الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الصدريين

جعفر المظفر

2016 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ربيع الصدريين
جعفر المظفر
بعد أن كانوا وما زالوا مشاركين أساسيين في النظام السياسي الحاكم في بغداد وأحد صناعه الأساسيين يمنح الصدريون أنفسهم, وبعد ثلاثة عشر سنة مضت على عمر النظام, دور الثائر المتمرد. هذه الحقيقة لا تسقط حق الصدريين في المطالبة بالإصلاح ولا تقلل من قيمة دورهم في مساحة هذا التحرك, لكنها تبين من ناحية أخرى حدود قدرتهم على أن يكونوا حكما حقيقيا في معضلة كانوا هم أحد صناعها الأساسيين, إضافة إلى أنها يمكن أن تنبئنا منذ الوهلة الأولى بالمديات التي تستطيع هذه الإنتفاضة أن تصلها دون أن يكون الطريق الذي تسلكه خطرا على اصحابه أنفسهم, وليس على خصومهم فقط, مما يجعل ميكانيكية إرتدادهم عنها جاهزة للعمل في أية لحظة.
إن تجارب السنوات الأخيرة كانت أنبأتنا بوسطية التيار الصدري وبتردده في مواقف حاسمة, خاصة بعد أن حسم عدوه الشقيق حزب الدعوة قيادة الحكم الطائفي العراقي, وبدت معارضته مرتبطة بشكل أساسي بطبيعة هذه الخصومة البينية أكثر من كونها متأسسة على خلاف ذا علاقة بنيوية مع النظام الذين يشاركون في قيادته. أما الصفات الإيجابية التي تسبغ على التيار من وقت إلى آخر فهي تأتي من إعتبارات ذات طبيعة نسبية مرتبطة بمرحلة خالية من أي معطى إيجابي, وقد جعل ذلك الصدريين يبدون وكأنهم حركة واعدة.
إزاء إعلان الأحزاب الشيعية عن تبعيتها الصريحة لإيران بدت عراقية مواقف التيار أفضل من غيره من الأحزاب الشيعية, فالتيار كان يؤكد في العديد من الشعارات والخطابات والمواقف على الوحدة بين الشيعة والسنة وعلى تمسكه بالوطنية العراقية وكانت له مواقف إيجابية من قضايا معتصمي الأنبار, إضافة إلى مواقفه المتشددة من قيادي الهزيمة في نينوى وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, وقد ظل التيار متميزا في رفضه للإحتلال الأمريكي للعراق ومتميزا عن الأحزاب والشخصيات التي عادت مع الإحتلال بكونه معارضة داخل.
من ناحية أخرى نظَّر البعض لأهمية الطابع الطبقي للحركة الصدرية كونها تضم فقراء أو بروليتاريا الشيعة, بالمقارنة مع أفندية الشيعة (حزب الدعوة) وعمائم الشيعة (المجلس الإسلامي) مما يمنح الحركة طابعها الشعبي. غير أن اولئك لا ينسون الإشارة إلى كون هذه الصفة تفقد بريقها الثوري بفعل جهل معظم التيار وتدني مستوى تعليم أفراده وتبعيتهم المطلقة لرجل يفتقد لأبسط صفات كاريزما القيادة, إضافة إلى أن زعماء التيار السياسيين ومنهم وزراءه ونوابه كانوا جزء لا يتجزء عن مافيا الفساد مما لا يجعله بعيدا عن مساوئ النظام المدمرة, كما أن إعلان الصدر عن تخليه عن كل فاسد في حزبه قد جاء بطريقة مسرحية ليس بوسعها أن تخفي صلة التيار الحقيقية مع الفساد وإمتداداته السرطانية المدمرة.
بالنسبة لبعض فصائل الحراك المدني التي يقوده مستقلون وطنيون وكوادر ذات صلة بالقيادة الشيوعية فإن إنضمامهم إلى صفوف الإعتصام الذي يقوده الصدر يدعمه تفسيرهم لظرف المرحلة ولتقديرهم أن الصدريين هم أفضل ما فيها وفق سياسة ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن. وهم إذ لا ينكرون أن الصدر قد ركب عربة التيار المدني الداعي إلى إصلاح النظام فهم يعطون لأنفسهم الحق أيضا في ركوب عربته وصولا إلى أهدافهم.
لكن بالنسبة إلى آخرين فإن تحفظهم على المشاركة ينبع من تقديرهم أن الصدر قد إختطف حركة الرفض الجماهرية التي كانت تمثلت في مظاهرات ساحة التحرير ووضعها في خدمة صراعاته البينية مع مجموعة الدعوة وعصائب الحق, وإن قدرته على الإستمرار محدودة, وإنه في أفضل الأحوال لا يمثل البديل المعقول لنظام يجب ان يكون من الماضي, وإنه سيتراجع راضيا بإصلاحات هامشية لا تنال من بنية النظام نفسه المفرخة للفساد وللتدهور والتمزق الذي يشهده العراق دون توقف.
لماذا في ظنهم سيتراجع الصدر وكيف؟ لإنهم يعتقدون أن ذهابه ابعد من برنامجه الإصلاحي الهامشي ولو بخطوة سوف يضعه في مواجهة أخطائه, فهو ليس بريئا تماما من المعاصي التي إرتكبها النظام لبقائه طيلة الثلاثة عشر سنة الأخيرة أحد أهم فصائل التحالف السياسي الشيعي الذي يقود نظام المحاصة الطائفي. والصدر في النهاية ليس على إستعداد أن يلعب دور شمشون, وقبل ذلك فإنه لا يملك القوة التي كان عليها عملاق المعبد, إضافة إلى أن العراق لا يتحمل حلا على الطريقة الشمشونية, وهو ساحة خاضعة للاعبي القوى الإقليمية والدولية التي تحتفظ لنفسها الحق في اللعب بدوري الكبار, إضافة إلى أن ميليشيات النظام المتمثلة بمسلحي الدعوة وعصائب الحق ومجاميع لا يستهان بها من الحشد الشعبي هي مهيأة لخوض صراع المصير لو أن الصدر تجرأ وفتح بوابات جهنم التي سيصعب عليه غلقها بعد ذلك.
في خيمته التي نصبها داخل المنطقة الخضراء يبدو الصدر وكأنه قد إنتقل من موقع الثائر إلى موقع المفاوض, رافضا أن يلعب دور طارق بن زياد قبل فتح الأندلس, وفي مواجهته تقف قوى باتت تعرف أن عودة الصدر خالي الوفاض سوف تجعله يخسر بريقه الشعبوي وقد يتراجع دوره القيادي سواء على صعيد النظام أو على صعيد قيادته لتياره. وفي إتجاه كهذا لن يبدو خصمه المالكي وغريمه الخزعلي بعيدين عن المناورة لإسقاطه سياسيا بعد إعادته إلى جماهيره خالي الوفاض إلا من بعض إصلاحات شكلية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم