الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرابين الاتفاق التركي الاوروبي

ماجد ع محمد

2016 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من خلال ما تناوله النشطاء في وسائل الإعلام بدا أن الضرر الظاهر للعيان والمباشر هو من نصيب السوريين فيما يتعلق بالاتفاق التركي الأوروبي الأخير، ولكن بعد التمعن أكثر في أبعاد الاتفاقية، يبدو أن المتضرر الأكبر قد يكون كُرد تركيا وليس السوريون فحسب، إذ وحسب الذين يعاينون الوقائع في جنوب شرق تركيا، أن هنالك احتمال بأن تطلق السلطات التركية بعد حصولها على صك الاتفاق مع الاوربيين العنان لجيشها، وتبدأ تلك القوات بحملة واسعة للفتك بالمناطق الكردية في تركيا، طبعاً من دون أن يلتفت العالم الى ما يحصل وما قد يحصل هناك من انتهاكات، طالما أن أوروبا فضّلت مصلحتها على آلام وأوجاع الآخرين، ونسيت أوروبا بأنها كانت بنظر العالم قيمة أخلاقية وإنسانية عالية من بين كل دول العالم المتحضر، وهو ما أشارت إليه منظمة العفو الدولية بتسميتها الاتفاق بأنه "معيب وغير قانوني ولا أخلاقي" والذي سمته بـ: "النفاق" وذلك بكون أن معظم الدول الاوربية تدرك جيداً بأن تركيا كدولة عبور للاجئين من الصعب أن يعيش فيها المهاجرون، بسبب غياب قوانين عادلة تضمن حياتهم، وتحفظ حقوقهم، وتحميهم مِن الاستغلال مِن قِبل أرباب العمل والتحكم المستمر بمصير الواحد منهم.
وكما لا يخفي على المتابعين أن الاعلام الغربي وفي مقدمته الاوربي قد غض الطرف في الشهور الماضية عن كل الخراب والدمار الذي طال المدن الكردية في تركيا من بينها جزيرة بوطان، والتي بينت الصور القادمة منها وكأنها مدينة حمص السورية، وليست بوطان التابعة للجمهورية التركية الحنونة والرؤوفة بالسوريين في وسائل الإعلام.
إذاً هي بازارات سياسية بامتياز ويبقى الانسان وحقوقه من أول الخاسرين في تلك المقايضات الدولية، حيث يشير النشطاء العاملين في مجال حقوق الانسان أنه في حال إقرار الاتفاقية والعمل بموجبها سيكون انتكاسة حقيقية لمنظومة قيم الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات في الغرب، وذلك لما يشكله من تفريط صريح بحق كرامة عشرات الآلاف من اللاجئين الذين يحتاجون الى الحماية والدعم والمساندة، حيث ظهر للجميع أن الاتفاق بُني أساساً بهدف الحد من هجرة اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب في سوريا وقساوة العيش في تركيا، مقابل منح تركياً عوناً مالياً وتنازلات سياسية، ويرى المتابعون بأنه من الوارد جداً أن يتم استغلال التعاقد ذاك، وبموجب ذلك الاتفاق يتم محاربة أي نشاط أو تحرك للكرد في تركيا، وكله بذريعة أنهم من حزب العمال الكردستاني ـ المسمار الذي تعوّل على وجوده تركيا وقد تكون حريصة على عدم خلعه ـ ربما لتبقى الذريعة بحوزة أجهزتها العسكرية في أي زمانٍ أو مكانٍ كان.
كما أنه من تبعات الصفقة المشؤومة بالنسبة للمهاجرين أن مراكز استقبالهم في اليونان تحولت الى مراكز احتجاز بموجب الاتفاق الموقع بين الاتحاد الاوروبي وتركيا، وهو ما دفع مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين يوم الثلاثاء الماضي الى إدانته، وقامت كذلك بتعليق بعض نشاطاتها في ذلك البلد.
إذا فليتوقع كرد تركيا حلول الخراب بالجملة في مناطقهم بعد الاتفاق التركي الاوربي الذي قد يكون بمثابة المظلة التي ستحمي أجهزة الدولة من أية انتقادات لقواتها، طالما أنها تحمل معها أينما حلّت صك ذلك الاتفاق الذي يسمح لتركيا بأن تفعل بمواطنيها ما تريد، وذلك على مدار فترة سريان الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، إذ من النتائج المباشرة لتلك الصفقة، وفور إعلان التفجيرات في بروكسل بدأ القصف التركي يطال مدينة نصيبين، إذ وكأن المدفع التركي كان في انتظار الاشارة من صانع الحدث في بروكسل، حتى ينتهز الفرصة لضرب نصيبين، بدلاً من مواقع الدواعشة الحلوين في سوريا!
وأخيراً ومن باب التهكم يقول بعضهم: لترتفع عالياً نغمة شكراً لأردوغان مجدداً بين السوريين الذين رأوا فيه بعد الفِرار من طاغية دمشق بأنه المنقذ من الضلال، وذلك بعد الاتفاق التركي الاوروبي الأخير الذي جاء على أنقاض أحلام الكثير منهم حسب قول الكاتب التركي أحمد هاكان القائل: "من المؤسف أن كل مواطن تركي سيستطيع السفر بحرية إلى أوروبا هذا الصيف بفضل الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، فلا بد أن يشعر بأن حرية التجول له في أوروبا جاءت على حساب حرمان لاجئ سوري منها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التونسي قيس سعيد يحدد يوم 6 أكتوبر موعدا للانتخابات ا


.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويعلن تحقيق انتصارات على




.. حادث طعن في مجمع تجاري في #كرمئيل شمالي #إسرائيل حيث جرح 3 أ


.. يائير لابيد: على الجيش احترام قرار المحكمة وتنفيذ قانون التج




.. المبعوث الأميركي آموس هوكستين يعقد محادثات جديدة في باريس بش