الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة التكنوقراط في العراق مطلب سياسي غير ناضج

عبد الستار الكعبي

2016 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حكومة التكنوقراط في العراق مطلب سياسي غير ناضج

التكنوقراط كلمة مستحدثة في قاموس التناول الثقافي والشعبي والسياسي العراقي فلم تكن هذه المفردة متداولة على الصعد الاعلامية والسياسية والثقافية بهذه الدرجة من الكثافة والقوة والخطورة وفي نفس الوقت مازال معناها غير محدد مثل الكثير من المصطلحات الجارية على الالسن فالبعض يقصد به اصحاب الشهادات العليا فقط واخرون يحصرونه بتماثل المنصب الوظيفي مع التخصص العلمي ومن جهة اخرى تفرعت الكلمة الى (تكنوقراط سياسي) و (تكنوقراط مهني) فالاول يعني ان يكون صاحب الشهادة منتميا الى جهة سياسية حتى وان كان بعيدا عن العمل الوظيفي في المؤسسة المراد تكليفه بها فيكفي فيه شهادته والثاني يعني ان يكون صاحب الشهادة ذا خبرة في مجال عمله ومتدرج وظيفيا فيه ويشترط فيه ان لايكون حزبيا اي انه تكنوقراط مستقل .
ويلاحظ ان كل المعاني المذكورة ترتبط بالشهادة وخاصة العليا وهذه ثقافة عراقية معروفة حيث ان المجتمع الوظيفي والفكر الاداري في العراق يركن الكفاءة غير المرتبطة بالشاهدة جانبا ولايعتبرها قادرة على ادارة الوزارة او المؤسسة وهذا بحد ذاته احد جوانب واحد اسباب الفشل في بناء الدولة وخاصة بعد عام 2003 .
واذا كان عامة الشعب و (نخبه المثقفة ) وتنظيماته السياسية ومجلس نوابه كلها تنادي بوجوب التغيير الحكومي الى حكومة تكنوقراط فهذه محطة تستحق التوقف عندها لان التركيز على هذا الجانب يعني ببساطة ان سبب الفشل هو عدم وجود تكنوقراط في الحكومات المتعاقبة وان نجاح العملية السياسية وبناء البلد مرتهن بتشكيل حكومة تكنوقراط وهذا الامر غير صحيح وغير واقعي حيث ان اهم مؤسسات الحكومة كانت ومازلت بيد التكنوقراط فوزارة التخطيط تعاقبت عليها شخصيات واطراف مهمة في العملية السياسية وكلهم اصحاب شهادات عليا ولكن واقع الدولة العراقية بعيدا جدا عن التخطيط وحسن الادارة ولاتوجد اي ملامح لهما في الواقع العراقي الحكومي ولا المجتمعي.
وامانة بغداد المسؤولة عن خدمات وجمال العاصمة ايضا تعاقب عليها اصحاب تخصصات هندسية ولكنهم كلهم فشلوا بشكل ذريع في انجاز ابسط الخدمات وهو تنظيف العاصمة من النفايات والازبال فضلا عن الخدمات الاساسية الاخرى كالماء الصالح للشرب ومجاري المياه الثقيلة والامطار فغرقت بغداد بالمطر والاوساخ وسائر اوجه الفساد حتى عدت بغداد اسوأ مدينة للعيش في العالم .
وزارة الصحة كذلك لم يستطع وزراؤها المتخصصون ان يطوروها هيكليا وخدماتيا فمازالت الخدمات الطبية في العراق سيئة جدا من ناحية انتشار الامراض وضعف الخدمات الطبية وفساد الادوية والادارات وغير ذلك .
واما وزارة الكهرباء التي تعاقب عليها المهندسون المختصون بهذا المجال فمازالت حلم يتمنى العراقي ان يرى في منامه انه يزود بالكهرباء لمدة 24 ساعة في اليوم ويبدو ان هذا سيطول الى سنوات بعيدة .
هذا اضافة الى اهم مؤسسات حماية الحكومة وهي هيأة النزاهة والقضاء المختص بالنزاهة التي تسنم مسؤوليتها مختصون في مجالها ولكنها مازالت تراوح في مكانها ولم تنجح في اداء واجباتها الدستورية والقانونية والمهنية بل ان الكثير من السياسيين يعتبر هاتين الجهتين فاشلتين استنادا الى واقعهما ونتائج عملهما .
ويتضح من هذا ان وجود التكنوقرط على راس مؤسسات الدولة العراقية لم يكن دافعا لها للنجاح في مهمتها المهنية مما يعني ان التكنوقراط ليس هو الشرط المطلوب للنجاح الوظيفي المهني .
ومن جهة اخرى فانه من باب المقارنة المخجلة لسياسيينا ان نذكر بان (نائب عريف حسين كامل ) كان على راس مؤسسة التصنيع العسكري في زمن النظام السابق ونجح في مجال عمله مع انه كان جاهلا بالكثير من تفاصيل عمله وحتى بمصطلحاته .
وعلى هذا فان مطلب تشكيل حكومة التكنوقراط هو مطلب غير واع مادام منفصلا عن باقي الارتباطات والتشعبات المؤثرة عليه في العملية السياسية في العراق .
وساتطرق في المقالة القادمة الى سبب الفشل في الدولة العراقية الحالية .
عبد الستار الكعبي
بغداد – 29 / 3/ 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا