الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنود الأمن المركزى ..عبيد الأسياد المنسيون

رياض حسن محرم

2016 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


"لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر جديد"
أمل دنقل
فى محاكمة وزير داخلية مبارك "حبيب العادلى" أثيرت قضية إستغلاله لجنود الأمن المركزى بتسخيرهم فى العمل بمزرعته الخاصة بمنطقة الواحات البحرية حيث سخّر أكثر من 300 مجند للعمل بمزرعته دون مقابل لأكثر من 3 أعوام، كما وجهت نفس التهمة الى مساعده لقطاع الأمن المركزى ومدير مكتبه، ولا أعلم حقيقة ما تم فى هذه القضية فهم بلا ثمن، تلك الممارسات مستمرة منذ إنشاء الأمن المركزى عام 1969 "بسبب تصاعد الإحتجاجات بعد الهزيمة" وتخصيصه لأعمال مكافحة المظاهرات وأعمال الشغب والقيام بالحراسات، ولم تتجاوز أعداد الجنود فى البداية 5000 جندى ولكن أعدادهم إستمرت فى التضاعف حتى بلغت ذروتها ( 300000 جندى بعد إنتفاضة 1977)، أذكر أن ضابطا كبيرا بالداخلية من قريتنا كان يخصص لأبوه عددا من جنود الأمن المركزى يعملون فى بيته ومزرعته "يسرحون بالبهائم ويزرعون ويحصدون" بلا مقابل وكانوا سعداء ببعدهم عن الضباط الذين يعذبوهم ويوجهون لهم الإهانات بصفة مستمرة.
معظمهم من أبناء معدمى الريف وفقراء الفلاحين الذين تختارهم لجان الفرز بالتجنيد لقضاء تجنيدهم الإجبارى بالداخلية ومعيار إختيارهم هو اللياقة البدنية وتدنى المستوى الثقافى، يتعرضون إلى تدريبات شاقة ولا إنسانية ويتعامل معهم الضباط كأنهم آلات صماء بلا مشاعر أو إرادة، فمن بين أساليب تدريبهم إجبارهم على الوقوف ثماني ساعات لا يتحركون خلالها ولو لقضاء الحاجة فضلاً عن شحنهم ضد أي مشاعر إنسانية قد تنتابهم أثناء أداء مهمتهم بتدريبهم على ضرب بعضهم البعض، والذى يعمق إحساسهم بالظلم ذلك التناقض المخيف بين بؤس حياتهم في المعسكرات والرفاهية البادية في الأماكن التي يكلفون بحراستها من بنوك وشركات وسفارات وفنادق وملاهي وكازينوهات، إنهم يعيشون فى معسكراتهم البائسة كحيوانات فى أقفاص، لكن هذه الحيوانات حين تتمرد يكون ذلك عنيفا ومدمرا، حدث ذلك فى 25 فبرايرعام 1986 فيما عرف بإنتفاضة الأمن المركزى والتى بدأت بمعسكرهم فى منطقة الأهرام لتمتد الى ثمانى محافظات وتستمر تلك الإحتجاجات أسبوعا أعلن خلاله حظر التجول وأمر مبارك وزير الدفاع "عبد الحليم أبو غزالة" بإنزال الجيش لقمع التمرد الذى كان حصيلته 6000 قتيل وآلاف الجرحى من الجنود وبعض المهمشين من المناطق الشعبية الذين إنضموا إليهم وذلك بحصدهم بطائرات الهليوكبتر من الجو، كما قام زكى بدر محافظ أسيوط بفتح هاويس الماء على الجنود لإغراقهم وتمت محاكمات عسكرية سريعة حكمت بإعدام العشرات منهم، كما تمت إقالة وزير الداخلية أحمد رشدى وعزل العديد من القيادات الأمنية، بعدها وجهت الأوامر بتحسين طفيف فى طرق المعاملة والأجور والمعسكرات ولكن سرعان ما عادت ريمة لعادتها، جاء ذلك التمرد على خلفية إنتشار إشاعة مفادها أن قرارا سيصدر بمد خدمتهم الإجبارية سنة أو سنتين وخصم قروشا من راتبهم الهزيل لصالح سداد ديون مصر، فى تلك الأحداث خرج الجنود من معسكرهم بالجيزة وقاموا بالهجوم على المحلات والملاهى والبنوك والفنادق بمنطقة الهرم وإحراقها كما تم إحراق عدد من السيارات الخاصة.
لم تنقطع حالات السخرة فى مصر منذ أيام الفراعنة حيث تم تشغيل الفلاحين بالسخرة فى بناء الأهرام لمدة شهرين أو ثلاثة فى العام، وفى عهد سعيد وإسماعيل تم تسخيرهم فى حفر قناة السويس وإستمر ذلك ممثلا فى جندى الأمن المركزى الذى يجند مسخرا لمدة 3 سنوات وكل دوره أن يقذف في أتون المظاهرات والحرائق والتفجيرات بردائه الأسود و"الشومة" التي يقبض عليها ودرعه البلاستيكي الذي يحاول به صد الطوب عن وجهه، إنه عسكري الأمن المركزي الذي تم تسخيره على مدار العقود السالفة كعصا غليظة للنظام، وغاية ما يفعله أن يؤمر فيطيع.
جسدت السينما فى بعض الأعمال ظروف حياة وعقلية هؤلاء الجنود مثالا لذلك دور الفنان أحمد زكى "سبع الليل" فى فيلم البريئ والفنان أشرف عبد الباقى فى فيلم الإرهاب والكباب، بينما أصدرت البى بى سى منذ فترة قريبة فيلما وثائقيا عن أوضاع الأمن المركزى فى مصر إستمر إعداده مدة 3 سنوات وتم التركيز فيه على حالات التعذيب والقتل التى يتم حفظها من جهات التحقيق بإعتبارها عمليات إنتحار أو موت عرضى، يقول "سعيد حفنى" الذى خدم بالأمن المركزى لمدة 3 سنوات " المعاملة وسخة لا توجد إنسانية، هناك نحن عبيد تحت يد ضباط الداخلية الذين يشرفون علينا، يقال لنا حين ندخل السلك كمجندين أن نترك كرامتنا خارج المعسكر"، كما أظهر الفيلم صورا لمجندين على جسمهم حروق شديدة بعد أن أجبرهم أحد الضباط على الزحف على بطونهم على رمال عالية الحرارة، لكن أهم ما فى الفيلم هو رصده لحالات القتل التى تحدث داخل المعسكرات ومنها ما تم فى 2012 من قتل ضابط لأحد المجندين قام على إثرها زملاؤه بقطع طريق القاهرة الأسكندرية، وفى 2014 تم إبلاغ أهل المجند "أحمد حسنى" بأن إبنهم فقد الوعى إثر ضربة شمس ومات أثناء محاولة إسعافه، وعندما ذهب فريق التصوير الى بيته بالشرقية قالت لهم أمه ”قالوا إنه تعرض لضربة شمس، أي ضربة شمس هذه التي سَببت جرحاً كبيراً في رأسه، وجَرحت حاجبه، وكَسرت سنه؟" وإتهم زملاء المجنى عليه ضابطا بالأمن المركزى بالتسبب فى قتله بعد أن ظل يضربه بعصا حتى مات لمخالفته لأمره، بعدها أثبت تقرير الطب الشرعى أن القتيل تعرض لضرب مبرح بالعصا على الرأس والظهر، كما عثر على كدمات على شكل حذاء عسكري على صدره، وتم تحويل الضابط الى محاكمة مدنية وبعد إسبوعين أفرج عنه بكفالة وعاد الى عمله ثم أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى تعديلاً على القانون الذي يُنظـّم محاكمة أفراد أجهزة الشرطة المصرية، وبموجبه "يختص القضاء العسكري، دون غيره، بالفصل في كافة الجرائم التي تقع من المجندين الملحقين بخدمة هيئة الشرطة" لتغلق المحاكمات المدنية لضباط الداخلية التى تعتبر دستوريا وزارة مدنية، وله الأمر من قبل ومن بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل