الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات عامة على ورقة دمستورا ( جنيف 3 )

محمد أحمد الزعبي

2016 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ملاحظات عامة على ورقة دي مستورا (جنيف 3)
( جنيف التوافق الروسي الأمريكي )
24.03.2016
د. محمد أحمد الزعبي
بداية ، من الطبيعي أن تكون هذه الورقة ( ورقة ديمستورا ) مقبولة من الطرفين ، وذلك لأنها صيغت على الطريقة الإنكليزية ( أراض محتلة بدل الأراضي المحتلّة ) صياغة رمادية وعامة بحيث لايمكن لأي من الطرفين أن يرفضها . بل إنها تسمح لأي من هذين الطرفين ( وفدي المعارضة والنظام ) أن يتوهم أن مضمون هذه الورقة يصب في طاحونته هو ، وليس في طاحونة الطرف الآخر . وسيتحدد تعليقي هنا على أسباب /أبعاد قبول وفد النظام لهذه الورقة ، التي ادعى الجعفري أنه سينقلها إلى المقامات العليا في النظام لأخذ الرأي . والتي لاأجد من جهتي سببا موجبا لرفضها من عائلة الأسد ، طالما أن الوسيط الدولي لم " يغمس بالصحن " في أي من دزينة مواده ، وأن عدم اعتراض كل من " البائع والشاري " على ورقته ، هو دليل نجاحه وتفوقه على جميع من سبقه من الوسطاء الدوليين ، وبالذات على : الدابي وكوفي عنان والأخضر البراهمي . معتقدا أن أحدا لن ينتبه لتلك الألف واللام التي حذفها من قام بصياغة هذه الورقة - الوثيقة لتصبح مقبولة من الطرفين .
تنطوي ورقة ديمستورا على مبادئ سياسية عامة ، مقبولة من كلا الطرفين ( المعارضة والنظام ) ، بل إن نظام عائلة الأسد ، مافتئ يؤكد ويشدد على بعض منها كذباً منذ أن استولى أبوه على السلطة في سوريا عام 1970 إن لم نقل قبل ذلك . وبما أنه سيظل باق على كرسيه الرئاسي " إلى الأبد " ( حسب زعمه )، فإنه سيكون بالتالي هو وليس غيره المسؤول عن تحقيق ( أو عدم تحقيق ) هذه المبادئ العامة ، التي كان وما يزال يسوّقها تدليساً عربياً وإقليمياً وعالمياً ، وستنحصر ملاحظاتنا هنا على أبرز هذه المبادئ العامة ، ولا سيما تلك التي تدخل في خانة " قل شمالاً واعمل يميناً " ألا وهي :
1. إن ماورد في الفقرة الأولى من ورقة دي مستورا من " احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها" وهو ما يمثل حسب ديمستورا توافق طرفي المفاوضات عليه ، أي بما فيه وفد النظام ( أي النظام )، يتنافى واقعياً مع استدعاء بشار لكل من إيران وروسيا وهما دولتان أجنبيتان ، لحمايته من السقوط !! ، ويتنافى بالتالي مع ادعاءاته المستمرة المجروحة ، بالحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها (!!) .
2. وما ورد في نفس الفقرة أيضاً حول هضبة الجولان : " وما زال الشعب السوري ملتزما بأن يستعيد مرتفعات الجولان المحتلة بالوسائل السلمية "(!!) . إن إضافة بالوسائل السلمية إلى هذه الجملة من قبل ديمستورا إرضاءً لوفد بشارالأسد هو حشو دبلوماسي مقصود من ديمستورا لإخفاء البعد"الاستراتيجي" لهذه الوسائل السلمية ، والذي سيعني تطبيقياً فيما لو ظل بشار في الحكم، إما استجداء الدول الكبرى لمساعدتها له في استعادة الجولان سلميا، أو السكوت ـ وهو الأرجح ـ على هذا الاحتلال إلى ما شاء الله ، على غرار نصف القرن الفائت .
3. بالنسبة للفقرة الثانية فقد صيغت بما يرضي وفد المعارضة ، ولكن طابعها الرمادي يسمح للنظام ، بأن يدعي ( كذبا أيضاً ) ، بأن ماورد فيها ، هو بالضبط ماكان ينادي هو به منذ خمس سنوات ولكن المعارضة كانت ترفضه (!!) . تقول الفقرة ( ... وسيقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديموقراطية ، عن طريق صندوق الإقتراع ...) . إن جناب الوريث يعلم علم اليقين ، أن صندوق الإقتراع ، فيما لو طبق تطبيقاً صحيحاً ، سوف يطيح به ، ويلقيه في مزبلة التاريخ ، ولاسيما بعد كل الجرائم التي ارتكبها هو وشبيحته بحق الشعب السوري ، الأمر الذي سمح لشباب ثورة آذار 2011 ان يلبسوه ثوب الخيانة من خلال شعارهم المعروف والمنطقي ( اللي بيقتل شعبو خاين ) .
4. كادت الفقرة الثالثة أن تكون في صالح المعارضة ، لولا أنها صيغت في صورة اختلاط الحابل بالنابل وفي صيغة جمل قصيرة ومبتورة وعامة ، وذلك ل" تضييع الطاسة " وخشية أن يرفضها وفد النظام. تقول الفقرة ( سورية دولة ديموقراطية غير طائفية تقوم على كل من المواطنة والتعددية السياسية ، وتمثيل جميع مكونات المجتمع السوري ، وسيادة القانون ،واستقلال القضاء ، والمساواة في الحقوق ، وعدم التمييز ، وحقوق الإنسان ، والحريات الأساسية والشفافية والمساءلة ، ومبادئ المصالحة الوطنية والسلام الإجتماعي ) . إنه سرد أقرب إلى اللغو و التجميع منه إلى الحقيقة الموضوعية .
5. يمكن أن تكون الفقرة الخامسة فقرة خلافية ليس بين النظام والمعارضة فقط ،ولكن ضمن كل منهما أيضاً ، وأظن من جهتي ، ورغم أن بعض الظن إثم ، أن جهة ما قد طلبت من دي مستورا وضعها على هذه الصورة لتحويل الخلاف السياسي بين المعارضة والنظام إلى خلاف أيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين ، وهو ما يصب عملياً في طاحونة النظام . تقول الفقرة ( ستتمتع النساء بالمساواة في الحقوق وفي التمثيل العادل في جميع المؤسسات وهياكل صنع القرار بنسبة تمثيل تبلغ على الأقل 30% أثناء المرحلة الإنتقالية وما بعدها ) . إن النساء هن شقيقات الرجال ، كما علمتنا السماء والأرض ، لهنّ مالهم ، وعليهنّ ماعليهم ، سواء بهذه النسب المئوية أو بدونها . بل إن هذه النسب المئوية تمثل ـ برأينا ـ تقليلاً من شأن المرأة وليس مساواة لها بالرجل ، إن المرأة تقف إلى جانب شقيقها الرجل كتفاً بكتف ( كأم وكأخت وكزوجة ) ويكفي التوكيد على هذه المساواة ، بعيدا عن الإشكاليات والاختلافات التي يمكن أن تطرحها هذه النسب المئوية .
6. في الفقرة السادسة ، تم السكوت عن دور بشار الأسد في عملية الانتقال السياسي في سوريا والتي أشار إليها قرار مجلس الأمن 2254 ، بل تم إبقاء هذا الدور متروكا ـ على مايبدو ـ للتوافق الروسي الأمريكي ، حول بقاء بشار في منصبه في المرحلة الانتقالية من عدمه . تقول الفقرة ( طبقاً للقرار 2254 /2015 يشمل الانتقال السياسي في سوريا آليات حكم ذا مصداقية وشامل للجميع ، وغير قائم على الطائفية ... وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة عملاً بالدستور الجديد ، ... ويشارك فيها جميع السوريين ، بمن فيهم السوريون المغتربون المؤهلون للتصويت ) . يخيل إلي هنا أن ديمستورا قد نسي أن يضيف بعد كلمة " الجميع " ( ولا سيما من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري ) . ذلك أنه لاخلاف على مشاركة المؤهلين للتصويت من المهجرين والنازحين بعد عودتهم إلى ديارهم ، بأي صورة من الصور ، وإنما الخلاف حول " من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري " .

7. إن ماورد في الفقرة السابعة حول " تكافؤ الفرص للفاعلين السياسيين ، بما يمكنهم من ترسيخ أقدامهم في الإنتخابات ... " ، إنما يشير بصورة لالبس فيها إلى أن المسكوت عنه هنا هو حق بشار الأسد في الترشح ، وأن الصياغة اللغوية لهذه الفقرة قد استبدلت " ترسيخ أقدامهم " ب " ترشيح أنفسهم " ، استبعادا لاعتراض المعارضة على إمكانية تفسيرنص الفقرة على أنه موافقة من ديمستورا على" ترشيح " بشار الأسد في المرحلة الإنتقالية ، ولا سيما أن هذا الترشيح بات يحظى ـ على ماسمعت ـ بقبول كل من لافروف وجون كيري . إن مثل هذا " الإلتباس " اللغوي ، والذي هو من نوع (ال التعريف ) في قرار مجلس الأمن 242 لعام 1967، ينبغي ألا تنطلي على وفد المعارضة . تقول الفقرة ( سيكفل هذا الحكم إيجاد بيئة استقرار وهدوء أثناء الفترة الإنتقالية تتيح الأمان وتكافؤ الفرص للفاعلين السياسيين بما يمكنهم من ترسيخ أقدامهم في الإنتخابات وتنظيم حملاتهم الإنتخابية ... والمشاركة في الحياة العامة .) إن الكاتب يرى هنا أن مفهوم الفاعلين السياسيين يبطن هنا أكثر مما يظهر .
8. نصت الفقرة التاسعة في مبادئ دي مستورا العامة على " ترفض سورية الإرهاب رفضا قطعيا ، وتتصدى بقوة للمنظمات الإرهابية ..." . إن وضع كلمة إرهاب في هذا الشكل المرسل ودونما تحديد ، إنما يذكر بالنص الذي توافقت عليه كل من روسيا وأمريكا في ميونخ بألمانيا ، والذي يشير إلى " داعش والنصرة وغيرها ..." ، ذلك أن كلمة " وغيرها " سمحت للروس بأن يضعوا على قائمة الإرهاب كافة معارضي نظام بشار الأسد وبمن فيهم من يقاتلون داعش في شمال وجنوب سوريا ، والذين باتوا يعرفون ب " المعارضة المعتدلة " وبالتالي فإن هؤلاء المعتدلين تحولوا قبل وخلال اتفاق " وقف الأعمال العدائية " إلى أهداف مباشرة للطيران الروسي ، وبنسبة وصلت إلى حوالي ال 95% حسب التصريحات الأمريكية المعلنة .
9. تم في الفقرة الحادية عشرة من مبادئ دي مستورا ، دمج " تمكين جميع اللاجئين والنازحين من العودة إلى ديارهم بأمان " مع "سيجري إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين تعسفيا ، وحسم مصير الأشخاص المختفين أو المختطفين أو المفقودين "
إن وضع مسألتي الإفراج والكشف عن المعتقلين والمختفين والمختطفين والمفقوين و حق اللاجئين والنازحين في العودة إلى ديارهم بأمان ، في سلة واحدة كما ورد في نص الفقرة إنما هو خلط بين المهم والأهم وبين الحق في الحرية والكرامة ، والحق في العودة الآمنة ، إن مسألة بقاء أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأطفالنا في سجن المجرم بشار وشبيحته الأقذرين ، وتركهم يموتون يومياً تحت سياط التعذيب النفسي والجسدي في سجن هؤلاء القتلة ، هي أمور لايمكن ولا ينبغي السكوت عنها ، أو المساومة عليها ، مهما كانت الأسباب والمبررات . إن خلط الحابل بالنابل في صياغة هذه الفقرة ، إنما يصب بدوره في طاحونة النظام ، بغض النظر عن مسألة حسن النية وعن قصر ذات اليد عند السيد ديمستورا . إن مايمكن قوله هنا حول هذا الموضوع : إذا كان السيد ديمستورا عاجزاً عن إحقاق الحق ، أو عن قول كلمة الحق ، فإن مكانه محفوظ إلى جانب الدابي وكوفي عنان والأخضر الابراهيمي ، وإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، مع معرفتنا بإمكانية الاختلاف مع السيد ديمستورا حول مفهوم الحق والباطل في المسألة السورية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية