الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربع إمرأة ..

محمود الزهيري

2016 / 3 / 25
الادب والفن


لعلها ممن ارتكنوا إلي إرادة القدر وتناست إرادتها , وخبأت إنتكاساتها خلف ستائر القضاء والقدر والمشيئة والقدرة , مدعية أن كل ماحدث وماسيحدث لها مرهون بتلك الإرادة حين حدوثه أو حال امتناع حدوثه , فهي كملايين النساء المقهورات إجتماعياً وحسب مسطرة المفاهيم الدينية للمشايخ وعلماء الدين فإنها عورة وأنها حرمة , وإنها الحرام , ولذلك فقد صنعوا لها في الماضي جناح خاص يسمي الحرملك في قصور الملوك والأمراء والنبلاء , وهكذا تستمر مسيرتها كمسيرة ملايين النسوة المقهورات , لدرجة أنها في أحيان كثيرة تلعن نون النسوة وكافة مرادفاتها ومشتقاتها وتراكيبها اللغوية , واتخذت التمرد علي أنوثتها أسلوب حياة , وبدأت في تفعيل التمرد علي الواقع الكائن به أنوثتها البضة عالية الصبا والنضج الأنثوي بجانب عقلها الوثاب الذي يدير كل الأمور الحياتية الخاصة بها بجزالة ويسر , وحينما تتحدث فكأنما هناك موصلات بين مايدور بعقلها من أفكار ورؤي وتصورات وتاريخ الأشياء والأحداث يتم استجلابه علي طرف لسانها فتتحدث بلاتلعثم أو تردد أو توقف حال اللجلجة في الحديث وهروب المعاني , فهذه إمرأة مصيبتها الوعي بذاتها كأنثي ناضجة , والوعي بواقعها المأزوم والمهووس بنون النسوة , ولها مواقف كثيرة مع هؤلاء المرضي المهوسوون بالنساء مهما علا قدرهم أو ارتفع مؤشرهم في السلم الإجتماعي والوظيفي , ففي نهاية الأمر ينحرف الحديث عن مجالات السياسة والفنون والآداب ليلوي علي عقبيه بألوان مفضوحة من المكر الذي يختبيء خلف ستارته المكشوفة ألوان من المنكرات الإجتماعية والمحرمات الدينية , وهذه الوقائع كانت تجعلها تتشبث بعقيدة التمرد علي ذاتها وعلي واقعها المليء بأحداث مأزومة حتي حينما تزوجت من أحد الأشخاص زواج تقليدي تمت مراسيمه بشروط الواقع وعلي مقياس مسطرة العورة والحرام وارتضت ظنأ منها أنها تمتلك طاقة جبارة من مفردات الذكاء الإجتماعي وتأثيرها العقلي والعاطفي الجميل علي تغيير مفردات الزواج لتنتج مؤسسة أسرية مؤمنة بالشرف العقلي والكرامة العقلية قبل الإيمان المصنوع علي مقياس مسطرة مصنعة تصنيعاً ارتضاه الأوصياء من الأدعياء موظفي السماء , إلا أنها اصطدمت مع عقلية جاهلية لاتؤمن إلابشرف الجسد وكرامة الجسد بلا أدني إعتبارلشرف العقل الذي هو أساس لشرف الجسد وكذلك أساس لكافة التكاليف الدينية بداية من الإيمان بالمعتقد وصولاً لكافة أوامره ونواهيه , فكان الإنفصال الجسدي الذي سبقه الإنفصال الروحي لتبدأ حالة حرب ذكورية معلنة ضدها في طلبها لبيت الطاعة بطريقة وأسلوب مدعي بتماسهما مع الشرع والقانون , مع أن إعلان الطاعة بمثابة لون من ألوان العبودية والإستعباد للرجل الفاقد لشرف وكرامة عقله المريض بجسد الأنثي وكافة عوراتها حتي وإن كانت الأنف أو الأذنين والفم وأصابع اليدين والقدمين لتنتهي بتغمية عين وترك الأخري .. ودخلت محكمة الأسرة لثاني مرة في حياتها فالأولي كانت بشأن إعلام وراثة لوالدها حال وفاته وتركها يتيمة الأب لتشعر بأنها تواجه الدنيا وحدها من غير معين , والأن من غير زوج لتستقبل حملة من الإشاعات من والد طفليها الذي يكمن همه الوحيد في تطليقها من غير خسائر مادية حتي وإن كانت تمس شرف جسده وكرامته قبل شرفه العقلي المفقود , وحتي إن تنازلت عن طفليها وتركت نفقتيهما وكأنها تنازلت عنها بالرغم من كونهما يعيشان معها وهي متنازلة عنهما وعن نفقتيهما لصالح زعيم الأسرة الذكورية الأبوية , وهذه هي فلسفة أصحاب الشرف والكرامة المدعاة ممن يحرمون عمل المرأة واختلاطها بالرجال لدرجة أنهم أرادوا أن تكون أسواق خاصة بالنساء والرجال وصولاً للتعليم ووسائل المواصلات ..
ولذلك فهي مازالت تعاند ذاتها بعد أن حصلت علي حكم بتطليقها خلعاً وتنازلت عن نفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق , لدرجة أنها لم تتحصل علي أي منقولات خاصة بها لأنها لم ترغب في كتابة قائمة منقولات زوجية فانصاع لها الأهل والأقارب في ذلك , وبدأت تشق طريقها في الحياة وهي لاتمتلك شيء من أسباب الحياة , فبدأت تفكر في عمل يدر عليها دخلاً يكفيها وطفليها , وكان لها ما أرادت , ففي ظهيرة أحد أيام أبريل / نيسان دخلت إحدي الشركات متوجهة لرئيس مجلس إدارتها بناء علي توصية من أحد المعارف , فكان لقاءاً مشهوداً له بالأدب الجم والإحترام العميق , وحماية النساء الضعيفات المقهورات من غوائل الزمن وأبالسة البشر ممن يتقنعوا بأقنعة الإنسان ولهم وجوه شيطانية , إلا أنها أحست أحاسيس غريبة ومشاعر مريبة لاتخطئها بحدسها الأنثوي الكاشف والفاضح لأدعياء الطهارة والشرف والعفة والإستقامة , فكلما تحدث رئيس مجلس الإدارة بحديث عن الشرف فكأنها تري بين ثنيات الحديث أنه عديم الشرف , وإذا تحدث عن الكرم شمت رائحة البخل والكزازة , وماهي إلا أيام لم تقترب من حدود الأسبوع فكان أن تأكد لها شيطانية هذا الرجل الدعي للإيمان والذي أراد أن يتزوجها ويرعاها ويعول طفليها شريطة أن يكون هذا الزواج في السر بالرغم من علمها أنه متزوج بأربع نسوة لتكون هي الخامسة أو العاشرة بعقد زواج غير موثق لدي الدولة وغير مضمون العاقبة حسب شرائط المجتمع المهووس بالجنس ومفردات الشرف المزيفة , وذلك في حالة الحمل والولادة , إلا أن إحدي النساء اللاتي كن يعملن بهذه الشركة حذرتها من هذا الرجل الذي بني مسجداً بالشركة واقتطع منه جزءأ ليكون مصلي للنساء العاملات بالشركة , ويقوم بفعل الخيرات إلا أنه بالرغم من ذلك كان يعمل بالدياثة وتاجر نشيط في الرقيق الأبيض , بالرغم من أنه لم ينجب ولن ينجب علي الإطلاق حسب التقارير الطبية الموثقة علمياً , ويستخدم المظاهر الدينية ستار للتخفي عن جرائمه اللاأخلاقية التي يقشعر لها بدن شرفاء العقل والأخلاق والضمير وتذكرت مقولته لها في مكتبه حينما قرر لها أنه مازال نصف رجل , فما كان منها إلا أن ردت عليه مقررة له بأنها : ربع إمرأة ..
, وفي آخر لقاء لها بمكتبه أخرجت سيجارة من حقيبة يدها وأشعلتها ونفثت دخانها بوجهه الذي تعلوه زبيبة الصلاة , وتحدث إليها بصوت الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر محاولاً منعها من التدخين وكأن الدياثة و تجارة الرقيق الأبيض مباحة وحلال ديناً , ولأن التدخين حرام شرعاً !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب