الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدتي تسبح وتضحك

أديب كمال الدين

2016 / 3 / 25
الادب والفن


شعر: أديب كمال الدين


سأشعلُ حرفاً من حرفٍ
حتّى أبقى مُبصراً طوالَ حياتي.
*

سأشعلُ ليلاً من ليلٍ
حتّى أجد الفجر.
*

سأشعلُ حلماً من حلمٍ
حتّى أبني لروحي صَرْحاً من نور.
*

البحرُ قريبٌ جدّاً
بل هو ممتّدٌ كالحلمِ أمامي
لكنّي في القصيدةِ أسمعُ أمواجَه بوضوحٍ أزرق
وألمسُ زرقتَه رملاً يتساقطُ من بين أصابع كفّي.
*

حينَ تنقرضُ شمسُ حياتي
ستمرُّ الريحُ بذاكرتي
فلا تجدُ حرفاً يستقبلها
أو يتأمّلها أو يهبّ معها كما اعتادتْ.
فهل ستحزنُ للحال
أم تمرُّ مرورَ العابر
الذي لا يأبهُ بأيّ كان؟
*

حرفٌ تحدّثَ كثيراً عن القنبلةِ العانس.
فلما كبرَ تزوجَها
وأنجبَ حرباً شعواء.
*

في ذاكرةِ الحرفِ الأخضر
أنَّ الحاءَ هي الحرّيّة والحُبّ،
وفي ذاكرةِ الحرفِ الأزرقِ هي الحقد،
وفي ذاكرةِ الأسْوَدِ هي الحرب،
وفي ذاكرةِ الأبيضِ هي الحاء
بعيداً عن كلِّ أكاذيبِ التأويل.
*

حرفٌ علّمني الشِّعْرَ حتّى أفقدني ذاكرتي.
فلما ذهبتُ إليه أعاتبه لم يعرفني أبداً.
*

قصيدتُه دلّتني على بئرِ الموت
بدلاً من بئرِ الحُبِّ أو بئرِ الحكمة.
*

آبارُ الرحلةِ لا تُحصى:
أوّلُها بئرُ الوحشة
ثُمَّ بئرُ الخوف
وبئرُ الجوع
وبئرُ اللذّة
وبئرُ الحرمان
وبئرُ الأنين
وبئرُ المنفى.
لكنْ أنْ تجدَ بئراً للماء
فذلك يعني أنّكَ وجدتَ المصباحَ السحريّ.
*

الحروفُ تنظرُ إلى الورقة
وتقولُ لي ببراءةِ طفل:
لماذا تكتب؟
أرتبكُ من السؤالِ فأردُّ بسرعة:
أنا لا أجيبُ على مثلِ هذه الأسئلة!
*

باعتباري ملكاً للبحر
قرّرتُ أنْ أرسمَ لوحةً للبحر
بحجمِ البحر.
*

ذلك هو المستحيل.
ولذا رسمتُ البحرَ بحجمِ سبعين عاماً
من المستحيل.
*

استعضتُ عن البحرِ بالحرف.
فرسمتُ البحرَ بحجمِ حرفٍ واحد
وسرِّ نقطةٍ واحدة.
*

لم يتفقْ معي سوى القلّة:
أولئك الذين يعرفون أنَّ البحر
بدأَ بنقطةٍ واحدة.
أمّا الأغلبيةُ فوصفتني بالجنون
وبعضُهم رماني مسروراً ضاحكاً بالحجارة.
*

كنتُ أجمعُ في صبرٍ أيّوبيّ هذي الأحجار
وأرصفُ بها شاطئ البحر.
كانَ المنظرُ خلّاباً للقلوبِ وللعيون
رغمَ أنَّ هذه الأحجار أحجار حقدٍ دفين.
*

سأشعلُ ذاكرتي بقليلٍ من الحروفِ والورق
فهي ذاكرة تشتعلُ أبدَ الدهر
ولا تعرفُ الطمأنينة
إلّا كما يعرفُ الشحّاذُ رغيفَ الخبز.
*

هل كانتْ ذاكرتي طائراً
يرفرفُ فوقَ رأسي
طوالَ العمر؟
أم نهراً يتصارعُ أبداً
معَ سدٍّ ضخم
أُقِيمَ بمكانٍ سرِّيّ مجهول؟
*

وضعتُ البحرَ في قصيدتي
ففاضَ قلبي وبكى.
وظلَّتْ قصيدتي تسبحُ وتضحك.

******************
مقاطع من قصيدة طويلة
www.adeebk.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل


.. تراث الصحراء الجزائرية الموسيقي مع فرقة -قعدة ديوان بشار-




.. ما هو سرّ نجاح نوال الزغبي ؟ ??