الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد الدرة ودرة أولادنا

علي محمد البهادلي

2016 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


محمد الدرة ودرة أولادنا
إن الخلاف بين المذاهب الإسلامية كان وما يزال نقطة سوداء في تاريخ الأمة، ولا أقصد الخلاف العلمي المبني على مرتكزات وقواعد مستنبطة من الكتاب والسنة النبوية، لكنني أقصد ذلك الخلاف الذي أدَّى منذ مئات السنين وما زال يؤدي إلى الشحناء والبغضاء والسباب والتشاتم بين المتنازعين والتقاتل وإهراق دماء المسلمين عدواً بغير علم وحقٍّ.
إن هذا الخلاف نتج نتائج سيئة للغاية تمثلت برفض الآخر ليس دينياً فقط بل حتى اجتماعياً وسياسياً وتسقيطه وتجويز قتله، ومن أبرز الاتجاهات التي رفعت من سقف الخلافات وأوصلتها إلى مرحلة الرقاب والأرواح هو الاتجاه الوهابي السلفي التكفيري المتخلف الذي رضي لنفسه أن يعيش في بيئة بدوية قاحلة من العلم والمعرفة وآفاق الروح ومنفتحة على فتاوى الغزو والقتل والسبي والتلذذ بتعذيب الآخرين لا سيما شيعة علي أمير المؤمنين.
عندما اقترفت آلة القتل الصهيونية جريمة مقتل الصبي الفلسطيني "محمد الدرة" انتفض الإعلام لذلك وكرَّر هذا المشهد المروِّع؛ حتى انطلقت انتفاضة جديدة أبان العقد التسعيني من القرن المنصرم وكان لإعلام الجمهورية الإسلامية الإيرانية موقفاً مشرفاً في ذلك، إذ غطت تبعات الجريمة والحراك الثوري ضد الاحتلال الإسرائيلي في وقتها، ولم تألُ جهداً في ذلك سياسياً وإعلامياً ومادياً، لكن المفارقة الكبرى إن آلاف المشاهد التي تتكرر يومياً على الساحة العراقية ويهرق فيها دماء المسلمين الشيعة لم يتحرك الإعلام العربي المتصهين لأجلها ولم يهتز له جفن، بل كان يسوِّغ تلك الأفعال الشنيعة بأوهى المسوِّغات كالانتقام لمظلومية أهل السنة واستعادة حقوقهم، ويبث السموم والأكاذيب لاستعطافهم في مشارق الأرض ومغاربها للإتيان بهم لمقاتلة الشيعة "الروافض" في العراق.
جريمة كجريمة تفجير ملعب الحصوة في محافظة بابل الذي راح ضحيته العشرات من الفتية المملوئين براءة ونقاءً تستحق أن نقف عندها ليس وقفة واحدة بل ملايين الوقفات؛ لنسبر غور الحقد الدفين الذي يكنُّـه هذا الإرهابيُّ ومن دفعه لتفجير هذا المحفل الرياضي، وتوعية الأمة العربية والإسلامية بجذور العنف وثقافة التصحر والبداوة التي يحملها هذا الفكر التكفيري، بل ينبغي الانطلاق نحو العالم بأفق أرحب لتحشيد كل الضمير الإنساني؛ لنصرة أبناء العراق الذين يقتلون يومياً ألف قتلة.
وإلى كل الأنظمة العربية ووسائل إعلامها ووعاظ السلاطين فيها، نحن أبناء علي بن أبي طالب لا نطلب الحق بالجور ولا نأخذ البريء بجرم المسيء سنبقى صابرين على أذاكم إلى أن يحكم الله بيننا وبينكم وهو أحكم الحاكمين، ونقول كما قال الشاعر مقارناً بين سجاياهم ومواقفهم النبيلة(ع) وبين سجايا ومواقف أعدائهم:
مـلكنا وكـان الـعفــوُ منّا سجيــةً فــــلمَّا مـلكتــم سـال بالدَّمِ أبطــحُ
وحـلَّلتـم قـتـلَ الأُسـارى وطالمـا غدونا عن الأسرى نعفُّ ونَصفحُ
فـحسبُكــم هــذا الـتفاوتُ بيـنَـنا وكـــلُّ إنـاءٍ بـالّــذي فيــه ينضحُ
والذي يحدونا لذلك هو كتاب ربنا الذي يقول " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" وقوله "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم" وقوله "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" وآخرها كلمة النبي من خطبة الوداع "إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ ، أَلا لا يَجْنِي جَانٍ إِلا عَلَى نَفْسِهِ ، لا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ ، وَلا يَجْنِي وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ ، أَلا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ ، فَلَيْسَ يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلا مَا أَحَلَّ لَهُ نَفْسُهُ ، أَلا وَإِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ... أَلا وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَوْضُوعٌ ، وَأَوَّلُ دَمٍ مِنْ دِمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ".
فليعِ من كان حياً فالموتى القلوب كثيرون، وقانا الله وإياكم أن نُصابُ بعمى القلوب كي لا نكون كالأنعام أو أضلَّ سبيلاً!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل