الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية ومآلات الصراع في شمال سورية

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2016 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


سوف يمر وقت طويل من المشاحنات والتواترات، العصبية بين الكورد والعرب السوريين، وقد تصل الى حدّ التقاتل، الذي تبدو ملامحه منظورة في الأفق القريب، فالدرجة العالية من التعبئة التي يكاد يصل إليها الطرفان، سوف تقود الى الانفجار، فكل الظروف قد أضحت مهيأة لذلك على الأرض في الشمال السوري، مع بروزمظلومية جديدة في المنطقة، أخذت تتشكل في واقع الأمر، عبر عديد من المظاهر، والإجراءات التي تجعل من سكان المناطق الشمالية السورية مثال: تل أبيض، الشدادي، شرق الفرات، مجموعات بشرية معتدى على حقوق وجودها التاريخي، وذلك لحساب مظلومية اخرى، تتصل بحرمان الأكراد من وطن قومي. ولكن هل يمكن أن يُرفع الحيف عن شعب، بالجور على آخر، وبالتوسع على الأرض بقوة السلاح.
وهل على عرب الجزيرة الفراتية، أن يتحملوا وزر السياسات الدولية، واتفاقاتها التي تركت الكورد خارج جغرافيا الدول والأقاليم ؟
الواقع ان ماتم اقراره من خطوات أحادية الجانب، تفتح المجال واسعا أمام تحديات وطنية تستوجب مناقشتها بكل وضوح وشفافية، وطرح كل الأفكار التي يسوقها كلا الطرفين عبر وسائل مختلفة، باستثناء القناة الأهم، وهي الحوار المباشر بين الفرقاء السوريين..
لي أن أسجل نقطة هامة، أن الأكراد حتى اليوم لم يقدموا قضيتهم الجوهرية أمام المجتمع السوري، بالكيفية التي تجعل منها قضية وطنية أساسية، كان التظلم قائماً حول قضايا التجنيس والتملك في المناطق الحدودية، بالدرجة الأولى. أما الحريات السياسية، فذلك شأن ينسحب على السوريين جميعا. على الدوام كانت القوى الكوردية التي تسوس المجتمع الكردي، حليفة لنظام الاستبداد، وتتحدث عن قضيتها الجوهرية، حق تقرير المصير داخل حدود الدولة التركية. وكان المجتمع السوري برمته، مؤمنا – ولا يزال – بقضيتهم، حاضناً وداعماً لهم، فكيف صارت الجزيرة أو الشمال السوري، غرب كوردستان إذن!
ليس من حق أحد أن يصادر الأحلام، لكن من حقي أن أصادر الغيمات إن كن سيجتحن بيادري، ويعثن فساداً في مرابعي. وكذلك الحال مع أكراد سورية، سوف أنأى بنفسي عن استخدام ألفاظ التعايش، والتبجيل، طالما مؤمن بأن المواطنة هي أرقى من كل الوشائج التي تجمعني بالكورد، مع السوريين جميعهم، بلا تصنيفات. ولمرة أخيرة سأقول أني غير مضطر وفقاً لذلك – في كل مرة – أن أذكّر بتأييد حقوق الأقليات، دون تحديدٍ أو استثناءٍ داخل المجتمع السوري أو غيره، وفقاً للمعاييرالدولية للحقوق والحريات، بالقدرعينه.
يستند رفضي لكل الخطوات التي يؤسس لها ويقوم بتنفيذها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ( الجناح السوري للعمال الكردستاني) ومؤسساته العسكرية والأمنية، و السياسية، إلى مرتكزات ثلاث، أولاها انتفاء الحقوق التاريخية بما يتداوله الكورد اليوم بشان غرب كوردستان، في سوريا. والأمر الثاني فقدان الثقة بصورة مطلقة في صالح مسلم من خلال تجربة السنوات الثلاث الأخيرة، من حيث الأعمال العسكرية والإجراءات ذات الطابع القسري التي قامت بها المجموعات المنضوية تحت إمرته، وقيادة جبال قنديل. ويتلخص الثالث في أنه إجراء قسري تم من طرف واحد، بحكم الأمر الواقع.
وهذه – في اعتقادي – كافية لاعتراض موضوعي، واتخاذ موقف مباشر، وثمة المزيد من الأسباب، غير انها تشكل محوراً هاماً وحيوياً للمناقشة، في ظل ما وصلت إليه المساعي الكوردية الأخيرة، بالانتقال من " المقاطعة " الى " الفيدرالية " في الشمال السوري، مع عدم الوضوح فيما إذا كانت الفيدرالية تخص الجزيرة السورية، للمناطق الممتمدة ما بين الفرات ودجلة، أم انها تضم الشمال كله من ديريك الى الساحل المتوسطي، وذاك مصدره العجزعن عبور الفرات.
الاجراءات التي تمت مؤخراً، لا تختلف بأي حال عن الممارسات التي دأب النظام البعثي – الأسدي على القيام بها، في مواجهة حقوق كل المواطنين السوريين، ومن ضمنهم المنتمين إلى اقليات عرقية وسواها. وهذا جانب رئيس جعل من موضوع الفيدرالية أمراً غير مقبول، ولأنه أيضا، جاء أحادياً دون أي توافق، وفي الأصل لم يسع "الكوردستاني " لذلك، ولم يفتح باباً أو نافذة للحوار حول سوريا المستقبل. وهذا التشابه، مصدره العلاقة الخاصة والوطيدة مابين نظام الأسد وميليشيات ومؤسسات مسلم.
لقد حظيت خطوة الفيدرالية، قبولاً كاملاً من جميع الكورد، بما فيهم اولئك الذين يشككون بنوايا وغايات صالح مسلم، ولا يثقون به. بالنسبة لي هذا امر طبيعي يحقق لهم تصالحا مع الذات. وذلك على خلاف مشروع المقاطعات الذي لم يلق إجماعاً كردياً، في ظل خلافات حادة وعميقة بين القوى السياسية الكردية
خلال مناقشاتنا مع الأصدقاء الكورد، يقولون لنا نحن سوريون، نحن نزحنا من شمال الخط، إلى جنوبه. لكن مايجري اليوم يشير الى تبدل في المواقف، سعياً بالوصول الى اقتطاع جزء من سوريا، استغلالاً لحالة الضعف التي تمر بها سوريا. وفي ظل الدعم الذي تتلقاه قوات سورية الديمقراطية تحت مسمى محاربة داعش.
الحقيقة أن هذا الدعم الغربي، يدرك الجميع انه يتصل باستراتيجيات المصالح المتبدلة والمتقلبة للقوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة. وفي اعتقادي أن الكورد سيمنون بخيبة امل كبيرة، كما جرى للسوريين الذي كانوا على ثقة بدعم انتقاضتهم من الغرب، الغرب الذي أدار ظهره بكل هدوء للجرائم المروعة التي تحدث يوميا في سوريا.
أول ماتصطدم به أحلام الكوردستاني، بالفيدرالية ، أوالإقليم، هي الإرادات الإقليمية والدولية، التي لم ولن تسمح بذلك، ولم تعط حتى مجرد إشارات على ذلك، حتى الآن.
وأخشى أن تكون سياسات مسلم ورفاقه، خطوات مميته للحق الكردي، وهي مشروعات داعمة للنظام، أن تؤدي الى خسارة وطنية للكورد والعرب في سوريا. و بلا شك أن تلك السياسات حرضت الأطراف والمكونات السورية ضد بعضها، ودفعتها كي تنال من بعضها، وأخرجت الخوف من مكمنه، وأضحى كل من الكورد والعرب " آخرون " يُخشى منهم. لقد نجح في حياكة رداء الضغينة بين السوريين، الذي يستجلب الظلمة والظلم..
أخيراً، لأن الحقوق والحريات، كلٌ لا يتجزأ، فإنني مؤمنٌ بحق تقرير المصير للكورد السوريين، توافقياً، وبالوسائل السلمية والدستورية. وهذه قضايا جوهرية يجب التأسيس للحوار حولها وعنها منذ اليوم.
..
___________
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د