الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التظاهرات في مفترق طرق، ومهامنا!

نادية محمود

2016 / 3 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


[email protected]

شهدت التظاهرات التي بدأت منذ اواخر تموز من السنة الماضية ولحد اليوم تطورين مهمين: الاول ربطت الجماهير وعبرت بشكل واضح وبصوت مسموع عن الصلة بين الاقتصاد والايديولوجيا والسياسة وذلك بفضحها منهج السلب والنهب والسرقات من دخل الدولة النفطي، وكشفت استخدام الطبقة الحاكمة لاساليب الديماغوغية والخداع الديني للجماهير. معبرة عن هذا الوعي بهتافاتها "باسم الدين باكونا الحرامية".
الا ان التطور الجديد والخطير هو دخول احد الاحزاب الحكومية في هذه التظاهرات، لترفع صوتها "بالاصلاحات". واقصد التيار الصدري. فمن جهة أنزل للشارع مؤيديه ينادون بالاصلاح منظما استعراضات "جماهيرية"، مظاهرة بلغت الالاف وبشكل مفاجيء، ثم نصب خيم اعتصام واعلان صلاة جمعة موحدة، جالبا الطيف الاسلامي ذاته ليكون مناصرا وداعما له. مقدما صورة واضحة ولا تخطئها العين عن نمط من سياسة اسلامية يوجهها تيار اسلامي لتكون هي الصورة السائدة لحكم وتوجيه المجتمع. من جهة ثانية يرسل التيار الصدري قائمته الى حكومة العبادي من المرشحين التكنوقراط محذرا من ان لم يجري التصويت للاصلاحات (اي تغيير الوجوه) فان "النواب الذين يمتنعون عن التصويت، سيكونون بالأسماء والخط العريض عبرة لمن اعتبر"!. واذن تمحورت كل مطالب الصدر ونداءه للاصلاحات "الجذرية وليس الترقيعية" و الـ" شلع قلع" حول تغيير الوجوه لا اكثر ولا اقل..
الا ان ما هو جدير بالتوقف عنده، هو ظهور طيف من المتظاهرين "المدنيين" مرحبين بـ"دور" التيار الصدري في هذه التظاهرات، عاقدين عليه الامال في ايجاد كتلة تجمع الصدري (وليس الاسلامي او الديني!!) مع المدني، دون الالتفات ولو لحظة الى ماهية الاسباب الحقيقية والاهداف التي يتعقبها هذا التيار من "دخوله" التظاهرات، او تنظيم الاعتصامات!
ان ما يجري يضعنا امام تحدي سياسي كبير، ومهمتنا الاجابة عليه. انه لمن المعلوم ان الاصلاحات عمل مطلوب دائما وعلى طول الخط حيث هنالك نظام طبقي رأسمالي سائد، وحيث ان توازن القوى لا يسمح للجماهير وللطبقة العاملة من ان تقيم نظام حكم يعبر عن مصالحها ومن اجلها، فان الجماهير ستسعى بكل الطرق المؤاتية الى تحسين احوالها ضمن نظام الحكم الراسمالي ذاته. لذلك يمكن وضع مهامنا في المرحلة الراهنة في نقطتين:
أولا: هو كشف، وباكثر ما يمكن المساعي الحقيقية للتيار الصدري، كتيار يبحث عن مكانه له بعد انحسار دوره وتأثيره داخل ائتلافه الشيعي، وسعيه الى اعادة مكانته مرة اخرى.
ثانيا: تبيان خطل التصورات التي ينشرها بعض المتظاهرين من التيار المدني ببناء الامنيات على تحقيق الاصلاح عبر التحالف او تشكيل كتل مع هذا التيار الرجعي.
يجب عدم فصل التيار الصدري، واعطائه امتيازا عن الاحزاب الاسلامية الاخرى. فمصالح التيار الصدري والطبقة الحاكمة في العراق هي مصالح واحدة ومشتركة، وهم طبقة حاكمة واحدة، وجوه متعددة لكيان واحد، لمصالح واحدة ولسياسات واضحة. ليس الالتفات الى حاجات الجماهير يشكل امرا مقلقا بالنسبة لها. واي مسعى لتضليل الجماهير بتبييض وجه التيار الصدري، يعني تقوية تيار برجوازي اسلامي رجعي على حساب تيار برجوازي اسلامي رجعي اخر. ان التيار الصدري على غاية من الخطورة بحيث انه يذهب الى استغلال البعض من الفقراء والمعوزين لتجنيدهم لصالحه، مستخدما الناس وتطلعاتهم كسلاح في خضم معركته مع اقرانه في التحالف الوطني.
النقطة الثانية التي يجب ان نضعها نصب اعيننا هي.. تنظيم القوة الطبقية للطبقة العاملة التي بامكانها احداث تأثير حقيقي وجدي في المجتمع. ان التظاهر في ساحات التحرير، لم يقلل ارباح الحكومة، ولم ينقص دولارا واحدا من رواتبها ولا من منافعها. لم يوقف عملية انتاج، ولم يرهق احدا. يمكن وبنظرة سريعة معرفة ان القوى المادية البشرية المدنية التي انخرطت في التظاهرات تمثل في الاعم الاشمل اوساط البرجوازية الصغيرة، المثقفين، واعضاء منظمات المجتمع المدني والعاطلين عن العمل. انهم ليسوا قوة مادية حقيقية تخيف الدولة. ان اضراب يوم واحد من عمال القطارات داخل مدينة مثل لندن يكلف الاقتصاد البريطاني ما يقارب 70 مليون دولار. ان هذه الخسائر هي التي تجعل الدولة تأخذ الاضراب او التظاهر بشكل جدي، وتحاول التوصل الى حل بشأنه باسرع وقت منعا للمزيد من الخسائر.
ان تنظيم قوة مادية طبقية حقيقية لاحداث تغيير يجب ان تجري في ميادين قادرة على ان ترغم الحكومة على الانصات وعلى الاستجابة. حين تصبح خسارتها اكثر فداحة من امكانية ربحها عندها ستصغي! ان قوة الاقتصاد في العراق تكمن في ذلك القطاع الذي يوفر 90 بالمئة من دخل الدولة وبشهادة القاصي والداني. اي القطاع النفطي. ان هذا هو اهم قطاع اقتصادي في العراق. هو القطاع الذي يمكنه ان يلوي ذراع الحكومة العراقية ويجعلها تسمع. بدون تنظيم هذا القطاع الذي يتوزع على اكثر من مدينة في العراق، لن تزعج الحكومة تظاهرات ساحة التحرير او ساحة الفردوس.
اننا، كشيوعيين، لن نتوقع قيام رأسمالية ذات "وجه أنساني" أو رأسمالية "منصفة "، ان هذا ليس من خصالها. ولكن بامكان الضغط عليها من اليد التي توجعها كما يقول المثل العراقي، يمكن ان يؤدي بها الى الاصغاء. والاكثر من هذا، تنظيم قوة مادية طبقية حقيقية قادرة ولديها القوة الاقتصادي القادرة على ارغام الحكومة للاصغاء. يجب ابقاء الوهج الاول لتلك الهتافات التي رفعت "باسم الدين باكونا الحرامية"، وترجمتها الى برنامج عمل لتحديد من هم اولئك الذين سرقوا، وكيف يمكن ابطال مفعول استخدام سلاح الدين كسلاح في المعركة. وهذا هو التحدي الذي امامنا لارغام الحكومة على القيام باصلاح بفعل قوة الجماهير المادية والواقعية المنفصلة عن الحكومة واحزابها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للزميلة نادية-1
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 3 / 28 - 15:59 )
تحية الى الزميلة نادية محمود
1. اتفق مع الزميلة المحترمة الى ان التيار الصدري هو تيار اسلامي دموي ارتكب وما زال يرتكب الكثير من الجرائم ( اغتيال اخوة الشهيد الشيوعي على سلمان قطاع 41 مدينة الثورة....).

2. اتفق مع السيدة على ان التيار المدني يجب ان يكون حذراً من التيار الصدري .

3. لكن الذي لا اتفق فيه معها , هو اقحام مفردات في غير محلها ولا زمانها ولا تمت بصلة لواقع العراق الان. مثلاً تقول الزميلة:
تيار برجوازي اسلامي رجعي على حساب تيار برجوازي اسلامي رجعي اخر
هذا تعبير غير صحيح ماركسياً.
لا افهم كيف تم اقحام هذه المفردة الفرنسية, bourgeois , و التي تعتبر الطبقة المهيمنة, ruling class, في مجتمع يسود فيه نمط الإنتاج الرأسمالي, في مجتمع مثل العراق الان
لكن على مايبدوا ان الزميلة استخدمته بشكل مجازي وهذا أيضاً غير صحيح.

يتبع لطفاً.....


2 - اقطاع النفطي
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 3 / 28 - 16:57 )
4. تقول الزميلة المحترمة : .. قوة الاقتصاد في العراق تكمن في ذلك القطاع الذي يوفر 90 بالمئة من دخل الدولة وبشهادة القاصي والداني. اي القطاع النفطي. ان هذا هو اهم قطاع اقتصادي في العراق.... ....الخ.

سيدتي الكريمة, يتألف القطاع النفطي من :
a. المصافي النفطية
b. و الابار النفطية

الهيكل الاداري للمصافي النفطية يتألف من:
i. مهندسين
ii. رئيس مشغلين....shift supervisor
iii. مشغل موقعي...field operator
iv. مشغل سيطرة...control operator
v. فنيون صيانة.....كهرباء, الالات دقيقة , انابيب...technician

إما الابار النفطية , فانها تتكون من:
1) حفر الابار
2) انتاج الابار
حفر الابار, هذا عمل موسمي , يعتمد على اكتشاف نفط خام تحت الارض, وعادة تقوم بهذا العمل شركات متخصصة.

يبقى الاهم وهو : انتاج الابار, فأن الهيكل الاداري لها , يشبه تقريباً, الهيكل الاداري للمصافي النفطية.
هذا هو التنظيم او الهيكل الاداري, سيدتي الكريمة.

في القطاع النفطي , (كما هو موضح في الهيكل الاداري), لا توجد طبقة عاملة بالمفهوم الماركسي للطبقة.

مع التقدير والاحترام.
جاسم الزيرجاوي


3 - تحية نادية محمود
جعفر محمد ( 2016 / 3 / 28 - 18:14 )
تحليل ستراتيجي مهم يستند الى وقائع ومعطيات الراهن العراقي.القوى المدنية و الديمقراطية في العراق لا تنوي التحالف مع الصدريين لتحقيق الاصلاحات المدنية. أنها تطمح فقط الى خلخلة أستقرار القوى الفاسدة وقطع تواصلها ورسوخها السلطوي.فترات الانقطاع مهمة جدا من أجل أعادة التشكيل و أعلاء أفق الممارسات و الانشطة المدنية في الواقع اليومي للحياة و كذلك لتفعيل ما تم أهماله عمدا من الاجراءات و القواعد المتفق عليها دستوريا/ تحية مرة أخرى.


4 - رد الى عبد الحسين سلمان و جاسم الزيرجاوي
Nadia Mahmood ( 2016 / 3 / 28 - 18:51 )
اعزائي لقد سمعتك كثيرا كلاما من قبيل لا توجد طبقة عاملة في العراق،و لا توجد طبقة عاملة في القطاع النفطي بالمفهوم الماركسي. ان تعريف العامل من وجهة نظر الماركسية هو بيع الانسان لقوة عمله، في مكان لا يمتلك فيه العامل ادوات الانتاج او الاستخراج، وان عائدية وسائل الاستخراج تعود اما للدولة او شركة حكومية او اهلية، محلية او عالمية،ويحصل العامل في هذا القطاع على -اجر- جراء - بيعه قوة عمله- التي يستخدمها لتشغيل وسائل الانتاج او وسائل الاستخراج والتصفية، لينتج - سلعة- هذه السلعة هي النفط. وسوق هذه السلعة سوق عالمي ومحلي ايضا. فان لم اطلق على هؤلاء الناس الذين يعملون في القطاع النفطي عمالا، مالتسمية التي تقترحوها اذن؟ كون القطاع النفطي قطاع لا يشبه القطاع الصناعي او الخدمي، قد يثير اسئلة لدينا. لكن المباديء الرئيسية لفهم الرأسمالية يمكن تطبيقها على هذا القطاع بكل بساطة. اذا كنا نتحدث عن ان النظام الاقتصادي في العراق اقتصاد رأسمالي، هذا يفترض بداهة وجود طبقة عاملة، والا لا معنى لوجود رأسمالية بدون طبقة عاملة، لا معنى لوجود شركات استثمار اجنبية بدون طبقة عاملة. مع تحياتي وشكرا لرسائلك


5 - الاستفادة من الوقت
Nadia Mahmood ( 2016 / 3 / 28 - 19:06 )
عزيزي جعفر محمد: اعتقد ان ما نحن بحاجة اليه هو التركيز، والتنظيم. ان القوى الفاسدة متخلخلة بما فيه الكفاية، ما اراه هو ان نتوجه الى تقوية صفوفنا واخراجها من حالة الخلخلة. . انهم يقومون بعملهم، ونحن نقوم بعمل لايرغمهم على الاصغاء او التنازل لنا ، التظاهرات فقط لن تنفع/ يجب تنظيم قوة مادية حية قادرة على ارغام الحكومة على الاستجابة جزئيا. ان عدم فصل صفوف القوى المدنية عن الدينية يؤدي الى خلخلة صفوفنا نحن وليس هم. هم الان يعيدون ترتيب امورهم بتوجيه ضربة الى قلب المطاليب. الان اركنت قضية الكهرباء وفرص العمل، اصبحت القضية وكأنها تغيير وجوه فقط. . يجب ان تتطابق اعمالنا مع مطاليبنا، ان كنا نطالب بفرص عمل يجب ان تتدخل قوى طبقية جادة في المجتمع، ومن هنا الطبقة العاملة وخاصة في القطاع النفطي يمكن ان يكون لها القول الفصل فيما اذا قررت التدخل سياسيا، وبامكان الحركة الاعتراضية بدلا من ان تتحدث عن التحالف الصدري - المدني ان تتحدث عن تحالف يمكن ان تعلق الامال عليه، وهذا يتطلب جهودا هائلة، لا نقوم بها للاسف ويجب ان نقوم .به. ان عمال النفط هم قوة ضاربة لو اخذنا دورهم بشكل جدي. تحياتي


6 - القطاع النفطي-2
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 3 / 28 - 19:54 )
سيدتي الكريمة
تحياتي ثانية

في العراق لا يوجد نمط إنتاج رأسمالي , نمط الإنتاج الرأسمالي يقوم على العمل المأجور , وفي إنتاج النفط الخام و تصفيته و توزيعه في العراق, يتم من خلال الدولة . و الهيكل الاداري الذي ذكرته في تعليق رقم 2 , سواء في المصافي النفطية او في انتاج النفط الخام, رواتبهم عالية جداً ولهم مخصصات خطورة و مخصصات موقع جغرافي و تأمين صحي و تقاعد وضمان اجتماعي. (شخصياً عملت في القطاع النفطي لمدة 30 سنة ).

سيدتي الكريمة: انتِ تتحدثين عن القطاع النفطي في امريكا واوروبا وليس في العراق.

نعم لا توجد طبقة عاملة الان في العراق بالمفهوم الماركسي للطبقة. ماركس اطلق على حالة مثل حالة العراق ب...estates ...بدلاً من ..Classes
يمكن قراءة مقالنا في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415304

مع التقدير و الاحترام ( عبد الحسين هو نفسه جاسم الزيرجاوي).


7 - شكرا عبد الحسين..
Nadia Mahmood ( 2016 / 3 / 28 - 23:52 )
شكرا على تعليقك مرة اخرى، ساقرأ مقالتك بامعان، وساواصل انا ايضا بحثي في هذه الموضوعة. لاني كما قلت اسمع الكثير حول انه لا توجد طبقة عاملة في العراق، والان تقول انه لا توجد طبقة عاملة في القطاع النفطي، نحتاج الى ان نكون لانفسنا صورة واضحة عن مالدينا اذن.. وجود المخصصات والضمان الاجتماعي والرواتب العالية لاتلغي ولا تنفي وجود استغلال ووجود اجر، ووجود عمل مأجور. في اغلب الدول الرأسمالية توجد كل هذه المخصصات، وهي مفروضة على اصحاب الاعمال سواء كان قطاع عام او خاص، لانها تؤخذ ببساطة من الضرائب، الطبقة العاملة في بريطانيا معروف عنها الاجور العالية، لكنها تبقى طبقة عاملة وتبيع قوة عملها، ويؤخذ منها . فائض القيمة. وجود هذه الامور لا يزيل عنها صفتها بكونها طبقة عاملة. ، المهم الموضوع في غاية الاهمية. ويقتضي الحديث عنه. تحياتي لك مرة اخرى

اخر الافلام

.. روسيا وفرنسا.. تصاعد في التوتر والتصريحات المتبادلة| #غرفة_ا


.. مصر تصعد من لهجتها تجاه إسرائيل وتحملها مسؤولية ما يحدث في ق




.. مارتن غريفيث لسكاي نيوز عربية: الحرب في غزة مازالت بعيدة عن


.. فض اعتصام طلاب جامعة ميشيغان الداعم لغزة بالقوة




.. في شهر واحد.. تعرف على حصيلة قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي