الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباس وازمة الكهرباء

مشتاق جباري
كاتب

2016 / 3 / 27
كتابات ساخرة


في ثمانينيات القرن الماضي ,كنا نعيش في احد اقضية محافظة ذي قار ,وكان في القضاء شخص مشهور ,اشهر من بريجيت باردو في زمانها ,لاينزل اسمه عن اللسنة الناس هناك ,الا ان ذكره اقترن بألسب والشتم ,رغم انه كان طيب القلب ,حسن السمعة ,رجل يعمل من اجل مساعدة الناس ,وتقديم ما يمكن تقديمه من خدمة لهم في القطاع الذي كان يعمل فيه قطاع الكهرباء ,ولم يكن قد سمع بعد ان ارضاء الناس غاية لاتدرك ,كان عمله في دائرة الكهرباء يخص معالجة الاعطال التي تحدث في محولات الكهرباء نتيجة الامطار او العواصف او غيرها, وهو غير مسؤول عن قطع التيار الكهربائي او غيرها من الامور,ولسوء حظه فأن الناس على بساطتهم وطيبة قلوبهم ,لم يعرفوا سواه ,وما ان تنقطع الكهرباء لأي سبب كان فأن الجميع وبما فيهم والدتي يسارعون لشتم عباس الموظف البسيط, وكان الانقطاع في تلك السنوات قليلآ الا انه يحصل ,ولسوء حظ (عباس ) فأن اسمه حفظته حتى ذاكرة الصغار ,الذين تعلموا شتمه من الكبار ,واصبح انقطاع التيار الكهربائي يعني العودة للطقس المفضل (شتم عباس ) ,حتى لو كان الرجل في اجازة كما حدث ذات مرة حين انقطعت الكهرباء ساعة واحدة تقريبآ ,وكان عباس مجازآ اجازة مرضية في حينها ,واهل القضاء على علم بذلك ,بل وان اكثرهم ذهب لزيارته في منزله وتمني الشفاء له ,ولكنهم ما ان عادوا الى منازلهم ,وانقطع التيار الكهربائي حتى شعروا بضرورة العودة للطقس المحبب وبدأت غريزة الشتم بألتواصل,ومن الطرائف التي اتذكرها حول هذا الامر ,اننا كنا قد انتقلنا للسكن في محافظة كربلاء في تسعينيات القرن الماضي ,وبدأت فترات انقطاع التيار الكهربائي بألأزدياد ,وكانت امي تلك المرأة الجنوبية البسيطة والطيبة لاتريد ان تفارق طقسها المفضل ,وهي لاتعترف بهذا الانتقال الجغرافي وتغير المكان معه ,فما ان انقطعت الكهرباء حتى بدأت تمعن في شتم عباس ,وحين قال لها والدي ان لاوجود لعباس هنا ,لم تصدقه ,وبقيت مصرة ومقتنعة بأنه هو الذي قطع التيار الكهربائي عنهم,ولم تفلح محاولات والدي في ثنيها عن هذا الاعتقاد,واستمرت في ذلك سنوات طويلة حتى سمعت ان عباس قد فارق الكهرباء بعد ان فارق الحياة .واليوم يشعركبار السن بألحنين الى عباس وايامه حيث لم تكن الكهرباء تنقطع الا فترات قصيرة جدآ (في فترة الثمانينات وما قبلها) تكون مناسبة لهم كي يمارسوا رياضة الشتم البريء,ذات يوم قال لي احد رجال ذلك الزمن من كبار السن : كنا في زمن عباس واحد ,نستطيع ان نتفق على شتمه وممارسة معارضة الشتم معه ,واما اليوم فأن الف عباس وعباس قد ظهرفي دائرة الكهرباء ,ولانعلم نشتم من ونترك من ,فعلآ ان امر العراق عجيب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة