الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسحاب العسكري الروسي من سورية: أسبابه ودلالته

منذر خدام

2016 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



فوجئت الأوساط الإعلامية، وكثير من الأوساط السياسية المهتمة بالشأن السوري بقرار القيادة الروسية بسحب القسم الأعظم من قواتها الجوية الفضائية من سورية. ومما زاد في تنوع التكهنات كون القرار صدر في يوم بدء المفاوضات في جنيف بين وفود المعارضة السورية ووفد النظام. لقد مالت أغلب التكهنات والقراءات الإعلامية والسياسية لقرار الانسحاب إلى وجود خلافات سياسية عميقة بين القيادة الروسية وقيادة النظام في دمشق. وقد استندت هذه القراءة إلى تصريحات بعض المسؤولين الروس المستنكرة لما صرح به الأسد أمام تجمع من المحامين السوريين، وكذلك تصريحات وزير خارجيته السيد المعلم في مؤتمره الصحفي الأخير الذي عقده في مبنى وزارة الخارجية في دمشق الأمر الذي استدعى مطالبة الأسد بضرورة الإنصات إلى نصائح القيادة الروسية. ومن المعلوم أيضا أن القيادة الروسية لم تكن راضية عن التحضيرات التي يقوم بها النظام السوري لإجراء انتخابات برلمانية في أواسط شهر نيسان القادم، مع أنها عادت لاحقا وقالت بأن هذه الانتخابات لن تعيق الحل السياسي التفاوضي الجاري العمل عليه في جنيف.
هناك قراءات أخرى للقرار الروسي، منها أن روسيا قد أنهكتها الحرب اقتصاديا، وان هناك وعود أمريكية برفع بعض العقوبات التي فرضتها عليها نتيجة تدخلها في أوكرانيا في حال انسحبت من سورية. في الواقع الحقيقة المتعلقة بقرار القيادة الروسية سحب معظم قواتها من سورية غير ذلك ، وقد بدأت توضح من خلال التصريحات الرسمية الروسية والسورية والأمريكية وغيرها. لفهم القرار الروسي بالانسحاب من سورية لا بد بداية من استعادة قرار التدخل وأسبابه التي أعلنت في حينه، إلى ساحة الرؤية. قبيل التدخل الروسي في الثلاثين من شهر أيلول لعام 2015 كان الجيش السوري في وضعية ما قبل الانهيار تحت الضربات المكثفة لمختلف قوى المعارضة المسلحة وعلى جميع الجبهات، مما كان يهدد بانهيار الدولة السورية وسيطرة القوى الجهادية المتطرفة على الحكم في سورية، وبالتالي حصول فوضى عارمة في سورية وفي المنطقة. ولذلك وبحسب الإعلان الروسي، الذي كان مفاجئا أيضا في حينه، بالتدخل عسكريا في سورية جاء من أجل دعم الجيش السوري، والحؤول دون انهيار الدولة السورية، وقد تم تحديد مهلة محددة له وهي أربعة أشهر، لتعود بعد ذلك القيادة الروسية لتقول أن تواجد المجموعة العسكرية الروسية في سورية غير محدود بأجل، بل سوف تظل موجودة طالما ثمة حاجة إليها. إذا حاكمنا قرار الانسحاب الروسي في ضوء مبررات التدخل المعلنة رسميا في حينه، يمكن القول أن مهمتها قد أنجزت بنجاح. لقد استعاد الجيش السوري زمام المبادرة وحقق خلال مدة تواجد القوت الروسية انجازات مهمة على الأرض، فقد استعاد السيطرة على ريف اللاذقية بكامله، وصار على مشارف ريف ادلب، ومدينة جسر الشغور وبلدة بداما، وسيطر أيضا على القسم الأكبر من ريف حلب الجنوبي الغربي، والشرقي والشمالي وصار في وضعية تمكنه من محاصرة مدينة حلب بالكامل.وفي الجنوب تحسن وضعه كثيرا خصوصا بعد سيطرة الجيش السوري على مدينة ازرع و بلدة عتمان القريبة من مدينة درعا.وعلى الجبهة الشرقية فقد صار الجيش على مشارف مدينة تدمر التاريخية التي من المحتمل أن يستعيد سيطرته عليها خلال الأيام القليلة القادمة.
هذا من الناحية العسكرية، أما من الناحية السياسية فإن البدء بالمفاوضات بين المعارضة والنظام في جنيف برعاية المنسق الدولي ستيفان دي مستورا خلق أولويات جديدة لدى روسية للتركيز عليها. إضافة إلى ذلك فإن التوصل إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية في سورية بين أمريكا وروسيا، وتعزيزه لاحقا بقرار من مجلس الأمن الدولي( القرار2286) جعل القسم الأكبر من القوات الجوية الروسية فائضة عن الحاجة. ولا بد أن يكون من أسباب سحب القوات الروسية غير المعلنة، هو المساهمة في خلق أجواء ملائمة للتفاوض، وذلك في اتجاهين: أولا باتجاه النظام ليقول له لا حل عسكري للأزمة في سورية، ولا يمكنك المراهنة على تواجد قواتنا لكي تمضي قدما في خيارك العسكري، بل عليك الانخراط وبجدية في مفاوضات جنيف للتوصل إلى حل سياسي للأزمة. وبالمناسبة كانت القيادة الروسية قد أعلمت بعض قوى المعارضة السورية أنها وافقت على التدخل العسكري المباشر في سورية بعد أن حصلت على ثلاث تنازلات جوهرية من النظام، وهي الموافقة على إعداد دستور جديد، وتشكيل حكومة ذات مصداقية تشارك بها المعارضة، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال ثمانية عشر شهراً، وهي بالضبط القضايا التي تضمنها قرار مجلس الأمن 2254 وبيانات فيينا وميونخ لاحقاً.
أما بالنسبة لقوى المعارضة، وخاصة معارضة الخارج فإن الروس أرادوا بقرارهم الانسحاب من سورية أن يقولوا لهم وجودنا ليس احتلالا كما زعمتم، وليس من أجل دعم النظام، بل لخلق الأجواء الملائمة للحل السياسي، وهذا ما صار ممكنا اليوم بفضل تدخلنا العسكري في بلادكم. من التركيز على الجوانب العسكرية للازمة السورية انتقل الروس إلى التركيز على الجوانب السياسية، بحسب توجيهات الرئيس بوتن لوزير خارجيته. من السذاجة الاعتقاد أن الروس سوف يتركون الساحة السورية، ولهم مصالح كبيرة فيها، ومن السذاجة أيضا الاعتقاد بأنهم سوف يمارسون ضغطا كبيرا على الأسد لكي يتنحى في بداية المرحلة الانتقالية، أو بالتخلي عن كامل صلاحياته لحكومة انتقالية، لكنهم بالتأكيد سوف يظلون أمناء لتفاهماتهم مع الأمريكان، وربما مع غيرهم، بخصوص منع فشل جنيف3، وبالتالي سوف يمارسون ضغطا على جميع الأطراف للوصول إلى دستور جديد، وحكومة ذات مصداقية، وانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد ثمانية عشر شهراً، قد يشارك فيها الأسد إذا رغب في ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم