الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تصح المقارنة بين مقتدى الصدر وبين المرشح للرئاسة الأميركية رونالد ترامب ؟

حسين كركوش

2016 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


كتب Michaele Rubin الباحث في معهد انتربرايز الأميركي مقالا نشرته مجلة National Review واسعة الانتشار في الأوساط اليمينية المحافظة ، على موقعها بتاريخ 23/1/2016 عنوانه ( هل ترامب هو الصدر الأميركي ؟) قارن فيه بين المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب وبين زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر.
المقال ، كما نقرأ ، نشر قبل ثلاثة أشهر ، أي قبل المظاهرات الأخيرة التي شارك فيها التيار الصدري ، وقبل الاعتصام الحالي الذي ينفذه السيد مقتدى الصدر في المنطقة الخضراء.
و ما يحدث الآن في العراق هو سبب عودتي للمقال.
قبل ترجمة مقاطع من مقال مايكل روبين أجد من المفيد التنبيه لبعض الأمور.
مجلة ناشنال رفيو التي نشرت مقال روبين الذي قارن فيه بين الصدر وترامب ، تعتبر قلعة إعلامية لليمين الأميركي المحافظ ( المجلة تأسست سنة 1955 ) ، ومبّشرة بأفكار الحزب الجمهوري. وهي معروفة بذهنيتها اليمينية المحافظة التي لا تختلف كثيرا عن ذهنية ترامب. فهذا الأخير ليس متطفلا على اليمين الأميركي، وهو لم يأت للحزب الجمهوري من خارجه ، أو ينضم إليه بالصدفة.
ويقينا ، لو أن ترامب سؤل عن أسماء الصحف المفضلة عنده لما تردد أن يذكر من بينها ، وربما في المقدمة ، مجلة ناشنال رفيو.
لكن يبدو أن ما طرحه وبشر به و وعد بتنفيذه دونالد ترامب في حملته الانتخابية أغضب الأوساط اليمينية المحافظة. كذلك أغضب أشرس صقور (المحافظين الجدد) في الحزب الجمهوري الذين كانوا وراء غزو العراق عام 2003 و المعروفين بحماسهم للدفاع عن إسرائيل ، فنشروا ضده مقالات نارية ، وهدد بعضهم بالانشقاق من الحزب وتكوين حزب ثالث إذا دالت الأمور لترامب.
أسباب الغضب ليس لتقاطع حاد بين أفكار ترامب وأفكار هذه الأوساط ، وليس لأن ترامب عبر عن أفكاره بطريقة سوقية تهريجية فجة تأليبية ومفرطة في صراحتها ومغرقة في عدوانيتها. إنهم يخشون من (مزاجية) ترامب ومن تحويل مواقفه المزاجية ، التي أعلن عنها في خطبه ، إلى مواقف سياسية ملموسة إذا فاز بالانتخابات. وفي المقدمة من هذه المواقف هي أراءه بدعوة أميركا للوقوف بحياد إزاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني رغم تملق ترامب لإسرائيل ، وأن لا توغل أميركا كثيرا في اندفاعاتها العسكرية الخارجية أو ما تسمى (السياسة الانعزالية) ، وعدم رضاه لغزو العراق.
وباختصار ، أنهم يعتبرون ترامب سياسيا (مشاغبا) سيهدد ، في حال فوزه ، ما يعتبرونه السياسة الصحيحة ( Political Correctness) التي جهد الحزب الجمهوري في بنائها.
ولهذا رأت هذه الأوساط ، ممثلة في مجلة ناشنال رفيو ، أن تنأى بنفسها عن ترامب.
فقد فاجأت المجلة قرائها داخل الولايات المتحدة وخارجها عندما نشرت افتتاحية في 21/1/2016 أعطتها عنوانا صارخا: ( ضد ترامب Against Trump).
في تلك الافتتاحية وصفت المجلة ترامب بأنه (سياسي انتهازي ، سطحي ، لا عمق فلسفي عنده ، و هو سيدمر التوافق أو النسق الآيدولوجي المحافظ والواسع داخل الحزب الجمهوري ، لصالح شعبوية هجينة يروج لها شخص لا يملك غير الصراخ والكلمات الطنانة.)

وبعد يومين من تلك الافتتاحية نشرت المجلة نفسها مقال مايكل روبين الذي يقارن فيه بين ترامب والصدر، فيما يتعلق بالشهرة العائلية لكليهما ، وفيما يخص أفكارهما و نظرتهما للنشاط السياسي ، وأيضا فيما يتعلق بنوعية أنصار كل منهما.
روبين ينطلق في مقاله من رفض لأفكار ولمواقف ترامب والصدر معا. لكن روبين يعبر في مقالته عن كراهية عنيفة وازدراء شديد إزاء السيد مقتدى الصدر ، أكثر منها إزاء ترامب. ويصف روبين السيد مقتدى الصدر بأنه (إرهابي وقاتل) ، ويرى أنه من حسن الحظ أن مقتدى الصدر واجه فشلا أكثر مما واجه نجاحا خلال السنوات الأثني عشر الماضية. وروبين يرى أن السيد مقتدى الصدر ، مثل ترامب ، يهدد ما بنته الولايات المتحدة في العراق ، على طريقتها و وفق حساباتها وتصورها.

و غرضي من ترجمة فقرات من المقال ، كما وردت ، هو أن يطلع من يريد من القراء على كيفية تفكير من يشرف على تنفيذ السياسة الأميركية في العراق ، و مايكل روبين واحد من هولاء.
روبين كان ضابطا في وزارة الدفاع الأميركية ، وهو من المختصين بقضايا منطقتنا وخصوصا العراق وإيران وتركيا. روبين خريج جامعة يال ويحمل منها شهادة دكتوراه موضوعها البنى التحتية في إيران ، وسبق له أن عاش في العراق ، حيث عمل مع سلطة التحالف المؤقتة ، و عاش في إيران و اليمن وأفغانستان. ودّرس روبين في جامعات عديدة، وألقى محاضرات في جامعات السليمانية وأربيل وصلاح الدين. و ترأس روبين تحرير دوريات أميركية متخصصة بمنطقة الشرق الأوسط.
والأهم من ذلك ، وفيما يخص العراق ، فأن روبين مسؤول عن إعداد وتأهيل كبار الضباط الذين ترسلهم وزارة الدفاع الأميركية للعراق ، إذ يخضعون قبل سفرهم ، لدورات تأهيلية يعدها ويشرف عليها ويساهم فيها مايكل روبين ، أي أنهم يتخرجون ، قبل التحاقهم بمهماتهم العسكرية في العراق ، على يديه.

أترجم أدناه مقاطع من المقال، مع التأكيد مرة أخرى أن ترجمتي لا تعني، بأي حال من الأحوال الاتفاق مع ما يقوله الكاتب، وإنما أفعل ذلك ليطلع عليه من يريد.

(...) عندما أُسدل الستار على عملية تحرير العراق جذب الصدر إليه أولاءك الذين شعروا أنهم ظلوا على الهامش ولم يجدوا لهم مكانا في ظل النظام الجديد. وغالبية النخب ظلت تتحاشى مقتدى الصدر ، ولكنه كان يدفع أتباعه للصق أسمه وصوره في كل مكان متاح لهم. وحتى هذا اليوم فأننا نجد لافتات ضخمة تحمل صوره عند تقاطعات الطرق في بلدات ومدن في جنوب العراق ، بغض النظر عن نجاح حركته في الانتخابات.
(...) إن أسم الصدر ، كما هو الأمر مع ترامب في الولايات المتحدة ، يقترن بأسرة معروفة في العراق منذ زمن طويل ، حتى لو أن مقتدى اعتمد كثيرا على أسم الصدر موظفا لصالحه شهرة الذكاء والصدق الديني لوالده ونسيبه وأخوانه.
بالنسبة لترامب فهو ، بطبيعة الحال ، كون نفسه بنفسه. لكنه لم يُخلق من لا شيء واعتمد على سمعة وثروة أبيه، وعزز شهرته عن طريق تسويق نفسه وبطريقة ناجحة لأولاءك الساخطين على الوضع القائم.
(...) هناك نقاط تشابه عديدة بين التيار الصدري وبين جماهير المرشح الجمهوري. فالصدر قادر على الحديث بإسهاب عن مؤامرات لا أساس منطقي لها من أجل تحشيد الجمهور وراءه ، وهو ينتقص من أهمية القانون والعملية السياسية ويستهين بالواقع على الأرض ، في مسعى منه للحصول على حلول.
وفي هذه النقاط لا يختلف ترامب عن الصدر. ترامب يهدد بعمليات ترحيل جماعية لمهاجرين أجانب داخل الولايات المتحدة ، ويطري بتملق روح المواطنة الأميركية ، ويطعن في شرعية مواطنة الرئيس اوباما.
وفي الحالتين ، عند الصدر و أوباما فأن التفاخر و التباهي بالنفس يصبح مصدر قوة وليس عائقا.
(...) يوجد تشابه بين أنصار الصدر وأنصار ترامب. فأنصار الطرفين هم من بين أولاءك الناخبين المستعدين دائما وابدا لأن يعارضوا ، أكثر من كونهم يملكون مجموعة تصورات إيجابية واضحة.
(...) ترامب لا يتعامل مع السياسة بطريقة ايدولوجية متماسكة ومتناسقة على غرار ما يفعل منافسيه ، وكذلك الصدر. فالصدر ليس مخلصا لاشتراطات ثيولوجية وسياسية مثلما يفعل أكثرية المفكرين الشيعة في بغداد والنجف وكربلاء ولندن وحتى في طهران.
إن الحركة الصدرية ، ولأنها كانت دائما رجعية جدا وبنت نفسها على شخص وليس على فلسفة فأنها دائما متفجرة ومتقلبة. وهذا الكلام ينطبق أيضا على حركة ترامب. وعلى أي حال فأن ولاء الصدريين لقائدهم السياسي سليل الأسرة كان دائما ولاء سطحيا. وبطرق مماثلة فأن ترامب يجذب الأعداد الأقل من الحزب ، أو انه يجذب ولاءات شخصية يحصل عليها من الناخبين الذين يشكلون الاحتياط المضموم الذين يعتمد عليه كل ناخب في التاريخ.
(...) بإمكانك أن تمنح الناشط الصدري عرضا أفضل من ذاك الذي يقدمه مقتدى الصدر وسترى كيف ينسلخ من الحركة الصدرية. والحق أن هذا الكلام كان هو منطق أولاءك الذين يجادلون بأن قوة مقتدى الصدر بإمكانها أن تتراجع عن طريق استمالة عناصرها.
وهذا الكلام يصح أيضا على أنصار ترامب. فأعداد منهم سيقفزون من سفينة ترامب عندما يبدو لهم أن قائدهم يتجه بها إلى مرافيء خطرة.
(...) الحركة الصدرية أصبحت سّلما لحقن الحياة السياسة بتصورات وبشخصيات جديدة. خذ مثلا ، علي دواي محافظ ميسان ذا الشعبية. إنه ظهر من الحركة الصدرية. و استطاع بميزانية محدودة أن يشيد مباني وكورنيشات وأماكن لوقوف السيارات ، حصل بسببها على تقدير و حب أهالي المحافظة.
بالنسبة لترامب فأنه ، أيضا ، من الممكن تماما أن يضخ دما جديدا لنظام يعتقد عدد من الأميركين بأنه لم يعد يلبي مصالحهم ، منذ زمن بعيد.
(...) عرف الصدر تقدما وتراجعا خلال السنوات الأثني عشر الأخيرة – ولحسن الحظ فأنه واجه تراجعا أكثر من التقدم. وقد حاول الصدر أن يظل قوة سياسية تفريقية في بغداد حتى لو أن حظه أن يصبح قوة وطنية حقيقية ظل ضئيلا.
وفيما يخص ترامب فأن مهما سيحدث له شخصيا فأن حقيقة كونه صمد طويلا في نشاطه الانتخابي فأن هذه الحقيقية قد تعني أن الظاهرة التي اقترنت بأسمه ستستمر لسنوات قادمة.
(...) لو أن الصدر قد فشل في مسعاه ولم يخرج العربة العراقية من سكتها ، سياسيا وعسكريا واقتصاديا ، فأن من المحتمل ان العراق كان سيصبح أفضل بكثير مما هو عليه الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو