الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.مصنع السعادة ( الحلقة 11)

ماجدة منصور

2016 / 4 / 1
الادب والفن


مازلت أتحدث عن مصنع السعادة لأنني على يقين أن هذا المصنع يقبع داخلنا و ربما كان في زوايا معتمة لا نستطيع رؤيته و أنا هنا أحاول أن أسلط الضوء عليه قدر استطاعتي.
في بحثي عن السعادة لا أعتمد على رأي فيلسوف أو نبي أو حكيم، أعتمد فقط على رؤيتي الخاصة لعل و عسى أن ألامس قلوبكم و مشاعركم و ضمائركم..فأنا يعز علي أن أحتكر السعادة لنفسي، بعد أن قبضت على مفاتيحها و أسرارها و خباياها . لأن سعادتي
لن تكتمل مالم تشاركوني بها.
البحث عن سعادتي الخاصة لم يكن باليسير أو السهل ذلك أني قد ولدت في بيئة هي أبعد ما تكون عن السعادة بل أستطيع القول أن بيئتي لم تعرف طعما للسعادة...و كيف للسعادة من سبيل في بيئة جاهلة..قاسية..تكره المرأة و تعاديها و خناجر رجالها جاهزة
لاجتثاث عنق أي امرأة دق قلبها للحب و الحياة و الحرية و الكرامة!!
من قال أن فاقد الشيئ لا يعطيه..هو على خطأ فادح لأن فاقد الشيئ يبحث عنه...و يحصل عليه...ثم يعطيه بغزارة كفيض المطر و اليانبيع.
لاحظت ، فيما لاحظته، أن الشعوب العربية هي شعوب عصبية...متوترة...متشنجة...سريعة الاستثارة و الغضب و لذلك هي أبعد ما تكون عن ادراك السعادة و كينونتها.. وفي أحيان كثيرة فان تلك الشعوب تستثار لأمور تافهة و سطحية و تبعد عن الاستثارة في
كل أمورها الجوهرية و الأساسية و التي تستدعي الغضب فعلا.
فنحن مثلا...يستثيرنا رسام قد رسم صورة نعتبرها تسيئ لمقدساتنا!!!!! و لا يستثيرنا منظر نساء و هي تسبى أو شيخ مسن يستجدي علبة دواء!!! أو طفل .يتطاير جسده الى أشلاء!!!أو مناظر الطائرات و هي تدك مدننا دكا..دكا..أو شكل شوارعنا المهدمة
أو منظر ملايين اللاجئين و هم يتسولون اللقمة و ينشدون الفرار!!! كل هذا لا يستثير فينا الغضب و النقمة و الثورة...عادي يعني...بل ما يفجر جنوننا و غضبنا الأعمى هو ريشة رسام اعتدى على ما نعتبره مقدسا!!!!! و هل الصورة .هي أقدس من الانسان
و كرامته!!!! نحن نحتاج الى تعريف جديد لمعنى الكرامة...اذا مازلنا نملك بعضا منها.
سأتحدث هنا عن شرط جوهري للسعادة، قد يستغربه الكثيرون، و لكني أؤمن بهذا الشرط أشد الايمان و أعني به شرط الهدوء.
.___________________________________الهدوء___________________________________________________
لما الاستعجال و أنا أعيش في قلب الأبدية و أعرف سلفا أن ما يخصني سوف يأتي الي ويزيد..فقط حينما أتمناه و أسعى اليه بكل قوتي التي منحني اياها ربي العزيز المقتدر!! ففي الهدوء تقبع كل الحكايات و في صمت اللسان ينطق القلب و الضمير و يتضح المعنى.
الهدوء حالة عقلية تتمثل بغياب الهياج و الاثارة و الاضطراب و يحدث الهدوء بسهولة للانسان العادي في حالة الاسترخاء،،وليس الاستخراء،، و لكن من الممكن حدوثه في الحالات الأكثر يقظة و وعيا و يجد بعض الناس أن تركيز العقل على شيئ خارجي أو .
حتى داخلي مثل التنفس قد يكون بحد ذاته مهدئا ، الهدوء ميزة من الممكن اكتسابها و تطويرها بالممارسة و العادة تتطلب عقلا مدربا على البقاء هادئا في مواجهة التنبيهات الخارجية المختلفة و مشتتات التركيز المحتملة خاصة العاطفية منها و هناك بعض الأنظمة
.السلوكية التي تحفز الهدوء مثل اليوغا، تمرينات الأسترخاء،،وليس الاستخراء..وهناك مصطلح آخر يترافق مع الهدوء يعرف بالسلام.( ويكيبيديا ،،بمعظمه)
.السعادة الحقيقية لا تحيا و تتعيش و تنمو الا اذا ترافقت مع الهدوء و السكون و الصمت و كم كنت أتمنى أن أجعل يوما للصمت كل سنة...فنحن قد ضعنا خلف الكلمات و الجمل و السطور...لقد ضيعتنا الفوضى، فوضى الكلام المستمر، فمتى نتعلم أن نخرس يوما
في السنة...يوما فقط نعيش فيه بلا كلام...عل و عسى أن نجد أنفسنا الضائعة في صمت الكلام...الكلام الكثير و الغير .مجدي على الاطلاق!!
بدون الهدوء نحن ضائعون وسط ضجيج الكلام وطالما كان الهدوء مستجلبا للتركيز...نعم التركيز على أنفسنا و مخططاتنا و أهدافنا في تلك الأرض المستلقة ..كمصيبة..في هذا الكون الهادئ و الصامت و المتناغم و المنسجم.
لنتعلم كيف نخرس عن الكلام و نبقى هادئون...و مالم نخرس عن الكلام...سنبقى أمة عصبية مهتاجة...أقرب ما نكون الى قرود العزيز داروين.
الهدوء شرط ضروري من شروط تحقيق سلامك الداخلي...يا فهمان كتير!!
الهدوء شرط من شروط تحضرك أيها العربي الغارق في الشعارات و الغيبيات و الهلوسات..أخي المواطن العربي من المي الى المي.
الهدوء سوف يقودك الى اكتشاف نفسك جيدا و من ثم الى اكتشاف الله...صدق أو لا تصدق..و الى جهنم ان لم تصدق.
اهدأ قليلا...على الأقل...كي تكتشف ذاتك و كينونتك فالبصمت تكتشف أروع الحقائق و أقدس المعاني لأنه بالصمت فقط...اكتشف .العارفون بالله.....الله.
اهدأ قليلا كي تتمتع بحياتك لأنه ..و بالصمت...نعرف ماذا نريد حقا.
كي تكون انسانا راقيا و متحضرا..تعلم لغة الصمت و تعلم كيف تخرس لسانك الذي يسبق تفكيرك .
وحين تتحدث...اخفض صوتك لأن الصوت العالي يزعجني تماما و لهذا أنا أصدق أن أنكر الأصوات...صوت الحمير...لأنه عالي و مزعج و لا نغم فيه...صح الحكي!!.
من يفتقد الهدوء، يفقد سلامه مع نفسه و محيطه فبالهدوء تطول أعمارنا و تتعمق سعادتنا و نرفع من روحنا المعنوية و الأخلاقية و نتمتع بالحضور المحبب...الهادئ..الجذاب..المتحضر ولا تنسى أبدا أنك و بالهدوء تستطيع مخاطبة العقلاء و تقترب الى الله.
لنجعل من الهدوء ايقونة مقدسة، نعلقها برقابنا، ونخاطب بها ضمير الانسانية و وجدان الله.
هنا أقف و من هناك أمشي و للحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-