أو لوكسمبرج، هما الهدفين القادمين على قائمة الهجمات الارهابية.

فقادة جهاز العمليات الخارجية في الدولة الاسلامية، والذي يضم خبراء في الارهاب تدربوا على وسائله وأساليبه الأنجع... في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان، اضافة الى مجموعة من كبار الضباط العراقيين في جيش العراق القوي الذي سرحه بول بريمر بضربة ظنها ضربة ذكية، واذا بها لعنة الهية لحقت بالعالم... بالشرق الأوسط الآن وبأوروبا غدا، خصوصا وأن مسألة تدفق اللاجئين على أوروبا، يحول مهمتهم الصعبة الى مهمة في غاية السهولة، لاماكانية توافد ارهابيين ضمن جموع اللاجئين الوافدين يوميا بالمئات، ان لم يكن بالآلاف.

فبعض أولئك هم خريجو دورات كليات أركان عسكرية، وبعضهم خريجو مراكز دراسات ودورات استخبارية، وهم الآن عاكفون بلا كلل، على البحث عن نقاط الضعف في العالم بشكل عام، وفي أوروبا بشكل خاص. ومن هنا ينبغي أن يتوقع الجميع غير المتوقع.

والواقع أنه ينبغي أن يوجه اللوم لبول بريمر، الحاكم العسكري للعراق لدى غزوه عام 2003 على خطئه الجوهري بحل الجيش العراقي، وأن يقدم مع رئيسه جورج دبليو بوش، لمحكمة جرائم دولية، باعتبار أن غزوهم للعراق، لم يفرز فحسب جريمة كبرى بحق الشعب العراقي الذي بات جزءا كبيرا منه مشردا، بل ضد شعوب العالم قاطبة، وخاصة الشعب السوري والعراقي...بل وكل القاطنين في الدول الشرق أوسطية، اضافة الى شعوب الدول الأوروبية. فأولئك مع ديك تشيني، وبول وولفويتز، وغيرهم من المنتسبين للمحافظين الجدد في أميركا الذين طالبوا بغزو العراق، هم من يتوجب أن يقدموا لمحاكم دولية، لآ اليوغسلافي رادوفان كارادتيش الذي ربما تسبب بمقتل المئات أو الآلاف، لكنه ارتكبها في معرض الدفاع عن بلاده، وليس في معرض مهاجمة وغزو بلاد

أخرى، كما فعل بوش - تشيني - بريمر، متسببين بمقتل أكثر من مليون انسان بريء، اضافة ما أفرزه الغزو من ظهور الدولة الاسلامية، التي بات الجميع يعاني الآن من ويلاتها.

ولعل بارقة الأمل الوحيدة في هذه اللحظات، أن هذه التطورات المتسارعة، تجيء في وقت تدل بعض البوادر على اقتراب المعاناة السورية مبشرة باحتمال الخروج من بحر الكوارث التي كانت هي أيضا من افرازات غزو العراق غير المبرر. فالأخبار الواردة من جنيف، توحي ببداية ظهور بوادر للتوصل الى حل ما، وقد يرافقه بقاء وقف اطلاق النار قائما، وتعززه الأنباء الواردة من موسكو بعد لقاء كيري وبوتين، موحية أيضا بالتوصل الى رؤية مشتركة للحل، اضافة الى الأنباء الواردة بشكل متسارع من ساحة المعركة السورية المتفرغة الآن لمقاتلة الارهاب والارهابيين، ومنها دخول القوات السورية لمركز مدينة تدمر، مما يوحي بأن معركة سوريا ضد الدولة الاسلامية قد بدأت، بل ونشطت بشكل متسارع. فاليوم تدمر، وغدا الرقة والموصل اذا تضافرت الجهود الأمينة الراغبة حقا في التخلص من الارهاب، ووحدت صفوفها يشكل حاسم ونهائي لتحقيق هذا الهدف.

ميشيل حنا الحاج
في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب – برلين
عضو في مركز الحوار العربي الأوروبي – واشنطن
كاتب في صفحات الحوار المتمدن – ص. مواضيع وأبحاث سياسية
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين – الصفحة الرسمية
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية
عضو في مجموعة مشاهير مصر
عضو في مجموعة صوت ميشيل حنا الحاج
عضو مستشار اللاجئين الفلسطينيين
عضو في مجموعات أخرى: عراقية، سورية، لبنانية وأردنية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة