الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماعات القروية والمسؤولية الترابية بالمغرب: قراءة في واقع حال جماعة مطماطة

حميد التوزاني

2016 / 3 / 25
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


جاء في المادة 36 من قانون الميثاق الجماعي المعدل؛ يقرر المجلس الجماعي إبرام كل اتفاقية للتعاون أو للشراكة من أجل إنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويحدد شروط القيام بالأعمال التي تنجزها الجماعة بتعاون أو بشراكة مع الإدارات العمومية والجماعات المحلية والهيئات العمومية أو الخاصة والفاعلين الاجتماعيين. كما جاء في نفس المادة؛ يحدد المجلس الجماعي شروط المحافظة على الملك الغابوي واستغلاله واستثماره في حدود الاختصاصات المخولة له بموجب الظهير.
من خلال ما جاء في هذه المادة، تتجلى بوضوح مسؤولية المجلس الجماعي في تدبير المجال الترابي، فضلا عن مسؤوليته في تسريع وتيرة التنمية المحلية، وكذا مراقبة ومتابعة وتقييم المشاريع الترابية المنجزة، ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام الذين يسارعون لإطلاق مشاريع ظرفية غير مستدامة أو تلك التي لا تنسجم مع الخصوصيات المحلية، لذلك فأي مجلس جماعي مطالب أولا بالقيام بتشخيص ترابي قبلي، يمكن من جرد الموارد الترابية المتاحة والكامنة، ويحدد نقاط القوة والضعف ويستحضر تطلعات وانتظارات السكان والرهانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ... وبالتالي فالاختلالات التي ترافق برمجة وإنجاز المشاريع الترابية الجماعاتية، يتحمل المجلس الجماعي مسؤولية إهمالها، لأنه لم يلتزم بالفلسفة الوطنية الجديدة لتنمية الجماعات الترابية.
من خلال ما سبق لا يمكن إنكار مسؤولية مجالس الجماعات القروية في تعثر مسلسل التنمية المحلية، إذ غالبا ما تطغى العلاقة الانتخابية المناسباتية وتصبح بذلك التنمية المأمولة في خبر كان، سنترك علاقة الأزمة التي تربط الجماعة بالمواطن القروي لمقال مفصل، وسنتطرق فيما تبقى من هذا المقال لواقع حال جماعة مطماطة القروية التي تنتمي ترابيا لإقليم تازة.
تتميز جماعة مطماطة بموارد ترابية متنوعة، إذ تعتبر من الجماعات الغنية بإقليم تازة، إلا أنها تعرف كأغلب الجماعات القروية تأخرا واضحا في مختلف جوانب التنمية، لعل أبرزها تلك المتعلقة بالقطاع الفلاحي، فرغم وفرة الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية، تعرف الجماعة ركودا واضحا في دينامية التحديث الفلاحي، فضلا عن تلك المرتبطة بسوء المحافظة على المجال الأخضر، وانسجاما مع سؤال الانطلاق لهذه الورقة سنحاول التطرق مباشرة لمسؤولية المجلس الجماعي اتجاه المشاريع المبرمجة والمنجزة، على أمل التفصيل في قضايا متعددة ترتبط بالأنشطة الفلاحية والسكن والتهيئة في مقالات لاحقة.
وباختصار تتحمل المجالس الجماعية المتعاقبة بمطماطة كامل المسؤولية في فشل بعض المشاريع الظرفية، وذلك لعدة اعتبارات، لعل أهمها؛ مختلف المشاريع الترابية المنجزة أو المبرمجة من قبيل؛ "مشروع توسيع دائرة السقي بواد بوزملان الممول من طرف جهات ألمانية، أو مشروع إعادة تشجير الغابة المبرمج من طرف إدارة المياه والغابات" ... هي مشاريع تخص حيزا ترابيا ينتمي طبعا لجماعة مطماطة، وبالتالي فالمجلس الجماعي يعتبر حلقة وصل بين مختلف المتدخلين، بمعنى أن مسؤوليته تابثة في التنسيق ثم التنسيق بين مختلف الشركاء في التنمية المحلية، وفضلا عن هذا الدور البدهي الذي تنادي به أدبيات تدبير الشأن المحلي، هناك سلطة ترابية للمجلس الجماعي باعتباره ممثلا لسكان الجماعة ومسؤولا عن مجالها الترابي، وهذه السلطة تقتضي طبعا مراقبة ومتابعة المشاريع الترابية الجماعاتية، وكذا الحد من الارتماء الأحادي لهؤلاء الشركاء المتدخلين في المجال والتأسيس بذلك لتنمية من الخارج، أي تنمية تقرر وتبرمج خارج الجماعة وتنجز دون استشارها كأن الأمر لا يعنيها. إضافة إلى أن هذه السلطة الترابية تتطلب رفض أي مشروع ظرفي لا ينبني على تشخيص ترابي قبلي، ويمكن في حالة التعارض التام لوجهات النظر حول المشروع أن يلجأ المجلس الجماعي للقضاء وله الحق في رفع دعوة قضائية ضد الطرف الثاني (مثلا: هناك صراع حول الوعاء العقاري لمغارة افري واطو بين إدارة المياه والغابات وجماعة باب بودير، انتهى بالاحتكام إلى القضاء للبث في النزاع...). أما أن يقول المنتخب المحلي؛ أن المجلس غير مسؤول عن مشروع ما لأنه من إنجاز هيئة معينة، يعد أمرا عجيبا وعليه بذلك مراجعة وثائق وقوانين التدبير الجماعاتي ولعل أهمها الميثاق الجماعي وكذا دليل التعاون والشراكة وغيرهما ... لذلك فالمجلس الجماعي لمطماطة لم يتعامل بالجدية والمسؤولية القانونية والترابية اتجاه مشاريع عدة.
ومن باب توضيح الفرق بين مجهودات التنمية الجماعاتية المنطلقة من الداخل والمجهودات التنموية الوطنية المملاة من الخارج أي خارج الجماعة أو من أعلى أي مقررة من طرف السطة المركزية، نشير إلى أن مشاريع فك العزلة، كهربة الدواوير، ولوج الماء الصالح للشرب، هي اختيارات عامة للدولة، بدعم أجنبي مقررة من تسعينيات القرن الماضي، لذلك لا يمكن اعتبارها منجزات المجلس الجماعي، أي أنها سياسة عمومية اتجاه المغرب القروي.
يبرز كذلك ضعف المسؤولية الترابية للمجلس الجماعي بمطماطة بالنسبة لظاهرة الهجرة، إذ هناك هجرة وافدة نشيطة، يتحمل المجلس الجماعي مسؤولية المشاكل السكنية المرتبطة بها، لأنه لحد الساعة لم يفكر في إعادة هيكلة دوار علال الفاسي المعروف بدوار التراب، فإذا كانت إعادة الهيكلة ستمكن من منع توسع السكن الهش الهامشي، فإن تجاهل المشكل يسرع من الهجرة الوافدة وما يرتبط بها من مشاكل البطالة وانحراف المراهقين والتلوث، لأن معظم الوافدين يستقرون بالدوار نفسه، لذلك فالحل بيد المجلس، حينما يلتزم بمسؤوليته الترابية اتجاه حي يجر خطيئة التسمية.
وختاما، لا يفوتني أن أشير كون المسؤولية الترابية لا ترتبط فقط بالمجلس الحالي، بل هناك خللا متوارثا ومهملا، كما أنها لا تعني المجلس المنتخب فقط، بل هي مسؤولية النسيج الجمعوي وكل الغيورين على جماعة مطماطة، التي همشت لعقود مضت بعد أن كانت لؤلؤة الاستعمار الفرنسي بجنوب تازة، لذلك حان الوقت لمراجعة نوعية التدخل والشراكة وفق المستجدات القانونية والأدوار الجديدة المخولة للجماعات المحلية القروية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا