الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإقتصاد المصري بين الكارتلات والترستات

احمد البهائي

2016 / 3 / 27
الادارة و الاقتصاد


الإقتصاد المصري بين الكارتلات والترستات
أحمد البهائي
قال ساويرس في حوار مع شبكة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية إنه سيكمل شراء "سي أي كابيتال هولدينج" ، وهي الصفقة التي سيتمخض عنها ثاني أكبر بنك استثماري في مصر ،وأضاف أن الصفقة البالغ قوامها 924 مليون جنيه (118 مليون دولار) في طور التنفيذ بعد إبرام الاتفاق على شراء الأسهم، مشيرا إلى أنه لم يلحظ أية اعتراضات من قبل السلطات التنظيمية.
وكانت الحكومة المصرية قد فشلت في منع ساويرس عن الاستحواذ على بنك الاستثمار سي آي كابيتال ، الذراع الاستثماري للبنك التجاري الدولي الذي أعلن عن موافقته على عرض ساويرس ، حيث تقدم البنك الأهلي المملوك للدولة عبر شركة "الأهلي كابيتال"، بعرض منافس لعرض ساويرس ، قبل أن يسحب العرض نفسه في غضون 48 ساعة من إعلانه ، دون إبداء سبب مقتع لذلك الإنسحاب .
ما يشير الى الدهشة ، أن الحكومة أدركت متأخرة ، أن ساويرس يسعى لبناء كيان عملاق ( إمبراطورية ) يستحوذ على سوق المؤسسات المالية من السمسرة في البورصة والصفقات ، وكان ساويرس قد استحوذ قبل ما يقرب من عام على بنك الاستثمار " بلتون " ، الذي يعد من البنوك الخمسة الكبار العاملة في سوق المال ، ويسيطر على حصة قوية من سوقي السمسرة والصفقات بلغت 10% من إجمالي حجم السوق، وذلك في صفقة تخطت قيمتها مبلغ 600 مليون جنيه ، حيث إتضحت سياسة ساويرس منذ أن فشل في شراء أحد البنوك التجارية الكبيرة ، وسعيه الدائم لشراء بنك استثمار هيرمس، وهي ما يتيح له تحدي الهيمنة التي يفرضها بنك" إي إف جي- هيرمس" الاستثماري على صناعة الخدمات المالية ، بشراء بنكين هامين .
فالرأسمالية المصرية نشأت وتوحشت في ظل السيطرة الأجنبية ، والأدهي أنها باركت توحشها ، فهناك رجال أعمال الأن ينحدرون من أصول إقطاعية (البورجوازية القديمة) ، وأيضا رجال أعمال وليد الإنفتاح الإقتصادي والبورجوازية الإدارية ،ومع ذلك يوجد رجال أعمال جادون يحاولون جاهدين البقاء والنهوض بالإقتصاد ليكون إقتصادا وطنيا، ولكنهم يواجهون بالبيروقراطية الادارية والعملية ، التى وجدت خصيصا لهذا الغرض ، وكذلك بقاء الإحتكار .
فالخصخصة والإستحواذ وجهان لعملة واحدة وهي " الاحتكار " ، وخاصة إذا كان الهدف التحكم في منتج معين والسيطرة على الأسواق و إخراج المنافسين ، نحن في عصر تسود فيه المؤسسات الكبيرة التي تشترك فيها رؤوس الاموال من جميع الجنسيات ، التي تستغل حجم وكم التداخل والتشابك وإختلاط الاستثمارات المالية وتعقدها في المشروعات والشركات والبنوك ، بمعنى اكثر دقة سوف يكون أخطر ما في رؤوس الاموال تلك وبإستحواذها الكامل نتيجة لنسبتها وحجمها في الاقتصاد ، أن تتمتع "بإمتيازات" تبيح لها الانفراد باستغلال مرافق معينة دون وجود مزاحم لها ، وتمكنها من فرض إرادتها على الجمهور فرضا ، وأن تحتكر المرافق المصرية التى لها صفة المنفعة العامة ، اى المنافع التى لها صلة مباشرة بحياة الجمهور وصحته ومعاشه .
اذا ما نخشاه ان يكون الإستحواذ في إقتصادنا الضعيف الذي يعاني أساسا من عيوب هيكلية مزمنة وقصور في عموده الفقري هو الاحتكار بعينه ، بتحويل الرأسمالية الوطنية الى رأسمالية إحتكارية تابعة للمسيطر الأجنبي ، حيث يتم إجهاد المنشآت المتوسطة في الحجم والطاقة والإنتاج حتى ينتهي الأمر بإندثارها أو إرتباطها او اندماجها في الشركات الصناعية الكبرى التابعة للمسيطر الاجنبي في شكل من أشكال الاحتكارات المعروفة ،مثل " الكارتلات أو " الترستات " .
فالكارتلات وهو إتفاق بين مشروعات رأسمالية كبيرة متعددة تقدم نفس الإنتاج أو الخدمة ووصلت الى نفس المستوى الإنتاجي او الخدمي، لتكوين إتحاد يسمى بالإندماج الأفقي ويقتسم بموجبه الشركاء الأسواق بينهم ، حيث يحددون الأسعار وظروف البيع وغيرها ..، ونتيجة لذلك يمكنهم الحصول على أرباح إحتكارية عالمية ، وكل مشروع ينتمي الى الكارتل يمكنه أن يتصرف بإستقلالية إلا فيما يتعلق بمشاكل الانتاج والتسويق ، أما الترستات فهو أشد تقيدا وتركيزا ، ومن الملاحظ أن هذا النوع من الإحتكارات هو المراد تطبيقه الأن بقوة في إقتصادنا من جانب المحتكر ، وفيه تفقد المشروعات المندمجة تحته أفقيا ورأسيا إستقلالها كليا ، حيث يكون الترست مسئول عن كل شئ الانتاج والبيع والتمويل والتسويق ...الخ ، ثم يأتي الدور الاخير والمرسوم ليتمكن المحتكر من هيكل الأقتصاد ، بسيطرة الأحتكارات المالية الكبرى التي نشأت نتيجة الإستحواذ على البنوك والمصارف على المؤسسات والشركات الصناعية سيطرة تامة ، عن طريق التحكم في طرق تمويلها وإمداداتها من جهة ، وعن طريق مقدرتها على منع الإعتمادات المالية عنها وتخفيض أسعار اسهمها وحرمانها من الإئتمان وتشويه سمعتها المالية عند المتعاملين من جهة اخري ، بهدف تحقيق أغراضها ، وهنا تصبح الدولة ترضخ تحت الاحتلال تماما السياسي والاقتصادي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024


.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر




.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل


.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و




.. قناطير مقنطرة من الذهب والفضة على ضريح السيدة زينب